يمشي العالم الديمقراطي اليوم على وقع زر "اللايك" أو "الشير" في عالم التواصل الاجتماعي. إنها الصدف التي تجتمع فعليًا لتؤلف عالمًا من الديمقراطية المنقسمة.

إيلاف: يتوجب على وسائل الإعلام الاجتماعي تشجيع الصدف بدلًا من التجارب المخصصة. ففي يونيو الماضي، أعلن فايسبوك إضفاء تغيير على صفحة آخر الأخبار.&

جمهورية بديلة بديمقراطيات مشكوك بها

من الآن فصاعدًا، سيعيد ترتيب الأخبار المعروضة للتأكد من أن الناس يرون "القصص الأكثر أهمية بالنسبة إليهم". لكن ماذا تعني عبارة "الأكثر أهمية" في الواقع؟، يبدو أن المقصود بها هو منشورات العائلة والأصدقاء والمستخدمين الذين يحصلون منك على أكبر عدد من "الإعجابات" (لايك).&

وتابعت شركة فايسبوك أنّه ينبغي أن تكون آخر الأخبار الخاصة بك "ذاتية، شخصية، وفريدة من نوعها"، واعدةً بالعمل على بناء أدوات لإعطاء المستخدمين "أكثر تجربة شخصية".

الديمقراطية المنقسمة
كاس سنشتاين، أستاذ القانون في جامعة هارفرد والمدير السابق لمكتب المعلومات والشؤون التنظيمية في البيت الأبيض في عهد باراك أوباما، هو أحد عملاء فايسبوك غير الراضين.&

وفي كتابه #الجمهورية: الديمقراطية المنقسمة في عصر وسائل التواصل الاجتماعي #Republic: Divided Democracy in the Age of Social Media (منشورات جامعة برينستون؛ 310 صفحات؛ 29.95 دولارًا، 24.95 جنيهًا إسترلينيًا)، كتب: "أتوقّع من فايسبوك أفضل من ذلك".

فسنشتاين يشعر بالانزعاج من بعض المعلومات التي تمّت المبالغة في تخصيصها بحسب الطلب، لكنّه في الوقت نفسه يظهر قدرته الكبيرة على ضبط النفس في نقده. ويبدو بشكل واضح أنّه يريد التأثير في مارك زوكربيرغ وعمالقة التكنولوجيا الأخرى من دون تنفيرهم. وعلى الرغم من أن زوكربيرغ ترك هارفرد، فربما ما زال في إمكانه، إلى جانب شهادته الفخرية الجديدة من هارفرد، الحصول على كتاب ألّفه أستاذ في هذه الجامعة.

في بعض النواحي، كتاب #الجمهورية نوع الصف البدائي التعليمي في مادة الديمقراطية، وعبارة عن مراجعة للمتطلبات الأساسية لأولئك الذين لم يحضروا الصف.&

تشمل هذه المتطلبات أن يتلقّى المواطنون مجموعة واسعة من الأفكار ووجهات النظر، ولا سيما تلك التي يختارون عدم سماعها أو رؤيتها. فصدف غير مخطط لها أو جدل تنافسي يتمّ بثّه في نشرة الأخبار المسائية، يساعد على الحماية من "التشرذم والاستقطاب والتطرف". ويضمن أن الناس لا يسمعون صدى أصواتهم فحسب.

حرية التعبير
يشير سنشتاين إلى أن هذا هو الجانب الإيجابي لمبدأ حرية التعبير، وهذا لا يعني منع الرقابة فحسب، بل أيضًا إنشاء ثقافة يتفاعل فيها الأشخاص مع وجهات نظر شركائهم في الوطن.

في العصر الرقمي، تعمل وسائل التواصل الاجتماعي مثل المنتديات العامة حيث يتم تبادل الأفكار. لكن عندما يصفّي الناس ما يرونه، ويتسابق المورّدون نحو "التخصيص" بإسم خيار المستهلك، تصبح الديمقراطية في خطر. فالناس يعيشون في عوالم مختلفة.&
حتى الهاشتاغ أو الوسم (#) المصمم لمساعدة المستخدمين على العثور على معلومات حول موضوع معيّن، أدّى بهم إلى فقاعات مختلفة. فالديمقراطيون يستخدمون ACA# (أي قانون الرعاية بأسعار معقولة) وblacklivesmatter# (حياة السود مهمة). بينما يستعمل الجمهوريون Obamacare# (أوباما كير أي الرعاية الصحية) وalllivesmatter# (حياة الجميع مهمّة).&

ويؤكّد سنشتاين أن الحزبية تجاوزت العنصرية في أميركا. فبينما صرّح 5 في المئة من الجمهوريين، و4 في المئة من الديمقراطيين في عام 1960 أنّهم "يستاؤون" إذا تزوج أحد أولادهم شخصًا من خارج حزبهم السياسي، فقد بلغت هذه النسبة 49 و33 في المئة بحلول عام 2010، وهذه نسبة أعلى كثيرًا من أولئك الذين ربما يستاؤون إذا تزوج أولادهم أحدًا من عرق مختلف.

هندسة الصدفة
يريد سنشتاين الاستعانة بـ "هندسة الصدفة" لمكافحة هذه القوى، أي وسائل الإعلام التي تروّج للصدف والتشاور الديمقراطي مثل المنتديات العامة القديمة.&

ربما يصمّم فايسبوك "أزرار الصدفة"، ما يسمح للمستخدمين النقر ورؤية وجهات نظر مختلفة أو غير مصفّاة. يمكن المواقع الإخبارية المحافِظة أن تضم روابط لمواقع ليبرالية، والعكس بالعكس، منبهة الناس إلى مواد خارج مصادرها المعتادة. فموقع مثل deliberativedemocracy.com – علمًا أن أحدًا لم يأخذ هذا النطاق على الانترنت بعد – يمكن أن يوفر مساحة للناس الذين يملكون وجهات نظر مختلفة لمناقشة القضايا.&

في الواقع، يجب أن تتأثر الديمقراطيات بـ"ليرند هاند"، وهو قاضٍ أميركي قال إن روح الحرية هي الروح التي لا تثق تمامًا بأنّ أمرًا ما هو الصواب.

إذًا، فزوكربيرغ ليس وحده الذي يقرّر تعزيز ثقافة الفضول والانفتاح. وبرأي سنشتاين، يجب أن يطالب المواطنون بذلك، وأن يبحثوا عن الصدف والمواجهات غير المقرّرة.

كتاب "Republic#" غني بالاقتراحات البناءة. ينبغي أن يقرأه كل من يهتم بمستقبل الديمقراطية، في وادي السيليكون وخارجه.
&