اختارت مجلة أريبيان بزنس منح نشوى الرويني، الرئيس التنفيذي لمجموعة بيراميديا، جائزة سيدة أعمال العام، تقديراً لريادتها في عالم الأعمال في المملكة العربية السعودية من خلال إدارة شركة وكالة الجود للدعاية و الإعلان و فرع شركة بيراميديا في المملكة العربية السعودية بالإضافة إلى توسع مجموعة الشركات الإماراتية التي ترأسها في سوق المملكة العربية السعودية العام الماضي، وجاء هذا الاختيار تتويجاً لمسيرة إعلامية وعملية، وهي الحائزة على مجموعة جوائز في عالم الإدارة وأبرزها في عام 2017؛ جائزة أفضل رئيس تنفيذي لعام 2017 من "I-AIR" الإيطالية، ورمز المرأة لهذا العام - جوائز الشرق الأوسط للقادة 2017. جائزة أفضل مدير تنفيذي لتقدم خدمات الاعمال المتميزة 2017، من "أسواق ميي"، قائمة أقوى لأقوى 100 سيدة عربية في الشرق الأوسط لعام 2017، مجلة "فوربس العربية"، جائزة "الابتكار" من مجموعة دبي للجودة 2017.

وبهذه المناسبة التقت "إيلاف" بالرويني في حوار حصري وطرحت عليها العديد من التساؤلات الخاصة بتجربتها ورؤيتها لمستقبل الأعمال والإعلام في الخليج وخاصة السعودية والامارات.

 حصلت على الكثير من الجوائز التقديرية لمنجزك الاستثنائي كرائدة أعمال وإعلامية، ما هي برأيك الأسباب التي ترسخ دور المتميزين في المجال الذي يشغفون به؟

مع تقديري وشكري لجميع المؤسسات والهيئات والجهات التي قامت بتكريمي والاحتفاء بتميزي في مجال اختصاص جوائزها، يهمني أن اشير إلى أنني أؤمن بمبدأ "لكلّ مجتهد نصيب"، وهنا أريد أن أؤكد على أنه وبخلاف ما يشيعه البعض عن تأخّر أمتنا وحضارتنا وعلومنا العربية الإسلامية، فإنّنا تربينا وكبرنا على ثقافة الطموح والتميز والاستثنائية، فتعلمناها في دروس اللغة ونصوص الأدب والشعر، ومن منّا لم يردد مع أبي الطيب المتنبي "عَلى قَدْرِ أهْلِ العَزْم تأتي العَزائِمُ/ وَتأتي علَى قَدْرِ الكِرامِ المَكارمُ/ وَتَعْظُمُ في عَينِ الصّغيرِ صغارُها/ وَتَصْغُرُ في عَين العَظيمِ العَظائِمُ"، ومع أبي القاسم الشابي: "وقالت لي الأرض لما تساءلتُ: "يا أم هل تكرهين البشر/ أحبّ في الناس أهل الطموح/ ومن يستلذ ركوب الخطر".

إنها ثقافة العزم والعزيمة والإصرار على مواجهة التحديات، ثقافة النخوة والمروءة والمكارم العربية والإنسانية، ثقافة الوفاء للذات والإخلاص للجماعة والإتقان للعمل، التزاماً بوصية رسولنا الكريم، صلى الله عليه وسلم، :"إِنّ اللَّهَ تَعَالى يُحِبّ إِذَا عَمِلَ أَحَدُكُمْ عَمَلاً أَنْ يُتْقِنَهُ".

إنها ثقافة الطموح وركوب الخطر سعياً للاستكشاف، وفي هذه الثقافة تكمن الأسباب التي ترسّخ دور المتميزين وتؤهلهم للجوائز والتكريم والتقدير.

 

 كثير من الجوائز نلتِها من دول الخليج العربية مثل الإمارات والسعودية تقديراً لريادتك في الإعلام والأعمال والتطوع، كيف تفسرين ذلك في ظل ما يُثار من مفاهيم مغلوطة حول دور المرأة وموقعها في هذه الدول؟

إنّ كثيراً من الناس، جماعات وأفراداً إمّا مرضى بعقد العنصرية والتعالي أو هم مرضى بالتطرف والعصبية الكارهة للبشر والساعية إلى الإلغاء والإقصاء، وهذان النموذجان هما معاً من الذين لا يحبون النجاح، ولا يعترفون بالحقائق الواضحة الناصعة للعيان، هؤلاء هم أعداء حياتنا وطبيعتنا، كما أنهم المروّجون للاتهامات الجوفاء بأنّ خليجنا العربي مقصّر في إعطاء المرأة حقوقها، ومقصّرٌ في تقدير دورها وتمكينها في المجتمع والحياة.

