أظهرت البيانات الاقتصادية تحسنا ملحوظا بعد التصويت لصالح خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي

يواجه الاقتصاد البريطاني نموا ضعيفا "لفترة ممتدة" نظرا لتراجع إنفاق المستهلكين، وإحجام الشركات عن الاستثمارات الجديدة، وفقا لتقرير صادر عن المركز البحثي "إي آي أيتم كلب".

ورغم أن المركز يتنبأ بأن ينمو الاقتصاد بنسبة 1.9 في المئة العام الحالي، فإنه يتوقع أن يتراجع هذا الأداء مع ارتفاع معدل التضخم.

وقال إن استقرار الاقتصاد عقب التصويت على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي "خادع".

في غضون ذلك، قال أحد كبار المسؤولين في بنك إنجلترا ( البنك المركزي) لبي بي سي إن معدل التضخم قد يتجاوز الحد المستهدف وهو 2.00 في المئة.

وأضاف بن برودبنت، نائب رئيس البنك، أن هبوط قيمة الجنيه الإسترليني سوف يزيد من ارتفاع معدل تضخم الأسعار، لكن التحكم في الأسعار، واتباع سياسة نقدية تقييدية قد يضران بالنمو الاقتصادي وبمعدل التوظيف.

وسلط تقرير أيتم كلاب الضوء على المعضلة التي يواجهها البنك المركزي.

وتوقع أن التضخم سوف يرتفع إلى 2.6 في المئة العام المقبل قبل أن يعاود الهبوط إلى 1.8 في المئة في 2018، ما قد يهبط بإنفاق المستهلك بواقع 0.5 في المئة في 2017، و0.9 في المئة في العام التالي.

وتوقع تقرير المركز تراجعا في الاستثمارات في مجال الأعمال نظرا للضبابية التي تحيط بمستقبل العلاقات التجارية بين بريطانيا مع الاتحاد الأوروبي.

وأشار إلى أن الاستثمارات قد تتراجع بواقع 1.5 في المئة نهاية العام الجاري، و2 في المئة بنهاية العام المقبل.

وتوقع المركز البحثي أن يؤدي تأثير التراجع في إنفاق المستهلك وهبوط معدل الاستثمارات في الأعمال إلى انخفاض حاد في الناتج المجلي الإجمالي ليصل إلى 0.8 في المئة العام المقبل، قبل أن يرتفع بنهاية 2018 إلى 1.4 في المئة.

القطاعات الأكثر عرضة للخطر

وقال بيتر سبنسر، كبير خبراء الاقتصاد لدى مركز أيتم كلاب، إنه "حتى الآن يبدو أن الاقتصاد يتجاهل الأثر السلبي للخروج من الاتحاد الأوروبي، لكنه أمر ينطوي على كثير من الخداع."

وأضاف أن "الأداء غير المستقر للجنيه الإسترليني يلقي الضوء على أن هناك تحديات تنتظر الاقتصاد في المستقبل. وبعد عودة التضخم للارتفاع مرة أخرى ببداية فصل الشتاء، سوف تزداد الضغوط التي يتعرض لها دخل وإنفاق الأسر."

حذر برودبنت، نائب محافظ بنك إنجلترا، من أن بريطانيا قد تواجه "خيارا صعبا" بسبب الأوضاع الاقتصادية

وتابع: "وينذر الضغط الذي يتعرض له إنفاق المستهلك وإحجام الشركات عن الإنفاق بأن بريطانيا سوف تدخل في مرحلة من النمو الضعيف نسبيا."

لكن التقرير تضمن بعض الإيجابيات، أبرزها الزيادة المتوقعة في الصادرات البريطانية نتيجة للاستفادة من هبوط الإسترليني، الذي تراجع الأسبوع الماضي مقابل سلة من العملات.

ومن المتوقع أن ترتفع الصادرات بواقع 4.5 في المئة بنهاية 2017، و5.6 في المئة 2018، وفقا للتقرير.

لكن سبنسر توقع ألا زيادة الصادرات تعوض التباطؤ الذي قد يحل باقتصاد البلاد.

وأضاف أنه "مع تباطؤ النشاط الاقتصادي في السوق المحلي، من المرجح أن يعتمد نمو الناتج المحلي الإجمالي على الصادرات إلى حدٍ كبير العام المقبل."

نتائج غير مرغوب فيها

وأشار سبنسر إلى هناك بعض القطاعات سوف تكون الأكثر تضررا من خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي مثل صناعات الطيران والفضاء، والسيارات، والمواد الكيماوية، ما قد يؤدي إلى حاجتها إلى دعم من الدولة، علاوة على سياسات صناعية أكثر نجاعة.

واستعرض برودبنت، نائب محافظ بنك إنجلترا، بعض التحديات التي قد تواجه الاقتصاد البريطاني أثناء لقائه مع بي بي سي.

لكنه أشار إلى بعض تصريحات محافظ البنك المركزي مارك كارني التي أطلقها الأسبوع الماضي، وقال فيها إن السماح بأن يتجاوز معدل التضخم المستهدف 2 في المئة قد يضمن ألا يعاني الاقتصاد.

ومن الممكن أن يؤدي تبني البنك المركزي لسياسة نقدية تقييدية لتحقيق الهدف المنشود منها إلى "نتائج غير مرغوب فيها"، مثل تراجع النمو وارتفاع معدل البطالة، وفقا لبرودبنت، الذي أضاف أن الموقف في حاجة إلى "مقايضة"، أي تحقيق هدف مقابل خسارة آخر.