تتأهب كل من مدن جدة والمدينة المنورة ومكة المكرمة للاستفادة من محطات مشروع قطار الحرمين، المقرر تشغيله مع بدايات 2018، حيث بدأت المحطات تبرز كتحف معمارية حضارية حديثة في تلك المدن، مشكلة بذلك ملمحًا خدميًا جديدًا وثقافة تتأهب المجتمعات المحيطة للتعامل معها باعتبارها نقلة نوعية في مجال الوظائف والتنمية والعقارات.

إيلاف من الرياض: يعتبر قطار الحرمين السريع، أول مشروع خط سكة حديدي كهربائي عملاق في منطقة الشرق الأوسط، حيث يربط بين منطقتي مكة المكرمة والمدينة المنورة، مرورًا بمدينة جدة، وذلك عبر 35 قطارًا. 

قدرت تكلفة المشروع 63 مليار ريال، باحتساب نزع ملكيات الأراضي، فيما سيكون له دور حيوي في عمليات نقل الحجاج والمعتمرين، وخاصة في مجال التخفيف من الاختناقات المرورية.

محطة مكة 
يتكون المشروع من 5 محطات رئيسة في كل من مكة والمدينة وجدة، ومطار جدة، ومدينة الملك عبد العزيز الاقتصادية. وفيما يجري العمل على المحطتين الأخيرتين، تم شبه الانتهاء من المحطات الثلاث الأولى، وأكبرها هي محطة مكة المكرمة، التي تبرز بشكل واضح للقادمين من مدينة جدة، بمحاذاة الطريق الدائري الثالث، حيث تبعد عن الحرم المكي الشريف قرابة ثلاثة كيلومترات، وتبلغ مساحتها الإجمالية 447600 م2.

صحافيون يزورون المحطات

تحتوي محطة مكة، إضافة إلى محطات كل من المدينة وجدة، على مرافق وخدمات للركاب وصالة للقدوم وأخرى للمغادرة، وعلى مركز للدفاع المدني، ومهبط للطائرات المروحية و10 أرصفة لوقوف القطارات وانتظار الركاب، ومواقف للسيارات، تشمل 5000 موقف، مقسمة إلى مواقف قصيرة، وأخرى طويلة الأمد، وصالات لكبار الشخصيات.

وقال عادل اللحياني، عضو الغرفة التجارية في مكة المكرمة، إن تشغيل محطة مكة سيقلل طوابير الانتظار والوقوف على قارعة الشوارع لانتظار مركبات النقل العام أو الخاص للسفر إلى جدة أو المدينة. 

أشار في حديثه لـ"إيلاف" إلى أن المحطة سوف تنعش الحركة التجارية في الأحياء المجاورة، حيث سوف يسهم تشغيل المحطة في توفير فرص استثمارية واعدة لأبناء مكة، فضلًا عن تشغيل الفنادق وعمارات الشقق المفروشة القريبة من محطة النقل الجديدة.

محطة جدة
أما محطة جدة فتبرز كمبنى خرساني عملاق، بمحاذاة طريق الحرمين السريع، مع تقاطع طريق الملك عبدالله، وتبلغ مساحتها الإجمالية 461000 م2، ويتميز منظرها بهيكل ضخم من سقف فولاذي، وأسطح من ألياف زجاجية، وجدران من مشربية معدنية. 
هذا وتحتوي المحطة على المرافق والخدمات نفسها الموجودة في محطة مكة، من صالة للقدوم، وأخرى للمغادرة، ومهبط للطائرات وأرصفة ومواقف، حيث تعد ثاني أضخم محطة بعد محطة مكة من حيث المساحة والأعمال والقيمة التعاقدية.

وأوضح اللحياني أن دخول محطة جدة حيز التشغيل ستكون له انعكاسات إيجابية كبيرة على المناطق المحيطة، لاسيما في مجال إنعاش الطلب على الخدمات والفرص الاستشارية. 

محطة القطار من الخارج

ولفت إلى أن محطة جدة تعتبر المحطة الوسطى المزدوجة للقطار، حيث ترتبط بمكة، بخط مزدوج طوله 78 كيلومترًا، سيختصر المسافة بين المدينتين إلى أقل من نصف ساعة، كما تربط بالمدينة المنورة بخط مزدوج، يبلغ طوله 410 كيلومترات، وسيختصر المسافة إلى نحو ساعتين ونصف ساعة. 

محطة المدينة المنورة
أما محطة المدينة المنورة، فتقع في مدينة المعرفة الاقتصادية على طريق الملك عبد العزيز وامتداد الحرم النبوي. يحدها من الغرب طريق الجامعات، ومن الشرق تقاطع الدائري الثالث، وتبلغ مساحتها الإجمالية 172000 م2. وتحتوي على المرافق والخدمات نفسها، وروعي في تصميمها الحفاظ على الطابع المعماري المحلي والإسلامي. ما يميّزها أنها تشكل بوابة جديدة لخدمة الحجاج بعد الافتتاح الرسمي لمطار الأمير محمد بن عبد العزيز الدولي الجديد في المدينة.

وقال الباحث الاقتصادي، سعود كردي، إن تشغيل محطة المدينة سيساهم في ازدهار المناطق التي حولها، وتزويدها بكل الخدمات الأساسية، وهو ما سيخلق مجتمعات سكانية حديثة، جاذبة للسكن والاستثمار. 

أشار في حديثه لـ"إيلاف" إلى أن تشغيل المحطة من شأنه تغيير الحراك العقاري، حيث سيتم تغيير سمات بعض المناطق من الجمود، وستصبح عامرة بحراك إيجابي، نتيجة الحركة التجارية، التي ستنشأ جراء التواجد السكاني، وبالتالي ستصبح مناطق جاذبة لإعمارها بمشاريع سكنية وتجارية. 

تصميم المحطات
تغطي مساحة هذه المحطاتمجتمعة مساحة تزيد على 30 ضعف حجم "ميدان ترافالغار" في لندن، كما تسع بصفة مبدئية لحوالى 60 مليون راكب، وهو ما يساوي ستة أضعاف عدد الركاب، الذين يستقلون قطار يوروستار فائق السرعة من محطة سانت باناكارز كل عام، بحسب بيان صحافي، صادر من موزان مجيدي، الرئيس التنفيذي للشركة البريطانية فوستر وشركائها، وهي الشركة المصممة للمحطات.

محطة القطار من الداخل

وقال موزان مجيدي إن تصميم المحطات اعتمد على العمارة الإسلامية، حيث اتبع التصميم نمط أقواس البوابات التقليدية كأساس لتصميم السطح، والذي يميّز جميع المحطات بسلسلة من الأقواس، تم وصلها بهياكل شجرية مستقلة ومتكررة في شبكة مربعة بطول 27 مترًا، لتشكل سطحًا محدبًا مرنًا، هذا وتتوارى المداخل الزجاجية لساحة التجمع والمنصات خلف مجموعة من المشربيات الخارجية وقبب السطح البارزة العميقة.

كما تم بناء اتجاه المحطات وفقًا لمسار الشمس، فمحطة المدينة مبنية باتجاه الشرق، ومحطة مكة مواجهة للشمال. تتخلل هذه المواضع فتحات في السطح، تحتوي على أنابيب إضاءة، تسمح بدخول الإضاءة الطبيعية إلى ساحة التجمع، لإعطائها الحركية اللازمة. وفي المساء، تتشابه وحدات الإضاءة الموجودة بين الفتحات مع النجوم في السماء ليلًا، موفرة بذالك إضاءة مركزة.