نوه تقرير لصحيفة وول ستريت جورنال الأميركية بدور الأمير محمد بن سلمان نائب ولي العهد السعودي في إنجاز اتفاق الجزائر النفطي ووصفه&بالمحرك الرئيس لهذا الاتفاق وذلك عندما قرر إيفاد وزير الطاقة السعودي إلى اجتماع أوبك في مهمة صعبة.

إيلاف من لندن: تلوح في الأفق النفطي إشارات قوية توحي بتحركات جادة في "أوبك" لرسم سياسة خفض الإنتاج. وسيعقد وزراء النفط اجتماعًا في إسطنبول في بداية الأسبوع المقبل، لكنه وحسب مصادر روسية من غير المتوقع التوصل إلى اتفاق نهائي قبل اجتماع المنظمة المقرر في 30 نوفمبر.

وافقت المنظمة في 28 سبتمبر على خفض الإنتاج إلى نطاق بين 32.5 و33 مليون برميل يوميًا، وهو أول خفض للإنتاج منذ الأزمة المالية العالمية في 2008.

وقد تراجعت أسعار مزيج برنت في العقود الآجلة في نهاية الأسبوع المنصرم، بعدما اقترب لفترة وجيزة من أعلى مستوياته في 2016، حيث بددت تخمة المعروض في السوق التفاؤلات باستمرار صعود سعر الخام، حيث استقر مزيج برنت على سعر 52 دولار للبرميل، بينما ارتفع مزيج غرب تكساس الوسيط إلى 50.74 دولار للبرميل، وهذا أعلى مستوى منذ 23 يونيو 2016.

ولا تزال هناك مخاوف في صفوف المراقبين بأن اقتراح منظمة البلدان المصدرة للبترول «أوبك» لخفض الإنتاج، للمرة الأولى منذ 2008، قد يؤدي إلى ارتفاع كبير في الأسعار، مع تنامي الشكوك في جدوى قرار المنظمة.

لا بد من الإشارة إلى الاجتماع غير الرسمي، الذي عقد في الجزائر خلال الشهر الماضي، حيث اتفقت «أوبك» على خفض الإنتاج إلى ما بين 32.5 مليون و33 مليون برميل يوميًا، في مسعى إلى إنهاء «حرب الإنتاج»، التي تسببت في تخمة المعروض، وأدت إلى هبوط الأسعار أكثر من 50 في المئة منذ منتصف 2014.

الأمير محمد بن سلمان المحرّك الرئيس
وحسب صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية للمال والأعمال (في تقرير يعود تاريخه إلى 6 أكتوبر الماضي)، فإن الأمير محمد بن سلمان نائب ولي العهد السعودي كان المحرك الرئيس لاتفاق الجزائر، عندما أرسل وزير الطاقة السعودي خالد الفالح إلى اجتماع أوبك في الجزائر، وكلفه مهمة صعبة. وتفاصيل هذه المهمة الصعبة تتمحور حول إنجاز صفقة ما مع إيران، ولكن من دون القبول بأية مساومات تؤدي إلى خسارة المملكة لحصتها في السوق.&

وتقول الصحيفة إن نائب ولي العهد الأمير محمد بن سلمان أوعز لوزير الطاقة برفض المحاولات السابقة الرامية إلى التوصل إلى صفقة مع "أوبك" هذا العام بسبب القلق المتزايد من الإنتاج الإيراني بعد رفع العقوبات. وذكرت "وول ستريت جورنال" أن الأمير محمد، وبالتشاور مع وزير الطاقة، أوقف الاتفاق بين روسيا وأوبك في الدوحة في إبريل الماضي. &

لكن بعد لقائه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أثناء مؤتمر مجموعة العشرين في الصين في أوائل سيبتمبر الماضي تغيرّت الأجواء. بعد ذلك التقى وزير الطاقة الروسي نظيره السعودي، واتفقا على إعادة الاستقرار إلى السوق. ويعتقد أن اللقاء في الصين ساهم في تسهيل العقبات، والتوصل إلى اتفاق في الجزائر. كانت هناك مخاوف حقيقية من أنه إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق، ستفقد "أوبك" أهميتها في المشهد النفطي العالمي.