وهنا، يجب أن نشير إلى العدد الكبير من النسوة اللامعات في كل مجال، بالإنجازات المتميزة والأدوار القيادية بدءاً بالوزيرات، والبرلمانيات، والقيادات الإشرافية من النساء، وصولاً إلى رائدات الأعمال والإعلاميات والفاعلات في العمل التطوعي والمجتمعي، وفي كل هذا يكفي أن نسلط الضوء على التجربة القيادية في الحالة الإماراتية لسمو الشيخة فاطمة بنت مبارك، رئيسة الاتحاد النسائي العام الرئيسة الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية، رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة، حفظها الله.

إنّ المرأة السعودية اليوم تمتلك كل الحقوق، وتقتحم كل مجالات العمل والحياة، وفي هذا الأمر التزام خليجي بأن المرأة اليوم هي أيقونة نهضة المجتمعات العربية الخليجية، وعنصر تنميتها وبنائها ونمائها، وهي نصف المجتمع بل أكثر.

ماذا تشكل لك كسيدة أعمال رؤية 2030 ما الآفاق التي تفتحها أمامك وغيرك من رجال الأعمال والمستثمرين؟

 رؤية 2030 هي قلب طموح كل إنسان سعودي وعربي مدرك لأهمية الدور القيادي الجيو-سياسي الاستراتيجي للمملكة حفظها الله قيادةً وشعباً، إلى جانب شقيقاتها أعضاء مجلس التعاون لدول الخليج العربية، ولا يكون هذا الدور مكتملاً إذا لم يستند إلى وفرة موارد، ونظام اقتصادي واجتماعي مستقر وتنمية بشرية واستدامة واقتصاد معرفة منفتح على العالم وإيجابي يسهم بفعالية في الإنماء والبناء داخلياً وخارجياً، وهذا كله تحققه للشعب السعودي رؤية 2030.

ولنا نحن رائدات ورواد الأعمال الناشطين مجتمعياً وإعلامياً الدور المهم في رفد هذه الرؤية ودعمها عبر إسنادنا برأينا ورؤيتنا، ونشر الوعي بقيمها ومرتكزاتها في أوساط المجتمع السعودي، ومجتمعات دول الخليج العربية والوطن العربي والعالم الإسلامي بأسره، لأنّ مُخرجات ومستهدفات رؤية 2030، داعمة للنهضة في كل هذه المجتمعات، ومؤسسة للتنمية والبناء، وهي تشكّل تحدياً ستربحه المملكة بقيادة سلمان الحزم ورؤية ولي عهده الأمين، وستربحه معها دول العالمين العربي والإسلامي في سعيها إلى تحقيق طموحات شعوبها في الاستقرار الاقتصادي والنمو المعرفي والتنمية ببعدها البشري والمادي معاً.

 

كيف ترين للتوجه التغييري والتنويري للملكة في ظل خادم الحرمين الشريفين حفظه الله، وولي عهده الأمير محمد بن سلمان وكيف ترين انعكاساتها على المجتمع؟

 إن الخطوات التنويرية التي يقودها خادم الحرمين الشريفين حفظه الله، وولي عهده الأمين، ليست بغريبة ولا بعيدة عن الشعب السعودي المؤمن بعروبته الأصيلة وإنسانيته المنفتحة على العالم أجمع، ولكن المملكة مرّت في فترة ثبات على مفاهيم مستمدة من ديننا الحنيف ورسالتنا الإسلامية السامية ولكنها باتت تحتاج منا اليوم وعياً مغايراً منفتحاً على الآخرين، معززاً لقيم التنوير والاعتدال والوسطية، بخاصة في ظل ما بات يُعرف عالمياً بالفوبيا الإسلامية، أو الخوف من الإسلام والمسلمين، وها قد قدّر الله لنا قائداً شاباً واعياً بمتطلبات المرحلة، مدركاً خطورة أن يتم تحجيم دور المملكة العربي والإسلامي والعالمي بحجج واهية ذات صلة بالإرهاب الذي اتهمونا به دون وجه حق.

وأقول بكل صراحة إنه لولا استعداد المجتمع السعودي لهذه التغييرات لما كانت أصلاً لتحدث، فسمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، حفظه الله، شخصية شبابية ملتصقة بالشعب ومحاطة بكبار المستشارين والمفكرين والباحثين، وهو مدركٌ تماماً الحاجة الماسة للشعب السعودي إلى التغيير والتنوير، كما هو مدرك لأهمية الثقافة والفنون والانفتاح في استقرار المجتمع ومساقات تبادل الخبرات المعرفية والتواصل مع العالم في خدمة الإنسانية جمعاء.

