يعد كتاب "آخر الحمهوريين" جردة حساب يقيمها آل بوش، وفيها رئيسان، لسياسات الرئيس الأميركي الحالي دونالد ترمب، التي ربما تأتي على الحزب الجمهوري أو ما بقي منه.
&
إيلاف من بيروت: الرئيس الأميركي دونالد ترمب ليس المفضل في أسرة بوش. فالرئيس السابق جورج بوش يعتبره "متبججًا لا تهمّه سوى تغذية أناه"، بينما يعتقد الرئيس السابق جورج بوش الابن أن ترمب يهوى إغضاب الجمهور، ووصل إلى هذا المنصب من دون أي فهم لوظيفته.

كلاهما قلق من أن ترمب ربما دمّر حزبًا جمهوريًا أمضيا دهرًا في بنائه، حزبًا التزم مرة إزالة الحدود المقيّدة للتجارة والهجرة، وتعزيز الديمقراطية والمجتمع المدني، وتأكيد دور قوي قيادي لأميركا في العالم، وفقًا لمؤلف أجرى مقابلات معهما.

"آخر الجمهوريين: في ثنايا العلاقة المذهلة بين جورج بوش الأب وجورج بوش الابن" The Last Republicans: Inside the Extraordinary Relationship Between George H.W. Bush and George W. Bush للمؤلف مارك ك. أوبدغروف، كتاب جديد عن "البوشين"، اللذين خدما في البيت الأبيض، يلقي نظرة على مخاوفهما من ترمب في السلطة وما يعنيه ذلك للبلاد. هو أول كتاب يفتح نافذة إلى وصول الرئيسين الأب والابن إلى سدّة الرئاسة، وعملهما جنبًا إلى جنب منذ جون آدامز وجون كوينسي آدمز.

معنى مزدوج

البوشان الرئيسان يحاسبان سياسات ترمب

في "آخر الجمهوريين"، يصف أوبدغروف بالتفصيل عصرًا يبدو قديمًا بالنسبة إلى الواقع السياسي الحالي، حين سيطرت المؤسسة الجمهورية على الحزب وواشنطن، وعندما تمكّنت عائلة واحدة من الوصول إلى منصب الرئيس ونائب الرئيس فترة 20 سنة.

لم يصوّت أي من الرئيسين الجمهوريين السابقين لترمب. صوّت الأب لمصلحة هيلاري كلينتون، بينما صوّت الابن لـ "لا أحد من الأسماء المذكورة"، وفقًا لما قاله لأوبدغروف.

في الواقع، في مرحلة ما خلال الحملة الرئاسية 2016، كشف بوش الابن سرّه للكاتب: "أنا قلق من أن أكون آخر رئيس جمهوري". من هنا استوحي عنوان الكتاب اقتباسًا يبدو أنه يحمل معنى مزدوجًا.

في إحدى المقابلات، صرّح أوبدغروف، الذي ألّف كتبًا عدة عن الرئاسة: "في ذلك الوقت، أعتقد أنه كان قلقًا من أن تفوز كلينتون. لكن إذا نظرتم إلى قيمه وتلك التي يتشاطرها والده مع رونالد ريغان، فهي تتناقض بشدّة مع قيم الحزب الجمهوري اليوم، ولا سيما المبادئ التي تبنّاها دونالد ترمب خلال السباق الرئاسي، والتي هي في الأساس سياسة الحماية ورهاب الأجانب".

رفض واضح
كان البيت الأبيض قد أطلق بيانًا يشير فيه إلى أن الناخبين الأميركيين اختاروا دخيلًا لتغيير نظام طويل الأمد اعتمده السياسيون لمصالح خاصة. وفي هذا السياق، صرّحت سارة هوكابي ساندرز، السكرتيرة الصحافية للبيت الأبيض: "لو كانوا مهتمين بالاستمرار في عقود من الأخطاء الباهظة الثمن، لفاز سياسي مؤسسي آخر يهتم بشكل أكبر بتفضيل السياسة على الشعب".

في مناقشة مع أوبدغروف عن ترمب، كان بوش الأب أشدّ فظاظة. فقد صرّح في مايو 2016: "أنا لا أحبه، لا أعرف الكثير عنه، لكنني أعلم أنه متفاخر. ولست متحمسًا جدًا لفكرة أن يصبح قائدًا". أضاف أن ترمب تحثّه "الأنا"، بدلًا من أن يكون دافعه الخدمة العامة.

أما بوش الابن فكان أكثر حذرًا، لكنّه أظهر أيضًا رفضًا واضحًا. شعر أبناء أسرة بوش بلسعة من هجمات ترمب المدمّرة التي ساعدت على القضاء على حملة جيب بوش، ابن الرئيس بوش الأب وشقيق الرئيس بوش الابن.

