ترجمة حسونة المصباحي

تقليدا لشيشرون (ماركوس توليوس كيكرو(106 ق.م 43 ق.م) كاتب وخطيب روماني شهير)

ثعبان، مُنْدفعا من جذع مُقَعّر لشجرة بلوط
رمي بسمّه الأسود النسرَ صديق الآلهة.
والطائر النبيل انحني ومخالبه المتعالية
لم تلبث أن عاقبت الزّاحفة الشنيعة.

والثعبان، الذي كان يَبْرم عقْداته بافتخار،
جُرح بدوره في الجنْب والمنقار الذهبيّ
لملاك السماوات، والذي لا يزال أحمر بانتصاره،
مزّق إلى عشرين قطعة عدوّه الميّت.

مُرْضيا انتقامه الجليل،
ومُشْبعا عينه بالدم القرمزيّ،
ألقى النسر عندئذ بعيدا بقايا جثة عدوه المقتول ،
ثم فاتحا جناحه للريح، طار باتجاه الشمس.

طموح

( أجنحة! أجنحة!)
روكرت
هذا الوادي حزين ورماديّ: ضباب بارد
يجثم عليه.
الأفق مُجَعّد مثل جبين عجوز.
أيها الطائر، هبني طيرانك،
وأنت أيها الغزال امْنَحْني سرعتك
ويا أيها البرق خذْني !
بسرعة، بأشد سرعة،
إلى سهول السماء حيث الربيع ملك،
يدعونا
إلى الحفل الأبدي، إلى الحفلة الموسيقية
التي تصدح دائما،
وصداها البعيد، يعكّرُ وَتَرَ قلبي الخافق.
هناك، مُشعّة ، تحت عين الله الذي يباركها،
أزهار غريبة، وهناك، أشجار عليها تزقزق مثل عشّ
آلاف الملائكة.
هناك، الأصوات التي نحلم بها، هناك كلّ الأبّهات
المنيعة
تشكل جميعها بنشيد خارق، جوقات
عجيبة!
هناك، بواخر لا تحصى، بحبال من نار،
تشقّ أمواج
بحيرة من الماس فيها ترتسم السماء الزرقاء
مع العوالم.
هناك ، في الأجواء المفتونة، ترفرف روائح مُدهشة
تُسكر في الآن نفسه العقول والقلوب
بمداعباتها.
صبابا عذروات، ببشرة فوسفوريّة، وبعيون
يحتوي مدارها الصارم
على الإتساع الكوكبي للسماوات
والسرّ الخفيّ ،
يضاجعن هناك بعفة وطهارة، مثلما ينسجم مع الباريات*، الشاعر القديس،
الذي يرى فيالق الأرواح
تُدَوّمُ فوق رأسه.
الروح، في جنة عدن هذه تعبّ المثاليَّ،
فيضا رائعا،
يسّاقط من أعالي الأماكن ويدحرجُ بلوره الصافي
من دون تجعيد.
آه! أحمْلُ إلى تلك السماء السابعة،
أنا، الصعلوك المسكين، أنا، إبن آدم الهزيل، قلب كله بشريّ، بعيدا عن الأرض،
بعيدا عن هذه العالم المدنّسَ حيث الفعل يدمّرُ الحلمَ كلّ يوم ،
وحيث الذهب يعوّضُ كلّ شيء، الجمال، الفن، الحب،
حيث لا يرتفعُ
أي ّمجد طاهر قليلا إلاّ
ويغتصبه الصّفارون،
حيث الفنانون إذا ما هم أرادوا تجريد الساخرين من أسلحتهم
تلطّخُوا بالعار،
بعيدا عن هذا السجن، الشاق، حيث، باستثناء الفاسق الذي ينام،
جميعهم سَفَلَة ومنحطّون،
بعيدا عن كل ما يحيا، بعيدا عن البشر،
وأبعد أكثر عن النساء،
أيها النسر، للحالم الجسور، لكي تجتثه من الأرض،
إفتَحْ جناحك!
أيها البرق، خذني، أعرْني طيرانك،
أيها الطائر، وسرعتَك أيها الغزال!

أبيات من ذهب

الفنّ لاير غب أبدا في البكائيّات ولا يُصَالحُ ،
ها فني الشعري في كلمتين:
هو مصنوع بكثير من الإحتقار للإنسان بمعارك
ضدّ الحبّ الصّارخ وضد القلق الأبله.
أعلم أنه لا بد من التألم لكي نصعد إلى تلك القمة
وكم هو وَعْر المُنْحَدَرُ عند النظر إليه من أسفل.
أعلم ذلك، وأعلم أيضا أن أكثر من شاعر له كليتان ضيّقتان ورئتان مثقلتان بالشحم.

أولئك أيضا عظماء، بقطع النظر عن الغيرة والحسد،
انتصروا على الحياة في المعركة العسيرة
وتخلّصوا من ثقل الإنفعالات،
بينما الحالم يعيش خاملا مثل شجرة
وتضطرب-ركاما نائحا-الأمم،
وتستغرق في التأمل في أنانية من مرمر.
&