&مثل طيورمحكوم عليها بقضاء عقوبة& تحت أشجار المنفى هكذا وجد الشعراء العراقيين& اليهود انفسهم& ليس تكفيرا عن ذنب لكنهم& دفعوا ثمن& السياسية التي بلا قلب وعواطف&وفي أحدث& رصد للحركة الشعرية للشعراء اليهود العراقيين تضمنها& &كتاب (& شعراء يهود عراقييون ) للكاتب والشاعر عدنان جمعة.&اختار الكاتب بعناية فائقة هذه النخبة من الشعراء& وليتعرف القارىء عن قرب ضحايا الانقسام العميق بين التشبث بالوطن& وتعصب السياسة& التي بسببها وجدوا انفسهم في ارض الميعاد!

تشير المصادر التاريخية انه بعد الحرب العالمية الثانية بدات دولة (اسرائيل& ) تبحث عن وسيلة& لحمل& اليهود العراقيين على الهجرة&&وفي 3 اذار1950 .. قدم وزير الداخلية صالح جبر مشروع قرار يقضي بمنح اليهود الراغبين بالهجرة حق التخلي عن الجنسية العراقية فوافق عليه البرلمان& انذاك& لكن المفارقة انه& لم يتقدم للهجرة الا (126)& &شخص& مما سبب حرج& لدولة& ( اسرائيل )& &و بعض الحكام العرب& ممن لم& يروق لها ان يتقدم هذا العدد المحدود للهجرة& ,& فدبر تفجير في 8 نيسان 1950 في اثناء الاحتفال بعيد يهودي في مقهى البيداء بشارع ابي نؤاس ووزعت في اليوم الثاني منشورات تدعو اليهود الى السفر مما أجبر الالاف على التسجيل للرحيل خوفا على حياتهم ويقول (باروخ نادل)& في احدى مقالاته ان السلطات الاسرائيلة كانت تستقبل اليهود القادمين من البلاد العربية وكانهم اغنام قذرة وتم اسكانهم في خيام !&و منذ ان انشىء مركز رئيسي للهجرة في بغداد يقع في معبد مسعود شمتوب& واليهود العراقين يعانون من الخوف والقلق على مصيرهم فالقاء القنابل على معبد يهودي زاد من فرص رواية تطلقها السلطات الصهيونية& عن خطر مزعوم& يواجه& اليهود في العراق& وانهم غير مرحب بهم .. متناسين قرون من التعايش والئام بين مكونات الشعب&وجاءت& موافقة البرلمان العراقي لتزيد الامور تعقيدا"& وتنهي& أخر امل لبقاء اليهود من خلال قرار تجميد ممتلكاتهم& مما زاد& الرغبة بالهجرة سريعا"&
&
&وبصدد الكتاب لانغالي اذا قلنا انها مغامرة وممارسة تبعث على الطمأنينة في ان حين يصدر كتاب عن شعراء يهود يؤكد& على ان جذور الحنين للعراق& عميقة& وراسخة& وان كل سنوات الغربة وشتى المحاولات لدمجهم مع مجتمع غريب عليهم& باءت بالفشل& ولم ثنيهم عن التفكير ببلادهم& الاصلية. هذه المحنة الكبيرة التي يستعيد الشعراء ذكرياتها بقوة بذلك التواصل العاطفي الحساس وتطل الامكنة شاخصة حية& تبعثها الصورالشعرية& المشحونة بالاحساس.&ان الكاتب عدنان جمعة يؤكد& ان النصوص تسترجع مخيلة الشعراء& في حرارتها الاولى& ,& وتترك المكان الذي هو فيه وتحلق نحو مكان دائري فيه قباب وكنائس ومعابد مغلقة ونهرين عظيمين لذلك يستحيل شعرهم الى شعر ذكرى وألم& وليال مناجاة ان يحرس الرب بلادهم الاصلية فالشاعر إبراهيم عوبديا الذي كان يدعو ربه لينجو العراق من محنته لم يفكر يوما في الكتابة باللغة العبرية& & يقول في بغداد:
إن تساءلت من أكون، فإني
شاعر قد ولدت في بغداد
وببغداد قد بدأت حياتي
وببغداد قد رأيت بلادي
فأي حنين يحتاحه لحظتها ومالذي يؤلمه من المؤكد انه مانقطع منه الى غير رجعة& & & & & & & & & & &
&
كل هؤلاء الشعراء الذي تناولهم الكاتب عدنان جمعة غادروا الوطن حين كانت 5 -6 طائرات تنقلهم& من بغداد الى تل ابيب يوميا. اذن لا سلام او طمانينة مابين الداخل الذي يمور عشقا للعراق& و الحارج الذي فرضتة ظروف& يبحثون فيها& عن سكينة روحية وهاهو الشعر وسيلتهم كي تهدأ& روحهم والحنين الى مسقط رأسهم وملاعب طفولتهم القاسم المشترك فيما بينهم& وكان الاتجاه لنظم الشعر احد وسائل التقرب للوطن وسببا يوفر الاستمرار في تتبع شذرات من الوله والحب الذي لاينتهي. ومن الملاحظ& ان الغالبية من تناولهم الكاتب& طبعوا& دواوين شعرية قبل الرحيل عن العراق& بل ان الشاعر مراد ميخائيل شارك بمهرجان مع الشعراءالعرب في مبايعة الشاعر احمد شوقي كاامير للشعراء& وهم معروف الرصافي, جواد علي, رفائيل بطي, عبد الكريم العلاف جميل صدقي الزهاوي ,محمد مهدي الجواهري ,احمد حامد الصراف لكن الشاعرأنور شاؤول ( 1904-1984) لم يكن من الذين شملهم الترحيل بداية الخمسينيات فغادر العراق في السبعينيات& &وهو طير وجد نفسه في حقل الفزاعات والخوف&وهو القائل (& إن كنتُ من موسي قبستُ عقيدتي فأنا المُقيمُ بظل دين محمد& )& وهو انموذجا مضيئا مع الشعراء العراقيين من اليهود& وهم& جاد بن موئير , روني سميك ,& شموئيل موريه(سامي إبراهيم معلم)& , فريد فنان& , مراد العماري , مير بصري (1911-2005). هذه الاصوات الشعرية وهي تتصاعد كالبخور لحظة صلاة& ... اكثر ما كان يحزنها هو التسليم بحقيقة مرعبة هي اللاعودة& لبلاد الرافدين.&
شكرا للشاعر والكاتب عدنان جمعة وهو يقدم لنا هذه النماذج الشعرية التي نقرا لها لاول مرة شكرا بحجم الجهد المضني والليالي التي سهر من اجلها& ليكون الكتاب بيد القارىء ويتعرف على& شعراء يهود عراقيين& ... كانت السياسة قد اقتلعتهم من جذورهم& بقوة وبلا رحمة&
&