&

ترجمة حسونة المصباحي
&
كتب الكاتب السويدي ستيغ داغرمان هذا النص المّفعم بالتشاؤم والحيرة والقلق أمام ألغاز الحياة والموت قبيل إنتحاره فجر يوم الرابع من شهر نوفمبر-تشرين الثاني 1954. وكان آنذاك في الواحدة والثلاثين من عمره. لذلك اعتبر هذا النص بمثابة الوصية الفلسفية التي يمكن من خلالها إدراك الأسباب العميقة التي دفعت هذا الكاتب الموهوب الذي لقب ب"رامبو الشمال" إلى وضع حدّ لحياته رغم أنه كان قد بدأ يحظى بشهرة كبيرة لم يعرفها أحد من أبناء جيله من الكتاب والشعراء.
وقد ولد ستيغ داغرمان عام 1923. وكان لا يزال طفلا لما تخلت والدته عن تربيته بعد أن هجرت والده ليعيش في الريف تحت رعاية جده. وفي عام 1932،إنتقل للعيش في العاصمة ستوكهولم. وفي مطلع شبابه لمع إسمه في عالم الصحافة اليسارية المدافعة عن حقوق العمال، والمساندة من قبل النقابات. وفي مطلع الأربعينات من القرن الماضي ، أصدر روايته الأولى:”الثغبان" ، وفيها نجد ملامح من ميوله للإنتحار مبكرا. وخلال سنوات الحرب الكونية الثانية، تعددت إصداراته ليصبح من ألمع الكتاب في بلاده، ومن اكثرهم شهرة. وبعد نهاية الحرب، أرسل إلى ألمانيا ليكتب تحقيقات عن هذه البلاد في السنوات الأولى التي أعقبت السقوط المدوي للنازيّة. وقد صدرت هذه التحقيقات في ما بعد ضمن كتاب حمل عنوان:” الخريف الألماني".
بعدها إنقطع ستيغ داغرمان فجأة عن الكتابة، وانزوى في بيته ، مظهرا نفورا شديدا من كل مظاهر الحياة الأدبية والإجتماعية ،وغيرها. وظل على هذه الحالة، حتى إنتحاره في التاريخ المذكور.
&
أنا مُجرّد من العقيدة، ولا يمكنني إذن أن أكون سعيدا، إذ أنّ إنسانا قد يخشى أن تكون حياته تيها عبثيّا باتجاه موت محقّق ليس بإمكانه أن يكون سعيدا. لم أحصل كإرث لا على إله، ولا على نقطة ثابتة على الأرض منها يمكن أن ألفت نظر إله: لم أوَرّث أبدا الجنون المُقَنّع للمتشكّك، ولا الحيل البارعة للعقلاني أو البراءة الُلْتَهبة للمُلْحد. لا أتجرّأ إذن أن ألقي حجرا لا على التي تؤمن بأشياء لا توحي لي إلاّ بالشك،ولا على الذي يغذّي شكه كما لو أنه هذا الشك ليس بدوره محاطا بالظلمات. هذه الحجرة ستصيبني في الصميم إذ أنني على يقين من الشيء التالي: من المستحيل إشفاء غليل حاجتنا للمواساة.
في ما يخصّني، ألاحق المواساة مثل صيّاد يلاحق الطّريدةَ. في أيّ مكان أراها فيه في الغابة، أطلق النار. غالبا ما أصيب سوى الفراغ، لكن بين وقت وآخر، تسقط طريدة عند قدمي. وبمأ أنني أعلم أن المواساة ليس لها إلاّ إمتداد هبّة ريح في أعلى الشجرة، فإنني أسارع بالإستحواذ على ضحيّتي.
ماذا عندي بين ذراعي؟
بما أنني متوحّد بنفسي: إمرأة معشوقة، أو رفيق سفر تَعس. وبما أنني شاعر: قوس من الكلمات حتى أنني أشعر بالفرح وبالهلع إلى درجة الإنعاض. وبما أنني سجين: لمحة فجئيّة من الحرية. وبما أنني مهدّد بالموت: حيوان حيّ وحار للغاية، وقلب يدقّ بطريقة تهكّميّة. وبما أنني مهدّد بالبحر: صخرة كبيرة من الغرانيت صلبة جدا.