أما الاتفاق الذي تم التوصل إليه في الجزائر في أواخر سبتمبر الماضي فسيقلص إنتاج "أوبك" بنسبة 1 إلى 2% يوميًا، وكان رد فعل السوق هو كسر حاجز الخمسين دولار للبرميل.&

من ناحية أخرى ساعد تناقص المخزونات الأميركية بمقدار 3 ملايين برميل في أواخر سبتمبر على رفع الأسعار فوق الخمسين دولار.&

وحسب مراقبين مطلعين على المشهد النفطي السعودي، لم يقم الأمير محمد بن سلمان بالسماح لأي تغييرات كبيرة قد تهدد استراتيجية السعودية بالتمسك والمحافظة على حصتها السوقية. هذا رغم أن السعودية ستتحمل وزر تخفيض الإنتاج بـ400 ألف برميل يوميًا بحلول نهاية العام. ومن الملاحظ أيضًا أن إيران أبدت بعض الليونة المبهمة في وضع سقف لإنتاجها بعد الوصول إلى مستويات ما قبل فرض العقوبات عام 2012.

رسالة السعودية إلى الأسواق
وكانت رسالة السعودية إلى الأسواق أثناء المحادثات في الجزائر واضحة، وتتألف من شقين، الأول: أن الوقت قد حان لأن تتبنى منظمة أوبك فعليًا سياسة وضع سقف للإنتاج التي تخلت عنها قبل عام. وكان وزير الطاقة السعودي خالد الفالح قال إنه ينبغي السماح لإيران ونيجيريا وليبيا بالإنتاج "بالمستويات القصوى المعقولة"، في إطار أي اتفاق على تحديد سقف للإنتاج. والشق الثاني غير المعلن رسميًا هو نهاية الحرب ضد الزيت الصخري.

يمثل هذا تحولًا استراتيجيًا للرياض، التي قالت في السابق إنها لن تخفض الإنتاج للحدّ من تخمة المعروض، إلا إذا قامت الدول الأعضاء في أوبك والمنتجون المستقلون بالمثل. واستجابت الأسواق بسرعة لهذه الخطوة الجريئة، حيث يقدر غولدمان ساكس المصرف الاستثماري والاستشاري "أن الاتفاق الذي توصل إليه منتجو الخام في منظمة أوبك في الجزائر لتقليص الإنتاج سيضيف من سبعة إلى عشرة دولارات لأسعار النفط في النصف الأول من العام المقبل".

هذا بشرط أن يتم التطبيق بحزم ومن دون تلاعب. ولا يزال بعض المحللين تساورهم شكوك إن كان أعضاء أوبك سيلتزمون بالاتفاق.

وأكدت مصادر نفطية سعودية أن المملكة لا تزال قادرة على تلبية احتياجات الزبائن ومن دون خسارة حصتها في السوق. وعلى سبيل المثال، قامت السعودية الأربعاء الماضي بتخفيض أسعارها في أسواق مهمة في آسيا وأوروبا لتقوية القبضة على حصصها وبالتنافس مع إيران والعراق وأنغولا وأعضاء آخرين من "أوبك".

بينما يسلط التجار أنظارهم على روسيا، التي ستعقد لقاءات مع السعودية وأعضاء أوبك في إسطنبول، بعد أيام قليلة، ليتأكدوا من أن تلك الدول سوف تقوم فعلًا بتخفيض الإنتاج.

مما لا شك فيه أن انتعاش الأسعار سيساعد منتجي الزيت الصخري على العودة إلى السوق، وأي تخفيض في الإنتاج السعودي سيساعد النفط الأميركي.