 للأسف هناك إعلام عربي وإقليمي ودولي مضاد يحاول أن ينتقص من الدور الذي تلعبه المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات والدول المناهضة للإرهاب والتطرف في المنطقة ماذا تقترحين للمواجهة؟

أقترح أن نقوم نحن الإعلاميون بدورنا الهام في تصويب مسارات الخبر وإرشاد وتوجيه الوعي العام نحو مستهدفات وطنية وإنسانية بعيدة عن التطرف والإرهاب، ناشرة لقيم الاعتدال والتلاقي مع الآخر الإنسان أيا كان دينه ومذهبه وجنسيته، وهذا الدور لا بدّ وأن يساند الجهود الدبلوماسية السامية التي تبذلها المملكة العربية السعودية والإمارات خاصةً، في سبيل إحقاق الحق وأن تسود الوطن العربي قيم السلام والمحبة بدلاً من التقسيم والتفتيت والخريف العربي الذي لم يأتِ بأي خير أو ربيع، بل نشر الدمار والقتل وغلّب مفاهيم الإقصاء والإلغاء للآخر حتى ولو كان شريكاً في الوطن والعيش المشترك.

 

 كيف تقيّمين دور الإنتاج التلفزيوني والسينمائي وخصوصا الدراما في مواجهة قوى الشر من الارهاب والفكر المتطرف؟

الفنون بأسرها تحبّب لنا القيم وتقدّم لنا العادات والتقاليد بجوانبها الإيجابية التي نتفق حولها كمتابعين وصانعين للإنتاج التلفزيوني والسينمائي، والدراما حتى في تناولها المعاناة الإنسانية يجب أن تحمل رسالة أمل للإنسان وأن تقترح حلولاً بعيدة عن العنصرية والشر والإرهاب والتطرف.

وكما للقيادات الإعلامية دورٌ كبير في مواجهة قوى الشر والتطرف، فللنجوم التلفزيونيين والسينمائيين ونجوم الدراما تحديداً دورٌ كبير وهم يدخلون كل بيت، ويؤثرون في كل مُشاهد، ويمكن لدورهم أن يكون مؤثراً مجتمعياً وفاعلاً وطنياً وإنسانياً.

 كيف ترين لوضع المرأة العربية على خارطة العمل السياسي والاجتماعي العربي على الرغم من أنها قوة لا يستهان بها في الشارع العربي؟

 المرأة العربية تعيش وضعين مختلفين تماماً في رأيي، بحسب الدولة التي تعيش فيها، فمن جانب، نرى أن دولاً رعت السلام ودعت إلى الحلول السلمية والتنمية والتنوير والانفتاح مثل الإمارات والسعودية وغيرها، تمارس المرأة فيها كامل حقوقها وحرياتها، وتعيش فيها المرأة شراكةً مجتمعيةً حقيقية، وتقود فيها المرأة الفعل الدبلوماسي والبرلماني والحراك التطوعي والإنساني والخيري، بينما في المقلب الثاني نرى دولاً ارتبطت بمحاور الشر وقدّمت إنسانها وبشرها وحجرها وقوداً لأتون التجزئة والتقسيم والطائفية، وكانت المرأة فيها في مقدمة ضحايا هذه السياسات الرعناء والمريضة بأوهام الغلبة وتحكّم الملالي والولي الفقيه والمرشد الأعلى. 

كيف ترين لمستقبل الاعلام العربي في المرحلة القادمة خاصة في ظل ما يتهدده من تأثيرات قوية لمواقع التواصل الاجتماعي كتويتر وفيسبوك؟

الخائفون على الإعلام خائفون منه، هذه حقيقة أدركها كوني إعلامية "مخضرمة" عاصرت كل التحولات في الإعلام التقليدي وصولاً إلى ما نعيشه اليوم من واقع الإعلام الجديد والتواصل الاجتماعي، أو نيو ميديا، والسوشيال ميديا، فالإعلام لم يكن يوماً قابلاً لانقراض ما بقدر ما هو قابل للتحولات في الأدوات والوسائل، أما الغاية فستظل واحدة، وهي تتمثل في نقل الخبر وإبداء الرأي views and news، ولهذا علينا بدلاً من أن نركّز على التهديدات أن نركّز على الفرص، فبالإعلام الجديد اليوم نسنطيع أن نصل إلى كل عقل، وأن ندخل كل بيت وكل غرفة فيه، وهذا أفضل ما قدّمه لنا الإعلام الجديد، لذا يجب أن نركّز على المحتوى وعلى النوع، وأن نحمّل كل آليات التواصل والإعلام الجديد، قيمنا ومفاهيمنا ومنظوماتنا الأخلاقية والوطنية إرثاً وحاضراً واستشرافاً للمستقبل.