تونس: جمعت تونس الثلاثاء أكثر من مليار يورو على شكل مساعدات وقروض من دول عدة بينها قطر، وذلك خلال مؤتمر استثماري دولي يهدف الى إنعاش اقتصادها المنهك بعد ست سنوات على الثورة التي أطاحت بنظام الدكتاتور زين العابدين بن علي.

وبحضور 2000 مشارك ونحو 40 دولة، ستعرض تونس خلال المؤتمر الذي يتواصل يومين أكثر من 140 مشروعا استثماريا تقارب كلفتها 30 مليار يورو. ويهدف المؤتمر إلى "إعادة تونس الى خريطة الاستثمارات في البحر المتوسط" بحسب الحكومة.

وفي خطاب افتتاحي، قال الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي ان "نجاح البناء الديموقراطي في تونس مصلحة وطنية بالأساس، لكنه يخدم أيضا مصالح المنطقة ويساهم في تعزيز أسباب الأمن والاستقرار على المستويين الاقليمي والعالمي".

وأضاف ان "تونس تواجه اليوم أوضاعا استثنائية وهي تحتاج دعما استثنائيا من قبل شركائها ومن المؤسسات المالية الدولية بشكل وبحجم يتجاوز الأُطُر التقليدية ويتناسب مع الدعم الذي تلقته بعض الدول التي شهدت مرحلة انتقالية مثلنا". وشدد على أن "نجاح الانتقال الديمقراطي (في تونس) يظل رهين توفر شروط الاقلاع الاقتصادي والرخاء الاجتماعي".

وتعاني تونس وهي الناجي الوحيد من دول "الربيع العربي"، ازمة اقتصادية واجتماعية حادة بسبب تراجع معدلات النمو الاقتصادي وارتفاع نسب البطالة. وفي 2015 شهدت البلاد 3 هجمات جهادية دامية قتل فيها 72 شخصا هم 59 سائحا اجنبيا والبقية عناصر امن.

والحقت الهجمات التي تبناها تنظيم الدولة الاسلامية المتطرف اضرارا بالغة بالسياحة احد اعمدة الاقتصاد. ولمجابهة التدهور الاقتصادي وتفاقم العجز، اضطرت تونس في مايو لطلب قرض بقيمة 2,6 مليار يورو على مدى اربع سنوات من صندوق النقد الدولي.

وقال الرئيس التونسي "لم تفلح تونس بعد مرور ست سنوات (على الثورة) في تحقيق الانتقال الاقتصادي المنشود بحكم صعوبات وتعقيدات المرحلة الانتقالية وكذلك لتواصل الازمة في دولة شقيقة (ليبيا) كانت تمثل شريكا اقتصاديا مهما لتونس". وأضاف ان بلاده "تطمح الى أن تتبوأ مكانها كقطب اقتصادي واعد ضمن النسيج الاقتصادي الاقليمي والعالمي".

بعيدا عن الاستبداد
إثر ذلك، اعلن أمير قطر في خطاب "يسرني الإعلان عن قيام دولة قطر بتوجيه مبلغ مليار و250 مليون دولار اميركي اسهاما منها في دعم اقتصاد تونس وتعزيز مسيرتها التنموية"، من دون ان يوضح إن كان هذا المبلغ قرضا أم وديعة.

وقال "أمامنا في تونس شعب قرر أن يبني بلده انطلاقا من التعددية (السياسية) وكرامة الانسان وحريته، وعلى اساس القاسم المشترك الاعظم بين القوى السياسية وهو مصلحة تونس بعيدا عن الاستبداد". وأضاف متسائلا "فهل سوف نساعده لكي تنجح التجربة ام سنراقبه يواجه الصعوبات وحده لنبحث لاحقا عن اسباب اليأس والاحباط ونتائجهما المدمرة؟".

من ناحيته أعلن رئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس ان الوكالة الفرنسية للتنمية ستستثمر "على الاقل 250 مليون يورو كل سنة في تونس" بالاضافة الى التزاماتها السابقة لدعم الديموقراطية الناشئة. وفي يناير الماضي، اعلنت باريس برنامج مساعدة للاقتصاد التونسي بمليار يورو حتى 2020.

ودعا المسؤول الفرنسي الاتحاد الاوروبي الى ان يكون "في مستوى الانتظارات". ومؤخرا اعلن الاتحاد الاوروبي مضاعفة دعمه المالي لتونس للعام 2017 الى 300 مليون يورو. وسيتوجه الرئيس التونسي الى بروكسل الاربعاء والخميس للقاء كبار المسؤولين في الاتحاد الاوروبي.

والثلاثاء، أعلن فيرنر هوير رئيس البنك الاروبي للاسثمار (الذراع التمويلية للاتحاد الاوروبي)، الموجود بتونس حاليا، تعزيز انشطة البنك في تونس بقروض تصل الى 2,5 مليار يورو من هنا وحتى 2020.

وقال جوهانس هان المفوض الأوروبي المكلف بسياسة الجوار الأوروبية و مفاوضات التوسع للصحافيين "دون اعتبار فلسطين، فان تونس هي الآن أكبر متلق لتمويلات الاتحاد الاوروبي في (إطار سياسة) الجوار". وأعلن وزير المالية الكويتي أنس الصالح "استعداد" الكويت تقديم "قروض ميسرة" لتونس على مدى السنوات الخمس القادمة.

وأفاد ممثل الصندوق السعودي للتنمية ان المملكة السعودية ستخصص تمويلات بقيمة 800 مليون دولار منها 100 مليون دولار هبة لتمويل مشاريع واستثمارات في تونس.

القطاع الخاص
في رسالة توجه بها الى المشاركين في المؤتمر، اعتبر أنطونيو غوتيريس الامين العام القادم للامم المتحدة ان "الدعم المقدم حتى الآن للاقتصاد التونسي لم يكن قويا بما فيه الكفاية". وقال "بالنسبة الى القطاع الخاص الاستثمار في تونس قرار ذكي".

ويشارك في المؤتمر ممثلون لكبرى المؤسسات المالية الدولية مثل البنك الدولي وبنك الاستثمارات الاوروبي والبنك الافريقي للتنمية، كما ستوقع على هامشه العديد من الاتفاقيات الثنائية. ومن بين المشاريع الـ142 المعروضة في المؤتمر هناك 64 مشروعا استثماريا حكوميا و34 للاستثمار المشترك بين القطاعين العام والخاص و44 للقطاع الخاص حصرا.

وتتوزع هذه المشاريع، وبعضها متوقف منذ الاطاحة بنظام زين العابدين بن علي في 2011، على قطاعات متنوعة من النقل الى الاقتصاد الرقمي مرورا بالزراعة والطاقة والسياحة. ومن المفترض ان يوقع رئيس الحكومة يوسف الشاهد مساء الثلاثاء نحو 30 عقدا واتفاقية. 

وتواجه حكومة يوسف الشاهد (41 عاما) التي تسلمت مهامها نهاية أغسطس الماضي حالة تذمر بين السكان وخصوصا الشبان الذين لم يلاحظوا اي تحسن خلال السنوات الاخيرة رغم ما حملته الثورة من وعود.