&
يحظى الكاتب الياباني هاروكي ماروكامي المولود عام 1949 بشهرة عالمية واسعة. وكل رواية أو مجموعة قصصية يصدرها تباع بملايين النسخ في بلاده، وفي جميع أنحاء العالم. وفي كل ما يكتب هو يبدو متأثرا بالكتاب الغربيين، الأمريكيين منهم تحديدا، قاطعا بذلك مع الأساليب اليابانية في الكتابة الروائية التي عرفت تطورا هائلا لدى كل من كواباتا وتانيزاكي. وهو ينتمي إلى عائلة من البورجولزية المتوسطة إذ أنّ والده كان أستاذا جامعيّا مُتخصصا في الأدب الياباني. وفي طفولته هاروكي ماروكامي عشق القطط والكتب والموسيقى، مظهرا في سنوات المراهقة ميلا كبيرا للثقافة الغربية. وفي سنوات الدراسة الجامعية، إنجذب للموجات الطلائعية في مجال السينما بالخصوص، مُدْمنا على مشاهدة أفلام كل من غودار، وفرانسوا تريفو. وكان يمضي ساعات طويلة في المكتبة لقراءة السيناريوهات الطلائعية حالما بأن يكون مخرجا ذات يوم.وفي نفس هذه الفترة، فتح ناديا لموسيقى الجاز في طوكيو. وحتى سنّ التاسعة والعشرين، لم يظهر أي ميل للكتابة. لكن ذات يوم ، حضر مباراة لكرة الباز بال لفريقين من الدرجة الثانية. وهو عائد إلى بيته، شعر أن حياته ستشهد تغيرا هائلا. لذلك أتجه إلى مكتبة ليقتني أقلاما واوراقا. و وفي ذات الليلة، شرع في الكتابة ليصدر أول رواية له عام 1979. وفي مطلع التسعينات من القرن الماضي، كان يدرّس في جامعة برنستون بنيو جرسي، لما قامت مجموعة دينية متطرفة بمهاجمة ركاب الميترو في طوكيو بالغاز . حالما سمع الخبر، إنطلق إلى يلاده بهدف التحقيق في ملابسات الحدث المريع، مستجوبا عددا كبيرا من الذين عاشوه عن كثب، وفي ذهنه ما قام به الكاتب الأمريكي الكبير ترومان كابوتي الذي إتخذ من جريمة فظيعة موضوعا لكتابه الشهير:”بدم بارد". وفي كتابه عن الحدث المذكور، سعى هاروكي ماروكامي إلى البحث عن أسباب العنف في اليابان. كما تطرق إلى سيرة الإرهابيين الذين دبّروه. وقد سمح له ذلك الكتاب بالحصول على شهرة واسعة في بلاده، وفي بلدان غربية كثيرة.
وتحظى الموسيقى بحضور قوي في مجمل أعمال هاروكي ماروكامي. تحضر موسيقى الجاز. كما تحضر الموسيقى الكلاسيكية من خلال أعلامها الكبار. وغالبا ما تقوم شخصياته المُتَخَيّلة بعملها في البيت وهو تستمع إلى مايلس دافيز،أو أرمسترونغ،أو سمفونية من سمفونيات موتزارت،أو بيتهوفن،أو شوبرت،أو تشايكوقسكي،أو غيرهم. ويقول هاروكي ماروكامي بإن الموسيقى "هذّبت" طريقته في الكتابة، وجعلته يصغي لرنين الكلمات بشكل دائم. من هنا تلك السلاسة في لغته وفي أسلوب. ومن هنا أيضا سرّ شهرته العالمية.
ويحب هاروكي ماروكامي أن يستيقظ في الرابعة صباحا، وبعد القهوة، يشرع في العمل مباشرة فلا ينتهي منه إلاّ قي الظهيرة. كما أنه يعشق رياضة المشي. وهو حريص على ممارستها في أيّ مكان بذهب إليه أو يقيم فيه سواء طزكيو،أو جزر الهاواي...وفي آخر مجموعة قصصية له ،والتي استوحى عنوانها :”رجال من دون نساء" من قصة لهمنغواي، هو يرسم صورة لرجال الذين يختارون العزوبية رغم تقدمهم في السن:”وحدهم الرجال من دون نساء بإمكانهم أن يدركوا كم هو قاتل وحزين بصفة مرعبة ومخيفة أن يعيش الرجل من دون إمرأة"