ترجمة وتقديم: عباس الحسيني&
&
في الحوارات الانسانية المرتبكة والحزينة، عادة ما يأتي& السؤال الوجودي، ليتمحور حول سر وجودنا الإنساني وعذاباتنا، وحقيقة الخلاص من آلامنا الارضيّة& ، عند اول او اخر الحوارات .. تتضح الرؤية وتتم الاجابات ، بوعي او بتجهم. هكذا يضعنا كاتب سيناريو فلم الملجأ امام سؤال الوجود تارة ، وامام سؤال المؤسسة الحكومية تارة اخرى .&
ليس الفلم معالجة لظاهرة التشرد المشردين في اميركا ،& لكنه التقاطة لفداحة مصير المشاعر الانسانية على ارصفة اهم حضارات عالمنا المعاصر. فحين يعشق أنتوني مكين ، المهاجر النيجيري ، امرأة أميركية جانيفار كونلي، وهي& مشردة ومدمنة مخدرات، فانه ينطلق من الفطرة الانسانية ، فأغلبهم كما يشير عالم النفس جيمس وليم ، لا يفرقون بين الشهوة والغريزة ، فالغريزة هي مشاعر حيوانية عمياء ، اما الشهوة فهي مشاعر إنسانية واعية ، وهنا تعمل الفطرة الانسانية للتدليل على قيمة الفعل الإنساني .... فقد تتبع المهاجر النيجيري تلك المراة لعدة ليال وكان يحرسها في الشارع حين تنام ، ويقدم لها الطعام العسير عند الصباح ، ويمنعها من الانتحار ، لكنه في المحصلة الوجودية ، مجرد مشرد ومهاجر من قارة الم وفقر ، الى قارة اتساع وضياع.&
الحوار الإنساني وبمصاحبة موسيقى واعية ، يبرز لنا قدرات الانسان على التحول ، انها الصورة الاولى لآدم وحواء، حيث المكان عدو للكائن ، او ان الكائن يبدو غريبا عن المكان وعصي على الانتماء، وحيث الالتحام الجسدي ، يعقبه الشعور بالكرامة ، فيحاول العاشقان المشردان التحول من بيئة الضياع الى الملجأ& لكن المصائر البشرية لا تدرك سر قدم كتابتها ، حيث يمرض المهاجر النيجيري ، وهو العاشق المقدام ، ليجد شريكة ألمه تتعرض لاغتصاب مسؤول في مؤسسة اجتماعية ،&
يقدم المهاجر على قتل المعتدي بكل وحشية ، وليموت المهاجر وحيدا بين يدي حبيبته ، تضع الحبيب جثة عاشقها في سرير خشبي وتقع بها الى منتصف نهر اصم وأعمى. هناك لا شي سوى الضباب ، الموت يشبه ضبابا كثيفا ، كما يقول الشاعر الارجنتيني بورغيس ، حيث الضباب الابدي يغلف المدينة والأفكار والمصائر ويحيلها كلها الى الأبيض الناصع كدوران العناصر حول بعضها البعض .&حيث يتفوق اللون الأبيض ليزيل صفات العناصر كلها&
المخرج بول بيتاني وضعنا ، ومنذ البدء امام جماليات الأداء الكبرى ، بعيدا عن ترف هوليوود ،& وذلك حين مرر العاشقان كلصين يسكنان قصرا متروكا ، فيرتديا ، ملابس النبلاء ، ويسكران بنبيذ نفيس ، ليصبحا بالم ازلي ، الفلم الذي أنتج وقدم عام ٢٠١٤ حقق نسبة عالية من النجاح ، وحقق جوائز في الأداء والموسيقى والاختيارات الفنية .&
اريزونــــا