صدر عن دار الشؤون الثقافية العامة التابعة لوزارة الثقافة ببغداد ،وضمن سلسلة (نقد) كتاب (القصة القصيرة جداً في العراق)، اعداد وتقديم هيثم بهنام بردى، وثّق فيه رحلة هذا الجنس الادبي منذ الولادة مستهل ثلاثينيات القرن الماضي على يد الرائد نوئيل رسام، وحتى الزمن الحاضر.
يقع الكتاب في 203 صفحة من القطع المتوسط ، واشتمل على مقدمة طويلة كتبها الشاعر والكاتب والمؤرخ المغربي د. جميل حمداوي، افتتحها بتوطئة قال فيها ان الكتاب يعد من اهم الكتب التي حاولت ان تلقي نظرة عامة حول القصة القصيرة جدا في العراق، تعريفا، وتأريخا، وتحليلا، وتوثيقا، وتمثيلا. وتكمن اهميته في كونه يقدم مشهدا ثقافيا وببليوغرافيا للقصة القصيرة في العراق ولان الكتاب في الحقيقة عبارة عن ببليوغرافية ادبية قائمة على التحقيب، والتجنيس، والتصنيف، والتعريب، والتمثيل.
&
العراق مهد القصة القصيرة جدا
كما تضمنت المقدمة شرحا لظهور القصة القصيرة جدا قبل قرن وأكثر، حيث تراوحت بين القبول والرفض والتردد، وأقبل عليها كتاب عالميون، مثل : إدغار آالن بو، وهنري، وساقي، وناتالي ساروت، وآالن روب غرييه،وصموئيل بيكيت وميشيل بوتور وكلود سيمون وجورج.هـ.فرتياك وكونتن رينولدز، وغيرهم كثير..، موضحا (وأصبح لهذا الجنس الادبي الجديد أركان وتقنيات ومقومات داللية وفنية وجمالية،كالاختزال، والايحاء، والضربة التثويرية الختامية. ومؤكدا ان الدارسين والباحثين اختلفوا حول حجمها،فاتفقوا على ألا: تقل عدد كلماتها عن خمسمائة،ولا تزيد على الالفين.أي: ما يعادل صفحتين من الفولسكاب، وهذا ما تحقق في أغلب النصوص التي نشرت لافذاذ القصاصين الوارد ذكرهم، ثم قدم عرضا تاريخيا للقصة القصيرة في العراق، وأوجد العديد من تعاريفها لكتاب اجانب وعراقيين ، قبل ان يوضح (البنى الارتكازية) لهذا الفن ومن ثم تجنيس القصة القصيرة جداً كما تحدث عن الاجيال القصصية في العراق، وانتهى بـ (تركيب واستنتاج) اكد فيه (تبين لنا بكل وضوح بأن العراق هو مهد القصة القصيرة جدا، وذلك منذ سنوات الستين والسبعين من القرن الماضي. وبهذا، يحتل العراق ريادة شعر التفعيلة، وريادة القصة القصيرة جدا، وريادة صدور بيانات القصة القصيرة جدا، وريادة ظهور جماعات القصة القصيرة جدا. لكن ما يلاحظ على المبدع والباحث العراقي هيثم بهنام بردى أنه اتبع في كتابه منهجا إقليميا قائما على النزعة التاريخية، والتصنيف الببلوغرافي
والقراءة الفنية الانطباعية، واستعمال الملحقات لتكون شواهد نصية على تطور التجربة العراقية في القصة القصيرة جدا ضعفا ونضجا.
&
جهد واضح ومميز
ومن خلال القراءة للكتاب يتوضح الجهد المبذول من قبل هيثم بهنام بردى(تولد 1953) وهو قاص وروائي وكاتب ادب طفل، حيث عاش رحلة طويلة في البحث عن كل ما يخص هذا الجنس الادبي الجميل والصعب ، خاصة في البحث عن الاسماء الادبية التي مارست كتابة هذا الفن ونتاجاتها بالعناوين والتواريخ ولكنني ابديت ملاحظة واحدة هي اغفاله (من دون تعمد طبعا) القاص صالح الشيباني المتخصص في كتابة القصة القصيرة جدا والذي تميز فيها .