ووفقًا لحديث جورج دبليو بوش: "يمكنك استغلال الغضب والتحريض، أو يمكنك اقتراح أفكار للتعامل مع الغضب". ولفت إلى أن أخيه جيب اقترح حلولًا، لكنها "لم تتناسب مع المزاج".

أضاف: "إذا كنت غاضبًا من القوى الحاكمة، فأنت غاضب ممّا تسمى بالمؤسسة، وليس هناك شيء أكثر استقرارًا من وجود والد وشقيق كانا في سدّة الرئاسة".

لا يفهم الرئاسة
عندما دخل ترمب أول مرة في السباق الرئاسي، إعتقد بوش أنه لن يستمرّ طويلًا، وتفاجأ بنجاح المطوّر العقاري في مرحلة الترشيح. ومع ذلك، لم يكن معجبًا بما حدث.

عندما أعلن ترمب قائلًا: "أنا المستشار الخاص لنفسي"، إعتقد بوش أنه لم يفهم الرئاسة. كما أعرب عن أسفه لافتقاد ترمب إلى التواضع. "كما تعلمون من النظر إلى عائلتي، إنّه نوع من التراث، وهذا ما يتوقعونه، ونحن لا نرى ذلك" في ترمب.

نُشر هذا الكتاب بعد أسابيع من إلقاء الرئيس بوش خطابًا اعتُبر انتقادًا لنهج ترمب على صعيد الرئاسة والعالم. في كلمته أمام مؤتمر في نيويورك، انتقد بوش بشدّة ما أسماه "عداء المهاجرين" في سياسات اليوم و"القسوة اللامبالية" لهذه السياسات. من دون ذكر ترمب بالاسم، قال بوش: "يبدو أن التعصب أصبح جرأة، وسياساتنا تبدو أكثر عرضة لنظريات المؤامرة والتلفيق الصريح".

أوبدغروف، المدير السابق لمكتبة ومتحف ليندون بينس جونسون الرئاسي والرئيس التنفيذي المؤسس لـ National Medal of Honor Museum، حصل على فرصة التعرّف إلى بوش الأب والابن في السنوات الأخيرة، وأقنعهما بالتحدث معه من أجل تأليف كتاب عن علاقتهما، وهو موضوع كانت لديهما حساسية عليه حين كانت حياتهما السياسية لا تزال نشطة.

اعترض الرجلان على الافتراضات الشكسبيرية حول منافسات الأب والابن، وأصرّا على أنهما بقيا مقرّبين خلال فترة رئاسة بوش الابن، على الرغم من الشكوك حول خلاف حول حرب العراق. بيد أن والديّ جورج دابليو بوش كانا قلقين بشكل واضح من تأثير نائب الرئيس ديك تشيني والمستشارين المنتمين إلى حركة المحافظين الجدد.

الرجل السيء
ذكر أوبدغروف أن بوش الأب نصح ابنه بالتفكير في "تغيير التذكرة" في عام 2004، وهذا يعني أن يستبدل تشيني بمرشّح آخر لمنصب نائب الرئيس - مثلما اقترح بوش الابن على والده بشأن نائب الرئيس دان كويل في عام 1992. وتمامًا مثل والده، تجاهل الابن النصيحة.

قالت باربرا بوش لأوبدغروف إنها تعتقد أن تشيني تغيّر بسبب مشكلاته الصحية، بما في ذلك أزمة قلبية تبعتها عملية جراحية بعد وقت قصير من انتخابات عام 2000. وصرّحت: "أعتقد أنه كان مختلفًا. أظنّ أن عملية قلبه أحدثت فرقًا. لطالما راقني، لكنّه لم يعد يروقني كثيرًا فترة من الوقت، لأنني كنت أرى أنّه يضر بجورج. لم أكن مولعة به. أعتقد أنه دفع الأمور نحو اليمين المتطرّف".

استاء بوش الابن من التلميح إلى أن أحدًا يقوده، وعلّق قائلًا إن فكرة أن تساورهم الشكوك حول هوية الرئيس الفعلية صدمته. وأضاف أن تشيني ودونالد رامسفيلد وزير دفاعه "لم يتخذا قرارًا واحدًا حتى".

لكنّه أصرّ على أن تشيني خدمه بشكل جيد، وقال إن سمعة نائب الرئيس المظلمة أحيانًا أمر لا مفر منه، "أنا أفهم الطريقة التي يعمل بها النظام. شخص ما يجب أن يكون الرجل السيء".
&
&
&