عبد المجيد آيت مينة: أعلن "بيت الشعر في المغرب" عن فوز شاعر الطوارق محمدين خواد بـ"جائزة الأركانة العالمية للشعر" في دورتها الثانية عشر.

وسبق أن فاز بهذه الجائزة، التي تبلغ قيمتها المادية اثني عشر ألف دولار ، والتي أحدثها "بيت الشعر في المغرب"، عام 2002، ويمنحها بشراكة مع مؤسّسة الرّعاية لصندوق الإيداع والتدبير وتعاوُن مع وزارة الثقافة والاتصال، ثلاثة شعراء مغاربة، هم الطاهر بن جلون (2010) ومحمد السرغيني (2005) ومحمد بنطلحة (2017)، علاوة على ثمانية من الشعراء العرب والعالميين: الألماني فولكر براون (2015) والبرتغالي نونو جوديس (2014) والفرنسي إيف بونفوا (2013) والصيني بي داو (2003) والفلسطيني محمود درويش (2008) والعراقي سعدي يوسف (2009) والإسباني أنطونيو غامونيدا (2012) والأميركية مارلين هاكر (2011).

وضمت لجنة تحكيم الجائزة، في دورة هذه السنة، الشاعر اللبناني، المقيم في باريس، عيسى مخلوف، رئيساً، وعضوية الناقدة سناء غواتي والناقدين عبد الرحمن طنكول وخالد بلقاسم والشعراء نجيب خداري، ومراد القادري، وعبد السلام المساوي،و منير سرحاني ، وحسن نجمي أمين عام الجائزة.

تجديد الرؤية

نقرأ في بيان لـ"بيت الشعر في المغرب"، أصدره بالمناسبة، أن قصيدة شاعر الطوارق محمدين خواد، حرصت، مُنذ أربعة عقود، على "تحصين المعرفة التي منها تغتذي، وعلى تمكين المُقاومة بالكلمة من تشعّباتها، وعلى جَعل الترحال مكاناً شعريّاً وفكريّاً لإنتاج المعنى وتجديد الرؤية إلى الذات وإلى العالم".

وأشار البيان إلى أن التجربة الشعريّة لمحمدين خواد لا تنفصل عن تجربة الترحّل والتيه، على نحو جعلَ "كتابته مشدودةً إلى الأقاصي، وإلى شسوع فضاء الصحراء، الذي تحوّلَ في مُمارَسته النصية إلى شسوع معنى".

وزاد البيان: "من حمولات الأقاصي، كانت تجربة الشاعر محمدين خواد تبني المعنى في تفاعُل حَيويّ مع زَمنها. لقد توغّلت كتابتُهُ بعيداً في تأمّل الفضاء، لا اعتماداً على التجريد، بل استناداً إلى تجربة ملموسة، فيها تلقى خواد، مُنذ تربيته الأولى، أبجدية الترحّل، ومنها خبرَ كيفية الانتساب إلى فضاء الصحراء. وهو ما جعلَ الأمداء والآفاق والأقاصي جزءاً من تجربة وجوديّة مُمتدّة في الزمن، قبل أن تشهدَ امتداداتها وتفرّعاتها في البناء الشعريّ والدلاليّ لمُمارسة الشاعر النصيّة. وهي الامتدادات التي انطوَت على رفض لافت للفضاء الواحد، وهيّأت كتابة خواد للاشتغال ضدّ النّسق".

إمساك باللانهائي

شدد بيان "بيت الشعر في المغرب" على أن صدى رُؤية الشاعر خواد عن الفضاء والتيه والسَّفر في الذات وفي العالم "سارٍ في أعماله الشعريّة وفي رُسومه كذلك"، بما هي "رُؤيةٌ جَعلَت اللانهائيَّ أحدَ المدارات الرئيسَة التي عليها ينبني المعنى في تجربة الشاعر، حتى لتبدو لغتهُ، في تفاعُلها مع فضاء الصحراء ومع التيه والترحّل، كما لو أنّها ترومُ الإمساكَ بهذا اللانهائيّ، الذي بقدر ما يَبقى، مُنفلتاً بحُكم جَوهره، يَجتذبُ اللغة نحو مُلامسة حُدودها واختبار تجربة تجاوُز الحدود". وأضاف: "شعرُ خواد مُنشغلٌ بما يُتيحُ للحياةِ وللّغة الاتساعَ الذي خبرهُ الشاعر من داخل الترحّل. انشغالٌ يَرومُ، في العُمق، تمكينَ الآفاق من التعدّد. لذلك ظلّت مَوضوعة الأفق، باحتمالاتها الدلاليّة المُتشعّبة، حاضرةَ في طيات أعمال الشاعر خواد، ومُستجيبةً للترحّل بما هو تيهٌ لانهائيّ، بل إن أعمال الشاعر تكشفُ أنّ الأفقَ المُمكنَ هو التيه ذاتُه".

تجرية داخلية

ورأى بيان "بيت الشعر في المغرب" أن "الحَيويّ في تجربة الشاعر محمدين خواد هو أنّ التيه فيها لم يكُن تجربة مع فضاء لا حدّ له وحسب، بل كان أيضاً تجربة داخليّة، بها اكتسى تصوّر المنفى في تجربة الشاعر معنى خاصّاً، إذ سمحَت نصوصُه الشعريّة بمُلامسة المنفى بوصفه منفى إراديّاً، فيه يأخذ الاغتراب دلالة باطنيّة بعيدة الغور. وهو ما يتبدّى من نقل الشاعر لموضوعة الظمأ، التي خصّها بأكثر من مجموعة شعريّة، من معناها الأول إلى معانٍ لا حدّ لها".

وصية البدوي

واستعرض بيان "بيت الشعر في المغرب" تجرية الشاعر الفائز، الذي كتبَ قصيدته بتمجاغت التي كان يُدوّنها بحرف تيفيناغ، مشيراً إلى أنه "مكّنَ لغته، التي غذّاها بتعدّد أجناسيّ لافت، من امتداد عالميّ تشهدُ عليه الترجمات التي عرفتها أعماله، والدراسات التي قارَبَت هذه الأعمال".

ولد الشّاعر الفائز مُحمدين خواد سنة 1950 في منطقة إير (النيجر)، ويعيش، حالياً، بفرنسا، التي نشر بها عدداً من القصائد؛ والملاحم؛ والأعمال الأدبية، التي حظيت جُلّها بالترجمة إلى الكثير من اللغات، ومن ضمنها اللغة العربية التي ظهرت فيها "وصية البدوي"، التي قام بترجمتها الشاعر أدونيس.