& اقام الفنان التشكيلي العراقي فهد الصكر معرضه الشخصي الخامس تحت عنوان " ترنيمة بغدادية " على قاعة محمد غني حكمت للفنون التشكيلية في المركز الثقافي البغدادي بشارع المتنبي ، وضم المعرض 23 &ما بين عمل نحاسي وعلى القماش مختلفة الأحجام، في تجربة جديدة ومغايرة عن معارضه الاربعة السابقة حيث كانت رحلته نحو اعماق التراث الشعبي البغدادي.
&
& & &لا يجد المتأمل للوحات الفنان فهد الصكر الا ان نفسه تذهب بعيدا الى عوالم المحلة البغدادية التي لم يعد لها وجود في الحاضر حيث الخراب الذي فتك بالمعالم البغدادية القديمة وتركها مجرد ركام ليست فيه اية جماليات بقدر ما اصبح القبح هو العلامة الفارقة ،كل لوحة تؤكد ما اختزنته الذاكرة للدلالات التي يتميز بها البيت البغدادي لذلك جاء هذا المعرض ليحمل احتجاجا على ما آلت اليه تلك المساحات الرائعة التي تتوهج بالحنين والاحلام .
ويمكن للمتأمل ايضا اذا ما اغمض عينيه ان يستمع فعلا الى ترنيمة بغدادية تتهادى عبر الشناشيل والقباب والالوان والابواب الخشبية والشبابيك الصغيرة بالحانها الحبيبة الى النفس بتلك اللهجة البغدادية المحببة والنداءات العذبة ويطرب للفضاءات التي تلوح فيها الاشجار فيما خياله يعبر الى مسافات بعيدة وكأن اللوحات هنا تتحرك خطوطها والوانها، لذلك لوحاته كما يقول الناقد علوان السلمان (ايقونات مكتظة بالدلالات والمعاني والرمز اللوني ، لانها عمل فني ابداعي يستفز الذاكرة ليحقق ادراكا جماليا يخترق الحس ويستقر في الحدس والشعور الذاتي وهو يختصر المسافات بتشكيلاته الخطية واللونية المانحة لخلفيتها النحاسية بعدا تعبيريا وجماليا من خلال تجسيده الحسي التعبيري الخاضع لمقاييس جمالية وفنية مستقاة من التراكم المعرفي والوعي الوجودي وتفاعله معها عبر عملية التشكيل اللوني وتوزيعاته).
&
سكنات القاع البغدادي
& يقول الفنان فهد الصكر لـ (ايلاف) : في معرضي الشخصي الخامس " ترنيمة بغدادية " هناك بعد تشكيلي يختلف في معانيه وموضوعاته عن معارضي السابقة ، هنا دخلت متمسكا ومكتشفا أدنى سكنات القاع البغدادي بما يحتويه من تراث وما يحتويه في غالب الممكن الغير مكتشف في مواضيع في معارضي الاربعة التي أقمتها وهي تحمل ذات الأسم " بغداد " هنا سلطت الضوء على غربة بغداد وعلامتها الفارقة " الشناشيل " الآ يلة للسقوط وقد سقطت تحت خرافة اللا معنى في خرافة الأعمال " التجارية " للبعض الغير مسؤول ، هو أي معرضي صرخة بوجه من يريد أن يغير معالم مدينة كانت تسمى بغداد ، وأدخلت اللون كحكاية جمال وأريد تدوينها كي تظل محجة أحتجاج ضد كل خراب .
وإضاف : أبحرت ايضا في عمق التراث الشعبي باحثا ومكتشفا عن أدق التفاصيل في البيئة البغدادية ، مكملا لماهية اللوحة في بعدها الجمالي ،وهاجسا موضوعي ، وكذلك أدخلت الحرف العربي مرسوما بعيدا عن قواعده المعروفة بشكله الموسيقي منسجما مع تفاصيل اللوحة وموضوعها .
&وتابع: وفي ظل انكسارات كبيرة وإسقاطات أكثر لامست حتى أحلام الطفولة وقد فقدت معناها ، كنت أحادث في لوحاتي ذكرى أخوتي " أياد ومحمد وكنعان وأحمد " ليتبعهم أبي ،وقد فقدتهم في ظل هذيان دكتاتور أحمق، هنا تنطق جنوبيتي بكل سومريتها وجعا لا ينضب أبدا ، ليكتمل نشيد لوحاتي أنتماءً لهم وكبرياء لظل شهادتهم ، ولذا أرسم كي يطفح الفرح انتصارا للحياة.
&
نحاس ملون&
& &لوحات المعرض التي تلتمع امام العيون تستفز الشعور الذي يتعانق مع ما ابدعته انامل الفنان الصكر الذي اضفى عليها من مشاعره الكثير لاسيما انه اشتغل بعضها على النحاس الايطالي الرقيق واستخدم لاول مرة الالوان عليه بدت لوحاته مبهرة ،فربما هو الوحيد الذي ما زال يمارس الطرق على النحاس ليبتكر مما تنوء به مخيلته لاسيما انه ما زال يركز على الاتكسارات التي تتعرض لها مدينة بغداد في تراثها ومعالمها القديمة التي اندثر اغلبها ، وهو كما قال عنه الناقد غازي سلمان جبر (فهد الصكر لايخترع موضوعاته .. بل يعيد إنشاءها ، خلقها ، ويحاول بناء امكنتها من جديد برؤية انطباعية وتجريدية ، في محاولة لإيقاظها من غيبوبة او موت يتهددها . انه يدق إسفين ذكرياته ورائحة صباه في اللوحة ، التي ارتبط بها حد العشق ، انه حين يطرق على النحاس فانما ينقر على ابواب الذاكرة .
واضاف :الفنان فهد الصكر لا يتوقف عند حد الموائمة بين الحرفة وجمالية التشكيل الرائعة ، بين الوظيفة الأساسية للفن وإتقان الحرفة بمعنى أخر ، من خلال تطويع مادة النحاس مستلهما ما تبقى من ارث الأمكنة المتداعي، الأمكنة البغدادية القديمة ذات الشناشيل، ويضمّنها بالحرف العربي من أبيات للشعر أو الآيات القرآنية،تلك الأمكنة التي ارتبط الفنان جدليا ، زمانا ومكانا ، وهي تومئ لنا بالرحيل او الغياب جراء تقادم الإهمال، لتولد من بين أصابعه الخشنة تشكيلات حرفية فنية تماهي روعة الأمكنة كما يحلم بها ان تكون.
&