سيكون يوماً عادياً يَوْم موتي
معزون عاديون سيحضرون جنازتي
وعصافير عادية ستحوم حولي؛ ثم تطير،
شمسٌ حارقة ستمر، ككل يوم، ثم تمضي
وفضوليون سيشهقون بطريقة آلية،
ويهمسون بكلمات لا أسمعها جيدا.
لن يبكي بقربي أحدٌ
ولن يفتقدني إلا طفلٌ عربي في بلادٍ نائية
كان قد قرأ قصيدتي هذه
وقرر أن يكون هو هو،
الناشرون سيهتمون بما تكتبه الصحف
ثم سيقول كل واحد منهم، دون اتفاق مسبق:
"لا جدوى. لم يعد هناك من يتذكره،
كان صاخباً لسنواتٍ قليلة، وحزيناً بقية عمره".
وسيتحولون إلى مشاريع أخرى
لكنّ ناشراً، واحداً فقط،
سيتحدث، مضطرا، إلى قناة ثقافية مساء موتي
سيهذي بالكثير عن معرفته بي
سيسرد قصصاً غبية، وأخرى أنا لا أعرفها،
وسيدّعي أنه يعرفني منذ التقاني في مهرجان شعري لم أحضره قط
دون أي إشارة منه إلى عدد المرات التي سرقني فيها
أو حتى إلى مسودات كتبي التي أهملها
لأنها ليست داعرةً بما يكفي.
سيكون يوماً عادياً
ستتسعُ عيناي فيه وجنازتي تعبرُ أمام بناية توشك أن تستقبلُ ساكنيها
ألمح نقّاشاً يبدع رسوماً أخيرة
النقاشون فنانون مبدعون
لم أعبّر لأي منهم خلال حياتي القصيرة عن الامتنان
لم أخبر أيَّ واحد منهم أنني أقدّر ما يفعل.
سيكون عادياً يوم موتي
وستكون الأرصفة، التي يتجاوزها جسدي محمولا، باهتة
والباعة في غيبوبتهم اليومية
لن يعرفني أي منهم
ولن يهتم بي أحدٌ لأنني لا أحمل نقوداً،
وبرغم كل هذا سيكون كل شيء عادياً أيضاً؛
حتى الحزن سيكون عادياً
كان أصدقائي قد مارسوه عشرات المرات
واخترعوا بعض الحِيل تجعلهم شديدي التأثر خلال الجنازة
أو أثناء مجلس العزاء
كما أنهم يحفظون عشرات الأعذار
للانسحاب المبكرِ من كل هذا السأم.
سيكون يوماً عادياً وهادئاً
لا جديد فيه إلا حركتي المتأففة
في انتظار أن يتركوني وحدي
فقد أدمنتُ العزلةَ&
حتى أنني بِتُّ أخاف مهرجان الخلاص العادي
الذي ينتظرني.
&