وصلت السياحة في لبنان إلى حد غير مقبول مع إقفال مئات المطاعم، وبعض الفنادق المقفلة جزئيًا، وعلت أصوات المؤسسات السياحية مطالبة بحل سياسي إقليمي وداخلي لحل معضلة السياحة في لبنان.


ريما زهار من بيروت: تعيش السياحة في لبنان هاجس شبح الإقفال، لا بل أقفلت مئات المطاعم، ومئات أخرى في وسط بيروت يتهدّدها الإقفال، كل الفنادق مقفلة جزئيًا، أكثر من 50 من في المئة طبقاتها وغرفها مقفلة إلى حين الفرج، وهذا الأمر يتطوّر لِيُصبِح كليًّا لبعضها، والمفاجآت آتية على الطريق، أكثر من 100 شركة من وكالات تأجير السيارات أُقفِلَت، فيما انخَفَض عدد الأسطول من نحو 16 ألف سيارة إلى نحو 8000 سيارة. كذلك الأمر بالنسبة إلى الشقق المفروشة والمؤسسات البحرية.

في هذا الصدد يعتبر الخبير الدكتور لويس حبيقة في حديثه لـ"إيلاف" أن السياحة في لبنان وصلت إلى حد غير مقبول، وكذلك الأفق يبقى رماديًا، والمؤسسات السياحية في لبنان تخفف الكلفة وتحاول القيام بالمستحيل للنهوض بالسياحة اللبنانية، غير أن الأفق ليس أفضل من الماضي، والمؤسسات تعيش ظروفًا داخلية متشنجة وظروفًا إقليمية أشد سوادًا.

عن إقفال مئات المطاعم والحديث عن فنادق مقفلة جزئيًا إلى أين نحن سائرون؟، يلفت حبيقة إلى أن استمرار الأوضاع على ما هي عليه سوف تقفل بعض المطاعم والفنادق، وما تبقى منها يستمر في العمل، غير أن السوق تصبح أصغر من السابق، وعندما تصبح السوق أصغر هناك عدد أقل من المؤسسات تتنافس لتلبية الحاجات.

يضيف: "لسنا الدولة الوحيدة، حيث تقفل الفنادق والمطاعم فيها، هذا يحدث عالميًا، غير أن الأمر يحدث عالميًا، بسبب عامل السوق. أما لبنانيًا فالعامل السياسي والداخلي والإقليمي هو السبب".

ويشرح حبيقة أنه في لبنان تم إنشاء سوقًا سياحية حتى يكون لبنان العاصمة السياحية للمنطقة، لكن للأسف بسبب الأوضاع المنحدرة، ومع الوضع السوري منذ بداية العام 2011 ساءت الأمور، وما كان معمولاً لتغطية سوق سياحية كبيرة سيتغير، وستقفل بعض المؤسسات والمطاعم، وتصبح السوق السياحية أصغر لتكفي لبنان بوضعه الحالي.

إنقاذ السياحة
كيف يمكن اليوم إنقاذ الوضع السياحي في لبنان؟، يؤكد حبيقة أن الوضع السياحي في لبنان لا يمكن إنقاذه طالما الأوضاع الداخلية والخارجية على ما هي عليه، يجب إنقاذه بالسياسة، من خلال انتخاب رئيس للجمهورية، وحكومة جديدة، إلى مجلس نواب يعمل، إلى وضع سوري يتحسن، المشكلة ليست إقتصادية، بل هي سياسية إقليمية وداخلية، يمكن القيام بأعمال تبقى مخففة للوجع السياحي، من خلال خفض الضرائب وإزالة العقوبات على المؤسسات. ولكن يبقى الحل في إنماء جاذب للسياحة،،، وهو أمر غير ظاهر حتى الآن في لبنان.

اليد العاملة
عن اليد العاملة الخبيرة في مجال القطاع السياحي التي تهاجر، وكيفية الحد من هذا الموضوع، يؤكد حبيقة أنه طالما الوضع السياحي في لبنان على ما هو عليه، لا يمكن منع اليد العاملة الخبيرة من الهجرة، وطالما السوق العربية والخليجية تستوعب هذه اليد العاملة فلا مشكلة إطلاقًا، لأنها ستعود إلى لبنان عندما تهدأ الأمور، والخوف من هجرة اليد العاملة إلى الغرب، لأنها لا تعود.

لحسن الحظ، لا تزال الدول الخليجية، وعلى رأسها دبي، تستطيع تشغيل أعداد كبيرة من اللبنانيين، وهذا أمر مهم، خصوصًا في ظل الظروف الحالية في لبنان.

السياحة والاقتصاد
وردًا على سؤال ما هي أهمية القطاع السياحي بالنسبة إلى اقتصاد لبنان، يرى حبيقة أنه مهم جدًا، لأن لبنان منذ القدم يعتبر اقتصادًا خدماتيًا، وقطاع السياحة أساسي فيه لأنه يشغّل قطاعات أخرى، من زراعة وصناعة وتجارة، والسياحة تبقى وجه لبنان الحضاري. والسياحة أساسية لاقتصاد لبنان ولصورته في المنطقة وفي الخارج، وعندما يُضرب الوجه السياحي لأي دولة من الصعب إعادته.

عن القطاعات الإقتصادية الأخرى التي تتأثر بالقطاع السياحي من زراعة وتجارة وصناعة وكيفية تأثرها بالقطاع السياحي، يؤكد حبيقة أن عدم وجود سياح يؤدي إلى استهلاك خفيف للموارد الزراعية، واستهلاك السلع الصناعية يقل أيضًا، والسياحة مهمة لتأثيرها على الاستهلاك الزراعي والصناعي، لذلك المؤسسات السياحية عندما تعترض يجب أن تؤازرها المؤسسات التجارية والصناعية والزراعية.

ما هو البديل من القطاع السياحي لإحياء اقتصاد لبنان مجددًا؟، يلفت حبيقة إلى أنه للأسف لا بديل حتى الساعة، ولكن على المدى الطويل يجب الإكثار من تنويع الزراعة والصناعة لتصديرها، ليس فقط للدول العربية، بل الغربية أيضًا.

عن تأثير النفايات في تشويه صورة لبنان السياحية، يؤكد حبيقة أنها أثرت كثيرًا في هذا المجال، وكذلك أثرت كيفية التعاطي مع الحراك المدني وتصرف بعض الأشخاص في هذا الحراك أيضًا.


&