نظر إليه صاحبه سائلاً : " ماذا تريد أن تكتب ؟ ".
أجاب بصوت واضح : " أريد أن أكتب الحقيقة بوجهها الذي لن يقرأ بصوت عال ".
نظر صاحبه في وجهه متعجباً : " وما هي الحقيقة ؟ "
فقال بعد تفكير : الحقيقة هي كل ما تخشاه و تتجنب الاقتراب منه ولا تعترف بوجوده !

الحقيقة أنني ارتبطت عاطفياً بفتاة وخشيت أن أعلن ذلك حتى لا يكون هناك واقع يفرض علي مسؤوليات تليق بوثاقنا الرسمي.
الحقيقة أنني أحببتها جداً كما لم أحب من قبل، ودخلت معها خيالاً في مراحل مستقبلية افزعتني، لم تفزعني هي بكل ما تحمل من صفات قد لا أتقبل الكثير منها بقدر ما أفزعني خيالي بأنني قد أمر بلحظات عجز ويأس ووحدة رغم وجودها بجانبي، لذا اتخذت قراري دون علم منها بأن اتركها تجابه مصيرها في سنة الحياة، أو ليس للحياة سنن في الغياب والفراق والفقد والنصيب ؟.
وحدث ما كتب لها، وجاء قدري بأن أقف أمام خيبتي وأنا أعاني من الوحدة ولا أجد صديقاً يخفف عني حمل خسارتي إياها.
لقد كانت خسارتي كبيرة ليس لأنها فتاة لا تعوض بل لأن السنوات التي تركتها تمر وأنا أخشى فقدان حريتي مضت ثقيلة ورتيبة ولا ينتظرني بها أحد، ولم تكن الوحدة بحاجة إلى أن تتسلل إلى صدري بل كنت أنا من سلمت نفسي إليها وقمت بحبس أماني بين قضبانها حتى أجنب نفسي أذى الخسارة والفشل كما كنت أظن في حينها.
اليوم وأنا أراقب حياتها أرى رجلاً يفرض نفسه أمام هذا العالم ويعلن أحقيته بعواطفها واهتمامها ووقتها وبها كلها، رجل يبادلها كل شيء وتبادله هي كل شيء وتضيف الوفاء والإخلاص على ما تقدمه من واجبات اتجاهه.
أما أنا فمازلت ادخل العش الصغير الذي أقمته لنفسي& وأجده مظلماً وبارداً وكئيباً، اشعل النور ثم أبدأ بالتعايش مع قراري، لا صور جديدة اعلقها فلا ملامح تقتطع من الجدار غير ملامحي المسجونة في اطار أبيض، ولا وجود لطبق آخر غير الذي أضعه لي ولا صوت يقطع علي شرودي، ولا يد تخبئ نفسها بين يدي ولا همس يدخل في حلمي ويستعجل استيقاظي ولا.. ولا.. ولا، وكل ذلك له وأكثر، ولكن ما هو الأكثر وأنا لم اسمح بدخولي ذلك القفص ؟ ".
اغمض عينيه دون أن يجد اجابة لسؤاله، وخرجت هي من بين كلماته متجهة إلى صاحب قلبها وزوجها وبقي هو وحيداً يتوسد السطر.
&