&
في سردية غير معقدة يأخذنا الروائي العراقي كاظم الشويلي في رحلة استذكار لصفحة كانت نائمة &في الذاكرة من صفحات حياته الخاصة & في &ثمانينيات القرن الماضي ، حيث شهد أحد & أغرب & الحروب وأبشعها في القرن العشرين المنصرم &بين & دولتين جارتين هما العراق وإيران ، إمتدت &هذه & الحرب لثمان سنوات لم يتوقف فيها &إطلاق &النار & &لحظة واحدة فهو يعترف من خلالها أنه :
&" لم يكن لدى أغلبنا حماس للقتال ، &لأن & & أغلب الجنود يشعرون أن الحرب حرام مع أي بلد &مسلم " .
هذه الحرب التي عادت تطرق ذاكرته أججها &لقاء غير متوقع مع &امرأة & تعمل &مهندسة & في & &أحد المشاريع التي &يعمل &فيها &كاظم &الشويلي & &بطل الرواية وهو &نفس &الاسم &الحقيقي &الذي & & يحمله المؤلف ما يجعلنا نصدق &حقيقة &أحداثها &منذ &أول اتصال به من وداد التي سوف يقوم بإيصالها يوميا من &مكان عملها &حتى منطقة &سكناها &وما سيدور خلال تلك اللحظات من حوار يتطور إلى &إعجاب وحب &غير &واضح &المعالم ، &تكتنفه &الغيرة & في الفصول الأخيرة من الرواية &.
" مواسم الثلج والنار " رواية قصيرة لسيرة ذاتية أخذت من عمر مؤلفها شبابه ، لكنها منحته &القوة على الإحتفاظ بكل &تفاصيلها ، فالحب & والحرب تظهران كمبادئ &متعارضة ، & أحدهما & &يفسح
المجال للإيمان بالإنسانية &، &والآخر & &يحطمها
ومع أن شخوصها لا يتعدون &الأصابع العشرة ،
كاظم المؤلف والراوي ، أم علي زوجته ، &وداد المهندسة ، عدي المهندس ، &سلمان &زميله & في الحرب ، &الملازم &مقصود وادي & &، & الملازم
مرتضى ، لكن بانورامية الرواية &تتسع & &لتأخذ
حجما أكبر في أحداثها وبذات الأسلوب السردي
الواضح البسيط الذي نقتطع جزءا &منه & &للدلالة
عليه :
- ضغطت &قدمي &دون وعي &مني &على & عتلة
الوقود فانطلقت السيارة كمكوك فضائي ، لم أرد
أن أسمع جواب عدي ، ألم يكفيهم &حديث &النهار
؟ ! يا ... أنا ، هل بدأت تغار على ودادك ؟ ! لم
أسمع &صوتها &هذا &النهار &، انطلقت &بسيارتي &بشكل جنوني ، &ربما &كان &شعوري & &الداخلي
يدفعني لاستفزاز المهندسة وداد ، نغمة & هاتفها
استفزت صمتنا ، يبدو & أنها & استبدلت & نغمتها
السابقة بنغمة جديدة .
الشويلي ترك كل تقنيات كتابة &الرواية &الحديثة مستعصما بتقنية واحدة هي – فطرته الحكائية –
المتأتية من طبيعته المجتمعية التي خالطها &ذلك الاعجاب &بكل ما &بني على &البساطة ، فجاءت روايته بهذا الانسياب الجميل والبسيط & ليذكرنا بالأعمال المبهرة &لغائب طعمة فرمان الذي &له & بصمة واضحة &في &القصة &والرواية &العراقية &المبنية على البساطة التي قد يكون الشويلي متأثرا &بها .
وهو يحكي للمهندسة &نادية &يتوقف عند & صفحة
مهمة &من &صفحات &تلك &الحرب &اللعينة & &هي استسلامه &ورفاقه &من &الضباط &والجند & للجيش الإيراني بذات السرد الفطري الحكائي :
- وانطلقنا بخطوات هزيلة أنهكها الجوع والعطش ، وانحدرنا &من &سفح &جبل ماوت &التابع & لمدينة السليمانية &وذلك &في &الساعة &العاشرة &تقريبا من صباح يوم 21 / 6 / 1987 ، وملئت أذني &الآية
الكريمة التي كان يرددها صديقي سلمان " قل لن يصيبنا &إلا ما &كتب الله لنا هو مولانا &وعلى &الله فليتوكل المؤمنون " .
- لمحت جنديا إيرانيا متهيأ بسلاحه &وجندي آخر يحمل " ترمز " ماء والاثنان مقبلان علينا & وما
بين خوفنا من نار البنادق الطائشة وعطشنا &إلى
قطرات من ماء " الترمز" المثلج ، كنا &نجازف بحياتنا في فصول ومواسم الثلج والنار .
ترجمة تلك التجربة المرة لا يمكن اختزالها برواية قصيرة لا تتعدى صفحاتها 112 صفحة ، بل &هي تحتاج إلى صفحات كثيرة لأن اليوم الذي & يمضي على الأسير بألف يوم مما نعده ، لقد حاول الشويلي عمل &رواية &طموحة &رفيعة &المستوى & &وبتسلسل مذهل مسلطا الضوء على آثار حرب &ضروس &لم يشهد &التاريخ &المعاصر مثلها &منذ &نهاية & الحرب العالمية الثانية والحرب الفيتنامية والحروب العربية مع إسرائيل ، ومع &أن &نهايتها &حملت قسوة شديدة وتجاهلا لمشاعر امرأة كان يمكن أن يكون الرحيل عنها &بغير تلك &الجفوة &التي &عاملها & كاظم & &بعد
&إعلانها &له &خطوبتها &من زميلها &المهندس عدي &وهو يعلم كم هي رقيقة وحينما قال لزوجته أم علي :
- بالفعل ... سوف أنسى أن هناك امرأة كان اسمها وداد ، أشعر يا أم علي بأني انتصرت على &وداد .
فهل حقق الراوي فعلا هذا الانتصار أو كما قال :
- انتصرت على هذه الدنيا الزائفة ، ها &أنا & اشعر براحة ضميري بعد أن عدت إلى بيتي & وزوجتي وأولادي ، باعتقادي أن الوحيدة التي انتصرت في النهاية هي أم علي