نيقوسيا: اتفق الرئيس القبرصي وزعيم القبارصة الاتراك على استئناف مباحثات السلام الهادفة لاعادة توحيد الجزيرة المقسومة منذ اكثر من اربعين عاما، في الشهر المقبل في جنيف في "تطور مهم" بعد فشل جولة سابقة من المحادثات في سويسرا خلال الشهر الماضي.

وسيلتقي الرئيس القبرصي نيكوس اناستاسياديس وزعيم القبارصة الاتراك مصطفى اكينجي في التاسع من يناير في جنيف، على ان تقدم بعد يومين خرائط لمقترحات كل منهما حلو الحدود الداخلية للاتحاد المقبل، حسب الامم المتحدة. اضافت المنظمة الدولية انها ستدعو الى "مؤتمر حول في 12 يناير بمشاركة القوى الضامنة (اليونان وتركيا وبريطانيا)"، موضحة ان "اطرافا معنية اخرى ستدعى حسب الضرورة".

وقالت الامم المتحدة ان اناستاسياديس واكينجي اتخذا قرار العودة الى طاولة المفاوضات اثناء عشاء نظمته المنظمة الدولية في نيقوسيا مساء الخميس وكان اول لقاء بينهما منذ فشل المحادثات في سويسرا. 

واكد اناستاسياديس الجمعة ان هذا الاتفاق يشكل "تطورا مهما لانه يزيل المشاكل التي نشأت في مون بيليران ويمنع تفاقم الجمود الذي سيؤدي الى عواقب لا يمكن التنبؤ بها". اضاف "بامكان الجانبين استئناف المفاوضات من النقطة التي توقفت عندها" في مون بيليران (سويسرا).

وحذر اناستادسياديس في كلمة عبر التلفزيون من ان استمرار تعطل المفاوضات بين الجانبين كان يمكن ان يقضي على العملية التفاوضية. وتزايدت الضغوط الدولية على الزعيمين لاستئناف المفاوضات في اطار جهود للتوصل الى اتفاق قبل نهاية العام.

وقالت الامم المتحدة في بيانها انهما "قاما بتوجيه فريق المفاوضين الخاص بهما لمواصلة الاجتماع في مسعى الى تحقيق المزيد من التقدم بشأن جميع المسائل العالقة المترابطة"، مؤكدة انه "تماشيا مع العزم المشترك للتوصل الى تسوية شاملة في اقرب وقت ممكن"، قررا الاجتماع في جنيف في التاسع من يناير 2017.

مقترحات حول الحدود 
تعهد الجانبان بان يقدما في 11 يناير خرائط حول تقسيم الاراضي للكيانين اللذين سيشكلان الدولة الفدرالية الموحدة المرتقبة.
واعتبارا من 12 يناير سينظم مؤتمر حول قبرص تدعى الى المشاركة فيه الدول الضامنة لامن قبرص، وهي بريطانيا واليونان وتركيا.

وقال اناستاسياديس ان "احراز تقدم في القضايا المذكورة سيجعل الاتفاق في متناول اليد، ويخلق الظروف والاحتمالات للتوصل الى نتيجة ناجحة في بحث القضية الاساسية وهي الامن والضمانات التي ستتبع" ذلك. وقبرص مقسومة منذ 1974 اثر اجتياح الجيش التركي لقسمها الشمالي، ردا على انقلاب اراد منفذوه الحاق الجزيرة باليونان. وتبعت هذا الغزو التركي حركة تنقل كبيرة للسكان من هذا الجانب وذاك.

منذ ذلك التاريخ لم تعد جمهورية قبرص العضو في الاتحاد الاوروبي منذ 2004، تمارس سلطتها الا على القسم الجنوبي من قبرص حيث يعيش القبارصة اليونانيون. في المقابل يعيش القبارصة الاتراك في القسم الشمالي من الجزيرة حيث اعلن من جانب واحد عن قيام "جمهورية شمال قبرص التركية" التي لا تعترف بها سوى تركيا. وفشلت محاولات عدة لاعادة توحيد الجزيرة في الماضي.

وهناك خلافات عن الترتيبات الامنية التي تعقب التوصل الى اتفاق، اذ يرغب اناستاسياديس بمغادرة كل القوات التركية على الجزيرة، بينما يصر اكينجي على الابقاء على وجود عسكري تركي. وكان القبارصة الاتراك يشكلون 18 بالمئة من سكان قبرص في 1974. وهم يسيطرون حاليا على اكثر من ثلث اراضي الجزيرة.

من المسائل الشائكة التي يتعين حلها عدد اللاجئين من القبارصة اليونانيين الذين سيسمح لهم بالعودة الى المنازل التي فروا منها في 1974. وسيتم عرض اي اتفاق محتمل على استفتاء للقبارصة اليونانيين والقبارصة الاتراك في قسمي الجزيرة.

تم الاتفاق خلال جولات سابقة على اعادة قسم من الاراضي الموجودة في الشمال المحتل الى القبارصة اليونانيين في اي اتفاق سلام مقبل. وعلى مدى اربعة عقود كانت مسألة الاراضي التي ستعاد الى القبارصة اليونانيين من اكثر المشكلات التي تعرقل للمفاوضات. وبمرور كل سنة تزداد المشكلة تعقيدا بعد ان استقر قبارصة اتراك وبنوا حياتهم في المدن والقرى التي انتقلوا للعيش فيها بعد فرار القبارصة اليونانيين منها الى الجنوب.

الدول الضامنة
في اثينا قال مبعوث الامم المتحدة الى قبرص اسبين بارث ايدي انه "يدعم بقوة فكرة عقد لقاء على اعلى مستوى بين اليونان وتركيا" قبل موعد المؤتمر المتعدد الاطراف حول قبرص في 12 يناير 2017. واضاف المبعوث الذي من المقرر ان يزور تركيا ايضا "سيكون امرا سليما ان يتم الاتصال مباشرة بين هاتين الدولتين الضامنتين" لامن قبرص.

وبحسب بارث فان "الغرض ليس حل كل المسائل، بل ان نفهم بشكل افضل ما الذي علينا فعله وتحقيقه في المؤتمر". واعلنت كل من اليونان وبريطانيا استعدادها للتخلي عن حقها بالتدخل كقوة ضامنة. وتؤكد تركيا استعدادها لبحث القضايا الامنية في محادثات خماسية من دون اي شروط مسبقة.

واشادت اثينا الجمعة بقرار استئناف المباحثات، واعلنت انها "ستكثف التحركات الدبلوماسية في اطار الاتحاد الاوروبي من اجل التوصل الى اتفاق في وجهات النظر بشان المشكلة المهمة المتمثلة في الامن والضمانات". يشار الى ان النزاع القبرصي هو من اقدم النزاعات الدبلوماسية في العالم. وهناك قوة سلام تابعة للامم المتحدة منتشرة على الجزيرة منذ اولى الاضطرابات بين المجموعتين في ديسمبر 1963.