لكن هناك أشكالا من المواساة تأتي إليّ من دون أن أطلبها، وتملأ غرفتي بوشوشات شنيعة:أنا متعتك-أحبّها كلّها!أنا موهبتك-إستعملها بشكل سيء كما تفعل بنفسك! أنا رغبتك في التلذّذ-وحدهم الذّوّاقون يستحقّون الحياة! أنا وحدتك-إحتقر الناس! أنا طموحك للموت-إذن بُتّ في المسألة.
حدّ الموسى ضيّق للغاية. أرى أن حياتي مهدّدة بخطرين إثنين: من ناحية بالأفواه الجشعة للشراهة، ومن ناحية أخرى بمرارة الشحّ التي تتغذّى من نفسها. أنني أحرص على رفض الإختيار ربين التّهتّك والتزهّد حتى ولو أدّى بي ذلك إلى إحتمال عذاب مشواة رغباتي. بالنسبة لي، لا يكفي أن أعرف، بما أننا لسنا أحرارا في ما نقوم به من أفعال، فإن كل شيء قابل للعذْر. ما أنا أبحث عنه ليس عذرا لحياتي، وإنما عن شيء هو بالضبط نقيض ما هو قابل للعذر: المغفرة. والفكرة تأتي إليّ أخيرا بأن المواساة التي لا تأخذ بعين الإعتبار حريتي هي مواساة خادعة ، وهي ليست سوى الصورة العاكسة ليأسي. وفعلا، عندما يقول لي يأسي : إفقد الثقةَ إذ أن كلّ يوم هو في الحقيقة هُدْنَة بين ليلتين، تصرخ فيّ المواساة الخادعة: حافظ على الأمل، إذ أن كل ليلة ليست سوى هدْنَة بين يومين.
إلاّ أنّ الإنسانيّة ليست في حاجة إلى مواساة لها شكل كلمة فكر:إنها في حاجة إلى مواساة تضيء. والذي يتمنى أن يكون سيّئا، أي أنه يتمنى أن يصبح إنسانا بتصرّفُ كما لو أنّ كلّ الأفعال ممكن حدوثها، يتوجّب عليه على الأقل أن تكون له الفضل في أن يلاحظ هذا إذا ما تمكن له ذلك.
لا أحد بإمكانه أن يُحْصي الحالات التي تكون فيها المواساة ضروريّة. لا أحد يعرف متى يحصل الغروب، وأن الحياة ليست مشكلة يمكن حلّها بتقسيم الضوء إلى ظلام، والأيام إلى ليال، وإنما هي رحلة غير مُتَوَقّعَة بين أماكن غيرموجودة. بإمكاني مثلا أن أسير على الشاطئ وأن أشعر فجأة بالتحدي المرعب الذي تطلقه الأبديّة لوجودي في الحركة المستمرة للبحر وفي الهروب المتواصل للريح. ماذا يصبح الزمن إذن سوى مواساة بأن كلّ أمر إنسانيّ لا يمكن أن يستمرّ -ويا لها من مواساة بائسة لا تثري سوى السويسريين!
ياستطاعتي أن أجلس أمام النار في الغرفة الأقل تعرّضا للخطر وأشعر فجأة أن الموت يحاصرني. وهو موجود في النار، وفي الأشياء الحادة التي تحيط بي ، وفي ثقل السقف وفي كتلة الجدران، وهو موجود قي الماء، وفي الثلج، وفي الحرارة، وفي دمي. ماذا يصبح إذن الشعور الإنساني بالأمان سوى أن يكون مواساة بأنّ الموت هو الأقرب للحياة من أيّ شيء آخر،-ويا لها من مواساة بائسة لا تفعل أمرا آخر سوى تذكيرنا بما تريد أن ننساه!