&
الجنس وكينونته
توزع الكتاب الى ثلاثة اقسام ، تضمن القسم الأول: بعنوان (في الجنس والكينونة)، رصد فيه الولادة مع نبذة تاريخية، ثم أورد تعاريف عديدة لهذا الجنس لمنظرين ونقاد عالميين وعرب وعراقيين، ثم الكينونة وحتمية انتمائها الى فن القصة القصيرة مع بعض الفروقات التي تضفي عليها سمتها، حيث يوضح (إن القصــة القصــيرة جــدا لا يمكن ان تكون اســتثناء مــن فـن القصص عموما ولكنها ليست (فرايدي - روبنسـن كـروزو) أي أنهـا ليسـت تابعـة عميـاء للقصـة القصيرة، أو أن بنيتهـا مغيبـة وشـاحبة إزاء صـنوها القصـة القصـيرة بـل أنهـا تقـف علـى خـط واحـد،فهمـا تنبعـان مـن أصل واحـد، ولكـن ثمـة إختلافـات غيـر جوهريـة تميز القصة القصيرة جدا عن الاخرى) ،وأدرج في نهاية القسم عنواناً ضافيا بقلم الناقد جاسم خلف الياس هو (القصة القصيرة جداً نوعاً أدبياً) وهو الفصل الأول من رسالة الماجستير التي نالها بامتياز من كلية التربية بجامعة الموصل عام 2007، كما تضمن بحثا بعنوان (القصة القصيرة جدا والبحث عن نوع أدبي جديد) للدكتور نجم عبدالله كاظم، فيما كان القسم الثاني مواضيع مثل : القصة القصيرة جدا : عربيا.. لمن الريادة؟. القصة القصيرة جدا في العراق ..الريادة التاريخية : نوئيل رسام . الريادة الرديفة : عبدالمجيد لطفي ،وضمن القسم هذا بحثا بعنوان (عبدالمجيد لطفي وريادة القصة القصيرة جداً في العراق) بقلم جمال نوري.

الولادة المعافاة والتجدد
اما القسم الثالث فكان عن (الاجيال القصصية) ،وارفقه به إحدى وخمسين قصة قصيرة جداً مختارة للأجيال المختلفة ،فيتناول الجيل الستيني الذي منه قدحت شرارة القصة القصيرة جداً، مشيرا الى ابناء هذا الجيل بالقول ( ومـن ضـمن مـا جربوه في مغامرتهم الصاخبة كتابة القصة القصيرة جـدا وا ، وج لهـم يجهـل تجربـة نوئيـل رسـام، فكـان بحق حاملي الصولجان والمزمرين الوحيدين في قاعات الصمت القصصي الجديد، وهكـذا كـان ..فتحــوا الكــوى والنوافــذ واألبــواب ليتصــادى صــداحهم إلــى األرجــاء ليعلنــوا أنفســهم مشــاعال للجــنس الجديد )،.. ومن ثم تجددها وتألقها على يد الجيل السبعيني، حبث قال عنه (واكتشف القصة القصيرة جدا كتابة هذا الجنس الادبي بعد حـين مـن الخـوض فـي غمـاره، فأعـاد السـبعينيون الحيـاة لهـذا الجـنس الادبي عبر محاوالتهم الدؤوبة والمتواصلة في الكتابة والنشر فظهرت نصوص كثيرة في الصـحف والمجـلات وبتواصـل غزيـر، وظهـرت كتابـات تنـاقش جـدوى
كتابـة هـذا الجـنس الادبي) ،ثم الولادة المعافاة للجيلين الثمانيني القائل عنه ( فتآصر الثمانينيون وواصلوا الدرب سوية مـع السـتينيين والسـبعينيين وبـرزت أسـماء حفـرت لها أماكن في مسلة الابداع ) والتسعيني اعتماداً على تجربتي الجيلين السابقين، وقوله (أن حقبة التسعينات كانت فترة ازدهـار القصـة القصـيرة جـدا عبر النصوص الناضجة للاجيال السابقة مع توضح ملامح لاسماء جديدة واعدة تعد بالكثير) ، وأخيراً جيل الألفية الجديدة الذي قال عنه (ظهـرت أسـماء جديـدة اجتهـدت أن تكتـب، بـل أن تتخـذ مـن هـذا الجـنس الادبـي منهجـا وهوية وانتماء فأفلحت بعض الاسماء بفضل تواصلها وهضمها تقانـات وأصـول كتابـة هـذا الجـنس) .
وتضمن الكتاب اسماء كتاب هذا الجنس الادبي حسب الأجيال القصصية، فضلا عن إلاصدارات القصصية العراقية في هذا المجال .