ترجمة حسّونة المصباحي
&
في السابع والعشرين من شهر حزيران-يونيو 1957، عثر على الروائي البريطاني مالكوم لاوري ميّتا في البيت الذي استقر فيه هو وزوجته "مارغري" في منطقة "سوسكس" ،وذلك مطلع عام 1955. وكان آنذاك قي الثامنة والأربعين من عمره. ومن المؤكد أن الإفراط في شرب الكحول القويّة كان سببا في هذا الموت المبكّر. وقبل رحيله بأشهر قليلة ،أخذت له صورة وهو جالس على ضفاف بحيرة. وكان يبدو متعبا، منطفئ النظرات، معتلّ الصحّة بشكل مثير للشفقة. ولعله رحل عن الدنيا من دون أن يعلم أن روايته "تحت البركان" التي كتبها من وحي يوم جهنمي في المكسيك، سوف تحقق له شهرة عالمية واسعة ،وسوف تسمح له بأن يكون واحدا من أعظم الروائيين في النصف الأول من القرن العشرين تماما مثلما هو الحال بالنسبة لجيمس جويس، وويليام فوكنر، وفيرجينا وولف، ومارسيل بروست، ولوي فارديناند سيلين...
ومثل جويس، وفوكنر، كتب مالكوم لاوري الشعر، وفيه أبدع.
هنا ترجمة للبعض من قصائده المنشورة في أعماله الكاملة.

-1:شاهدة قبر

مالكوم لاوري
من قدماء "باوري"
كان له نثر نضر
وغالبا رائع.
كان يعيش الليل، ويشرب في النهار
ومات وهو يعزف على الهارمونيكا.

-2:إستيقاظ (1953)

الرجل يشبه الرجل الذي يستيقظ متأخّرا
يتأمّل صحن عشائه الوسخ
وأيضا القناني الفارغة
كلّ الجرعات في التحيّات الواسعة لليل
مع ذلك لاتزال في قاع الكأس بقية مثل طُعْم مخيف
إلى أيّ حدّ يشبه ذاك الرجل هذا الذي
يترنّح بين الأشجار الصدئة
ذاهبا للبحث عن غداء من جُلْبَان السّردين
ومن شراب الروم المُهَوّى.

-3: مقطع(1940-1954)
(…)
أعينوني لكي أكتب،
دلّوني على المداخل
المؤدية إلى التعاليم
والقفص الذي تثبّت فيه روحي النظر
وحيث يمكن لشجاعتي أن تزأر من خلال القضبان.

-4: قصيدة

مبلّلة شوارع ليفربول
مبلّلة شوارع هارتليبول
وجسور مفزعة في الليل
منها نرى أعمدة الضوء الغريبة
أبكوا من أجلي.

-5: من دون تنّين الليل (1940-1954)

لا بدّ من ربط الكحول بمفاهيم الحريّة.
حياتنا المثاليّة تحتوي على تلك الخمّارة
حيث يمكن للإنسان أن يجلس وأن يثرثر أو أن يفكّر فقط
في كلّ شيء من دون أن يخشى تنّين الليل،
أو خمّارة أخرى حيث نعاين أنة ليس مكتوبا في مدخلها:” هنا لا شراب بالدّين"
وبالإضافة إلى أن البيرة فيها بلا حدود
ونحن سكارى بدون تبجّح
وبنا رغبة حارقة في أن نكتب قواعد العيش في بلاد أفضل
حيث يمكن للإنسان أن يشرب نبيذا أكثر صفاء
آه، نبيذا ليس مقطّرا يسمّمك بحذق ومن دون ألم
ناسجا صورة خمّارة
فيها نشرب من غير ديْن
بباب مفتوح وريح قويّة.

-6:لا وقت للتوقف ولا للتفكير (1941-1946)

الأمل الوحيد في كأس قادمة
تجوّلوا إذن بحسب أهوائكم
فلا وقت للتوقّف ولا للتفكير
الأمل الوحيد، كأس آخر.
لا جدوى من الإرتعاش على حافّة العَدَم
وأقلّ كلمة ستظل غير مجدية.
الأمل الوحيد في كأس قادمة
تجّوّلوا إذن بحسب أهوائكم.

-7:بعد صدور "تحت البركان" (1945-1946)

النجاح أفظع من كارثة مرعبة
أفظع من حريق في بيتك
ومن فرقعات انهياره
التي، بعد أن تسقط دعائم السقف، تتابع
بأكثر سرعة
بينما أنت واقف هكذا بلا حول ولا قوّة، شاهدا على خسارتك.

الشهرة ضدّ السّكْر
تأتي على بيت الروح
وتجعلك تُكْبر أنك لم تفعل شيئا آخر غير العمل على الحصول عليها.
آه! لو كان باستطاعتي أن أتلافى قبلتها الخائنة
وظللت إلى الأبد في العتمة التي سأغرق فيها.