بإمكاني أن أملأ صفحاتي البيضاء يترتيب كل الكلمات التي يتخيّلهاعقلي. وبما أنني أحاول أن أثبت لنفسي أن حياتي ليست عبثيّة وأنني لست الوحيد على الأرض، فإنني أجمع كل هذه الكلمات في كتاب ثم أقدمه للعالم. وفي مقابل ذلك، يمنحني هذا العالم الثروة، والمجد والصمت. لكن ماذا بإمكاني أن أفعل بهذا المال، وما هي المتعة التي يمكن أن أحصل عليها من خلال مساهمتي في تطور الأدب-أنا لا أبتغي سوى ما لا أملكه: التأكيد بأن كلماتي لامست قلب العالم. ماذا تصبح عندئذ موهبتي سوى أن تكون مواساة لوحدتي-لكن يا لها من مواساة مُفزعة لا تفعل شيئا آخر غير إشعاري بكل بساطة بأن وحدتي أقوى بخمس مرات من تلك التي أعاني منها.
يمكنني أن أرى حريتي مُجَسّدة في الحيوان الذي يجتاز بسرعة فُرجةَ غابة ، وأن أسمع صوتا يهمس:عشْ بكلّ بساطة، نَلْ ما أنت تبتغيه ولا تخش القوانين.! لكن ماذا تكون هذه النصيحة الجيدة سوى مواساة بأن الحرية ليست موجودة- ويا لها من مواساة مثيرة للشفقة للذي بتفطّن بأن الكائن البشريّ يحتاج إلى ملايين السنين لكي يصبح عضاية(1)!
وفي النهاية يمكنني أن أعاين أن هذه الأرض هي قبر جماعيّ فيه يرقد جنبا إلى جنب كل من الملك سليمان، وأوفيليا، وهيملر(2). ويمكنني أن أخْلُص إلى أنّ الجلادّ والشقيّة يتمتعان بنفس الموت الذي يتمتع به الحكيم، وأن الموت يمكن أن يوفّر لنا مواساة لحياة خائبة. لكن يا لها من مواساة قاسية للذي يرغب في أن يرى في الحياة مواساة للموت!
أنا لا أملك فلسفة فيها بإمكاني أن أسبح مثلما يسبح السمك في الماء، ومثلما يحلق الطائر في السماء. الشيء الوحيد الذي أملكه هو المُبَارَزة، وهذه المبارزة تُخاض في كل لحظة من لحظات حياتي بين أشكال المواساة التي لا تفعل شيئا آخر غير تَضْخيم ومُضاعفة عجزي وجعل يأسي أشدّ عمقا، وبين أشكال المواساة الحقيقية التي تقود إلى تحرر وقتيّ. ربما يتحتم عليّ أن أقول"حقيفية"، إذ أنه في الحقيقة لا توجد بالنسبة لي مواساة فعليّة ، إلاّ تلك التي تقول لي بإنني إنسان حر، وإنني منيع، وأنني سيّد نفسي في الحدود المرسومة لي.
إلاّ أن الحريّة تبدأ بالإستعباد، والسيادة بالتبعيّة. والدليل الثابت على إستعبادي هو خوفي من الحياة. والدليل القاطع على حريتي هو أن خوفي يترك المكان لفرحي الهادئ بالإستقلالية. فكما لو أنني أحتاج إلى التبعيّة لكي أعرف أخيرا المواساة بأنني إنسان حر، وهذا أمر مؤكد. وعلى ضوء أفعالي، أعاين أن كلّ حياتي تبدو كما لو أن لها هدفا وحيدا هو جعلي تعسا وشقيا. وما يتوجب على الحرية أن تقدمه لي، لا يوفر لي سوى الإستعباد وأحجارا عوضا عن الخبز.
الآخرون لهم أسياد آخرون. في ما يخصّني، موهبتي تجعلني عبدا إلى درجة أنني لا أجرؤ على إستعمالها، خشية أن أخسرها. بالإضافة إلى ذلك، أجدني عبدا لإسمي إلى درجة لا أجرؤ على كتابة سطر خشية أن أسيء له. وحين يأتي الإحباط أخيرا، أكون عبدا أيضا. وتكون رغبتي الكبرى هي الإحتفاظ به، وتكون متعتي الكبيرة الشعور بأن كل ما أساوي يَكْمُن في ما أنا أعتقد أنني فقدته: القدرة على إبتكار الجمال إنطلاقا من يأسي، ومن تقززي ومن نقاط ضعفي.
