طالب ضحايا الشيكات المرتجعة في الإمارات بتشديد العقوبات بحق الجناة لتكون رادعًا لهم مع إلزامهم في الوقت عينه بسداد كل ما يترتب عليهم من أموال اختلسوها، مشيرين لـ"إيلاف" أن كثيرين يختارون الحبس تملصًا من دفع المبالغ المتوجبة عليهم.


أحمد قنديل من دبي: قال عدد من ضحايا الشيكات المرتجعة "بدون رصيد" في الإمارات لـ"إيلاف" إن القوانين والعقوبات الجنائية الحالية التي تفرض على محرري الشيكات بدون رصيد غير رادعة وغير ملزمة، كما إن الأحكام التي تصدر ضد هؤلاء تتيح للجاني فرصة التهرّب من الدفع عبر تخييره بين الدفع والحبس، حيث يختار الكثير من المحتالين الحبس للتهرّب من سداد المبالغ الكبيرة التي حصلوا عليها من ضحايا الشيكات.

وبعد انقضاء الدعوى الجنائية قد لا يحصل الشاكي على نقوده، ومن ثم عليه أن يقوم برفع دعوى مدنية ضد محرر الشيك، وعليه توكيل محامٍ لمتابعة القضية، ما يستنفد منه أموالا كرسوم له، إضافة إلى الانتظار أشهرًا عدة حتى تنتهي القضية، إما بالحصول على أمواله أو خسارتها.

سوء نية
وطالب منصور علي أحد ضحايا الشيكات المرتجعة الجهات المختصة بضرورة تشديد العقوبة على محرري الشيكات "بسوء نية"، وإلزام الشرطة والنيابة العامة بحبسهم مباشرة فور فتح بلاغ الشيكات ضدهم، وألا يتم خروجهم بضمان جوازات سفرهم، مؤكدًا على أهمية استمرار حبسهم على ذمة القضية، حتى يشكل ذلك عامل ضغط عليهم، ويكون رادعًا لهم، ويلزمهم بسداد ما عليهم من أموال.

ونوه بأنه حصل على أمواله بعد انقضاء نحو 6 أشهر من لحظة تقديمه الشيك إلى البنك لصرفه، والحصول على إفادة من البنك بأنه لا يوجد رصيد كاف لتغطية المبلغ المذكور في الشيك، حتى إعلان المحكمة حكمها بحبس المشكو في حقه، وسداد قيمة الشيك.

مكان تسليم الشيك
وأشار محمد عبدالله من ضحايا الشيكات المرتجعة إلى أن "الشرطة في الإمارة المتواجد فيها الشاكي ترفض قبول فتح بلاغات في الشيكات التي يتم استلامها من إمارة أخرى، أي إنها تقول للشاكي عليك فتح بلاغ في المنطقة التي تم استلام الشيكات فيها من المشكو في حقه، وإنه عندما يذهب إلى الإمارة التي استلم فيها الشيكات لا بد أيضًا أن يذهب إلى مركز الشرطة التابع للمنطقة التي تسلم فيها الشيكات، وذلك حتى تتم الموافقة على فتح بلاغ في الشيك".

مبينًا أنه "بالتالي ستستمر القضية حتى نهايتها في المحكمة في الإمارة نفسها التي تم فيها تسليم الشيكات، وأن ذلك الأمر يشكل عامل إرهاق ومشقة كبيرين للشخص الشاكي إذا كان يقيم في إمارة أخرى غير تلك التي تسلم فيها الشيكات من محررها".

وأوضح أنه لم يحصل على نقوده من المشكو في حقه في الدعوى الجنائية بعد فتح بلاغ شيك بدون رصيد ورفض المشكو في حقه السداد أمام الشرطة، ومن ثم تم تحويل البلاغ إلى النيابة التي حوّلت القضية الى المحكمة، وأصدرت المحكمة حكمها بسجن محرر الشيك ولكنها لم تلزمه بالسداد.

ولفت عبدالله إلى أنه اضطر بعد ذلك إلى رفع دعوى مدنية ضد محرر الشيك، واستمرت القضية المدنية 3 أشهر إضافية حتى حكمت المحكمة بإلزام محرر الشيك بسداد كامل المبلغ.

أتعاب المحاماة
أحمد سليمان، أحد ضحايا الشيكات المرتجعة، قال إنه يجب أن يتم الحجز على أموال وحسابات المتهم، وأن يتم تجميد جميع حساباته البنكية حتى يشكل ذلك ضغطًا كبيرًا عليه ويلتزم بالسداد.

وأكد أيضًا على ضرورة أن تلزم المحكمة المتهم بسداد قيمة الشيك، حتى وإن اختار الحبس، حتى لا يضطر الشاكي إلى رفع دعوى مدنية ضد محرر الشيك. فضلًا عن اضطرار الشاكي إلى دفع المزيد من الأموال للمحامي، الذي يترافع في قضاياه بين الدعاوى الجنائية والمدنية، حيث تصل أتعاب المحاماة إلى نحو 10 آلاف درهم في القضية الواحدة.
&
محاكم متخصّصة
وذكر المحامي مصطفى سالم أن قضايا الشيكات بدون رصيد أو "المرتجعة" قد ارتفعت نسبتها في الإمارات بشكل كبير أخيرًا، وتتكدس بها المحاكم، ما يؤثر على سرعة إنجاز القضايا الجنائية الأخرى. مؤكدًا ضرورة إنشاء محاكم متخصصة في القضايا المالية حتى يتم الانتهاء سريعًا من تلك القضايا التي تتكدس بها المحاكم.

وأشار إلى أنه في قضايا الشيكات تعرض الشرطة على المشكو في حقه سداد المبلغ كاملًا، وإلا فإنه يتم فتح بلاغ ضده وتكفيله وعرضه على النيابة التي تستمع الى الطرفين الشاكي مستلم الشيكات، والمشكو في حقه محرر الشيكات، ومن ثم تقرر النيابة تحويل القضية إلى المحكمة إذا لم تحدث هناك تسوية ودية بين الطرفين، ولم يلتزم المشكو في حقه بسداد قيمة الشيكات المرتجعة.

أضاف سالم أنه عندما يتم تحويل القضية إلى المحكمة قد تأخذ وقتًا طويلًا حتى يتم الفصل في الدعوى. وفي النهاية قد تحكم المحكمة بالحبس أو الدفع لمحرر الشيكات. وقد يختار المشكو في حقه الحبس، وبذلك يكون قد مر وقت طويل من دون أن يحصل الشاكي على نقوده. وهنا يضطر الشاكي إلى رفع دعوى مدنية ضد المشكو في حقه أمام محكمة أخرى، وقد تمتد تلك الدعوى لشهور عديدة أخرى حتى يتمكن الشاكي من الحصول على أمواله من محرر الشيك.

وأوضح أن غالبية القضايا المالية التي تنظر في المحاكم تكون بسبب توقيع محرري الشيكات على شيكات "بسوء نية"، أي يقوم المشكو في حقه بإصدار شيكات، ولا يضع في البنك التابع له الشيك ما يغطي قيمته، وتسمّى تهمة "إصدار شيك بسوء نية"، وهي معاقب عليها في القانون بالحبس.

ونوه بأن قضايا الشيكات تتنوع بين التلاعب في التوقيع بغرض عدم تمكن الشاكي من صرف الشيك في البنك، وبين التلاعب بشكل الشيك وإفقاده إحدى خصائصه الشكلية بغرض التهرّب من السداد وعدم الوقوع تحت طائلة تهمة "كتابة شيك بسوء نية".