لن أتذكرَ أسماءَ لا أعرفها
في لحظةٍ ما فقدتُ عذرية الكلمة
طفولتي ليستْ مشوّهة تماماً
أصدقائي فيها يمكنهم أن يناموا في أي بيتٍ وأن يقضموا الخبزَ اليابس
لكنني أتذكّر جيداً وجهاً معطوباً مرّ من قريتنا
يحملُ حكمةً وأشياء أخرى كثيرة
ابتاعها، كما قال جدي، مقابل لسانه
يبدو ألا فائدة من حكمة كهذه
لهذا تحفّ بذراعيه شهوة الغناء
يلوّح بهما في الهواء
فيتساقط العنب قبل قطافه.
أصدقائي ينامون في الطرقات حتى،
وأنا، حاملا عبءَ حكاياتِ جدّي، أتخيّل ما في صرّة هذا الغريب
أليس جميلاً أن يعبر عالمي كلَ هذه الألغاز؟
أليس فادحاً أن أشيخ بلا أسماء؟
وأن تكون الحكمة الوحيدة التي اقتطفتها أزهرتْ في فمٍ عاطل؟!.
&
***
امرأةٌ حمراء وفاجرة
تمدّ يداً إلى السراج لتغتاله
وبكامل ما فيه من زيتٍ يتلوى تحتها
كانت هذه أول حادثة اغتصابٍ تبرأ منها شيوخ قريتنا
ثم أصبحوا يروون قصصاً مبتورةً عن الوجع؛
القصص ذاتها التي قرأتها، لاحقا، في مكتبة مدرستنا.
كم هو لاهثٌ وحزين عالمنا.
&
***
لم أكن مجرد فتى في القرية
كنتُ عروشَ عنب وساعاتِ حصاد
مواعيدَ في جنح الظلام ودسائس
وسريعا نميتُ كشبحٍ يحبه الجميع.
منافقون أقسموا أن لي تفاصيل وجه قطّة متوحشة وزئير أسد جريح
قالوا أني أمتلكُ قلبَ مسخ طيب
وأن نهايتي ستكون كتاباً مفقودا
&
***
أقلّد صوتَ الأشجار
حتى ودمي يجوب طرقات القرية،
ذات يوم اعترفتُ لجدتي بأشياء لم أفعلها
ولأنها كانت هرمة جدا راحتْ تغني
عالمها مرايا الماضي
ويديْ شظايا.
كل هذا أصبح الآن أمامي
وعليَّ أن أعبره بجنون شاهق
كما لو أن سفينة &تقفز إلى قمّة جبل
لكن "نوح" ليس على متنها.
&
***
لم أعد للماء
رجلٌ مهشّمٌ يسكنني
كتابةٌ قبيحةٌ تضلُّ طريقها عنّي
معزوفةٌ شائنةٌ تتشبّث بالأقفال
أما الأبوابُ فإن لها حكايا منكَرة تجثو أبداً على عتباتِ روحي.
ليس للماءِ أن يتحللَ أو أن يخون
ليس للماءِ أن يصدأ كذاكرةِ من ينامون على الطرقات.
&
***
ما السرور الذي ينفخه جنينٌ في روح أمّه؟
ما الحقائق التي يتركها الآباء لصغارهم؟
ما السؤال الذي يتدلى في أعناق الآدميين فيدميها؟
ما الذي سيبقى، بعد فنائنا، من هذه الأشياء التافهة والحميمة؟.
أليس حارس المكتبة وحده من يعرف الكثير؟
&لكنه يفضّل مطاردة شهوات صباه السحيق؟ وأن يتأمّل عيداً مكبّلا في حظائر هؤلاء الهمجيين؟.
&