مع فرحي المر، أرغب في أن أرى منازلي تسّاقط خرائب وأطلالا، وأن أشاهد نفسي مَقْبُورا تحت ثلج النسيان. إلاّ أنّ الإحباط دمية روسيّة، وفي الدمية الأخيرة، يوجد سكين، وشفرة موسى، وسمّ، وماء عميق، وقفزة في الحفرة الكبيرة. أنتهي بأن أكون عبدا لكلّ وسائل الموت. وهي تتبعني مثل الكلاب، على إفتراض أن يكون الكلب هو انا. ويبدو لي أن الإنتحار هو الحجة الوحيدة للحرية البشرية.
لكن قادمة من وجهة لم أشكّك فيها إلى حد الآن، ها تقترب مني معجزة التحرر. يمكن أن يحدث هذه على الشاطئ، والأبدية ذاتها التي أرعبتني قبل قليل، هي الآن شاهدة على بلوغي الحرية. لكن أين تكمن هذه المعجزة؟ إنها تكمن بكل بساطة في الإكتشاف الفجئيّ بأنه لا أحد، ولا قوة، له الحق في أن يفرض عليّ لزومات تذبل رغبتي في الحياة، إذ أنه إذا لم تكن هذه الرغبة موجودة، فأية رغبة يمكن أن توجد؟
بما أنني على شاطئ البحر، فإنه بإمكاني أن أتعلم منه. لا أحد باستطاته أن يفرض على البحر أن يحمل كلّ البواخر، أو على الريح أن تنفخ في كل الأشرعة. وهذا ينطبق عليّ أنا أيضا. فلا أحد له الحق في أن يفرض عليّ أن أعيش حياتي سجينا لوظائف معيّنة. بالنسبة لي، ليس"الواجب قبل كل شيء"(3)،وإنما الحياة قبل أيّ شيء آخر.
فقط في هذه اللحظة بإمكاني أن أكون حُرّا تجاه جميع أوضاع الحياة التي كانت قد تسببت من قبل في يأسي. يمكنني أن أعترف أن البحر والريح سيواصلان حياتيهما،وأن الأبدية لا تعيرني إهتماما. لكن من يطلب منّي أن أعير إهتماما للأبديّة.؟ حياتي لا تكون قصيرة إلاّ إذا ما وضعتها على رهان الزمن. وإحتمالات حياتي ليست محدودة إلاّ إذا ما حسبت عدد الكلمات أو الكتب التي بإمكاني أن أولّدها قبل أن أموت. لكن من يطلب مني أن أقوم بذلك؟ الزمن ليس المعيار الذي يتلاءم مع الحياة. والحقيقة أن الزمن وسيلة مقياس لا قيمة لها إذ أنه لا يمسّ سوى الأعمال المتقدمة في حياتي.
لكن كلّ ما يحدث لي من الأمور المهمة والذي يمنح حياتي مضمونا رائعا: اللقاء بكائن يستحق الحب، دعابة على الجلد، مساعدة في لحظة عسيرة، مشهد القمر عند إكتماله، جولة في البحر في مركب شراعي، الفرح الذي يوهب للطفل، الرجفة أمام الجمال، كلّ هذا يحدث خارج الزمن بشكل كامل. إذ ليس مهما أن ألتقي بالجمال للحظة أو على مدى مائة عام. والسعادة لا توجد فقط على هامش الزمن وإنما هي تنفي كل علاقة بينه وبين الحياة.
أرفع إذن عن كتفي حمل الزمن الثقيل ، وفي نفس الوقت أتخلص من عبء رائز الخصائص (4) الذي يستلزمونه منّي. وعلى أيّة حال، حياة الإنسان ليست أبدا رائز خصائص، ، وإنما هي شيء يكبر محاولا بلوغ الكمال. وما هو كامل لا يتمّم برائز الخصائص: ما هو كامل يعمل في حالة إستراحة.إنه من العبث أن نزعم أن البحر جُعل لحمل الأساطيل والدلافين. وهو بالتأكيد يفعل ذلك، لكنه يحافظ على حريته. ومن العبث أيضا أن نزعم أن الإنسان ليس مؤهّلا إلاّ لكي يحيا. وبالتأكيد هو يخزّن آلات، ويؤلف كتبا ، لكن يمكن ان يقوم بشيء آخر أيضا. المهمّ أن يقوم بكلّ شيء بحرية وبوعي بأنه مثل كلّ عنصر آخر من عناصر الخلق والإبتكار، هو نهايه في ذاته. وهو ينتصب في ذاته مثلما تنتصب الحجرة على الرمل.
بل بإمكاني أن أتخلّص من سلطة الموت. وصحيح أنه ليس باستطاعتي أن أتخلص من فكرة أن الموت يقتفي أثري وأقلّ من ذلك أن أنفي حقيقته. لكن بإمكاني أن أقوّض التهديد الذي يمثله بأن أتلافى تعليق حياتي على ما هو هشّ وسريع التلف مثل الزمن والمجد.
بالمقابل ، ليست لي القدرة أن أظل مشدودا إلى البحر طوال الوقت لمقارنة حريتي بحريته. ستأتي اللحظة التي تتحتم عليّ فيها العودة إلى الأرض لمواجهة محترفي القمع الذي أنا ضحيّته.وما سيتوجب عليّ الإعتراف به عندئذ هو أن الإنسان منح حياته لأشكال أقوى منه ،ظاهريّا على الأقل. وحتى بحريتي التي اكتسبتها حديثا، ليس بإمكاني أن أحطمها، ولا قدرة لي سوى أن أطلق تنهدات تحت ثقلها. بالمقابل، من بين المستلزمات التي تثقل على الإنسان، بإمكاني أن أعاين العبثيّة منها، وتلك التي يصعب تلافيها. بحسبي أنا، ثمت نوع من أشكال فُقد للأبد أو لوقت مديد. الحرية التي لها القدرة على إمتلاك خاصيتها. السمكة تمتلك خاصيتها، وكذلك الطائر والحيوان الأرضي. لقد كانت لتورو(5) غابة"فادن" لكن أين هي الغابة التي يمكن للإنسان ان يثبت أنه بالإمكان أن يحيا فيها بحرية خارج كل الأشكال الجامدة المجتمع؟
أجد نفسي مضطرّا للإجابة:ليس هناك مكان. إذا ما أنا أردتّ أن أعيش حرا فإنه يتحتم عليّ في هذه الحظة أن أفعل ذلك داخل هذه الأشكال. وإذن العالم أقوى مني. أمام نفوذه لا وسيلة لي لمعارضته سوى نفسي. -لكن من ناحية أخرى، هذا أمر عظيم. إذأنه طالما لم أدع نفسي تتحطم بالحساب، فإنني أنا أيضا قوة. ونفوذي مُخيف طالما تمكنت من أن أعارض قوة العالم بقوة كلماتي. ذلك أن الذي يبني سجونا يكون أقل بلاغة من الذي يبني الحرية. إلا أن قوتي ستكون بلا حدود يوم لن يتوفّر لي سوى صمتي للدفاع عن مناعتي ، إذأنه لا فأس يمكنه أن يقطع جلالة الصمت.
تلك هي مواساتي. أنا أعلم أن السقوط في اليأس سيتكرّر مرات عدة، وبشكل عميق، إلاّ أن ذكرى معجزة التحرر تحملني مثل جناح باتجاه هدف يسبب لي الغثيان: مواساة تكون أقوى من مجرد ماوساة ...مواساة تكون أقوى من فلسفة ،أي أن تثبت لي أن الحياة تستحقّ أن تعاش.
&
هوامش:
-1: في روايته:جزيرة المحكومين"، كانت العضاية رمزا لفقدان الإحساس والإنغلاق على الآخرين.
-2:هيملر:أحد القادة الكبار للنازية
-3:كان هذا شعار الملك السويدي غوستاف الخامس أدولف.
-4:رائز الخصائص(Performance ) : امتحان غايته تقدير الخصائص الفكرية
-5: كاتب أمريكي من النصف الثاني من القرن التاسع عشر،أعلن العصيان المدني وعاش سنوات طويلة في الغابات ممارسا رياضة المشي.
&