قدمت واشنطن التزامًا للجزائر بدعم انضمامها الى منظمة التجارة العالمية خلال الجولة المقبلة من المفاوضات بين الجانبين.

عبد الحفيظ العيد من الجزائر: حصلت الجزائر على وعد من الولايات المتحدة الأميركية بدعم مسار انضمامها للمنظمة العالمية للتجارة التي تسعى لدخولها منذ 1987، وسط مخاوف من أن يكون الظرف الحالي غير مناسب بسبب تهاوي سعر برميل النفط الذي يظل أهم مورد للاقتصاد الجزائري. 

وجاء التزام الولايات المتحدة بمرافقة الجزائر في مسار الانضمام إلى المنظمة العالمية للتجارة خلال الدورة الرابعة للمباحثات الجزائرية الأمريكية حول الاتفاق الإطار للتجارة و الاستثمار المنعقدة في واشنطن مؤخرا، حيث تعهد الطرف الأميركي بتقديم الدعم والمساعدة خلال الجولة الـ13 من المفاوضات مع هذه المنظمة.

وقال الأمين العام لوزارة التجارة الجزائرية نور الدين زايت في تصريح لوكالة الأنباء الرسمية "لقد التزم الطرف الأمريكي بدعمنا ومساعدتنا في هذا المسار". 

وذكر زايت أن الجزائر كانت قد تلقت أكثر من مائة سؤال من طرف الولايات المتحدة في إطار المفاوضات حول الاتفاق التجاري المرتبط بمسار الانضمام إلى المنظمة العالمية للتجارة، مضيفا أن الأجوبة على هذه الأسئلة استكملت. 

اختلاف

وأشار زايت أنه في إطار هذه المفاوضات تطرق الطرف الأميركي إلى الإجراء الذي اتخذته الجزائر والمتضمن منع استيراد الأدوية المصنوعة في البلد، معتبرا أن هذا الإجراء يمثل "قيودا تتنافى مع مبدأ التبادل الحر". 

لكن الجزائر أوضحت أن هذا الإجراء يرمي إلى حماية الصناعة الصيدلانية الناشئة في البلد.

وأشار زايت إلى أن هذا الملف لا يزال عالقا ومحل خلاف بين البليدن.

وتسعى الحكومة الجزائرية إلى أن تصل إلى صناعة 70 بالمائة من احتياجاتها من الأدوية والمواد الصيدلانية محليا خلال السنوات القليلة القادمة.

أما الطرف الجزائري فقد أبدى رفضه لترتيب الجزائر في قائمة البلدان التي يجب مراقبتها في مجال الملكية الفكرية. 

وقال زايت إن الترتيب الذي صنفت فيه الجزائر في التقرير حول حقوق المؤلف و الحقوق المجاورة الذي يصدر سنويا عن مصالح الممثل الأمريكي للتجارة بطلب من الكونغرس الأمريكي شكل موضع احتجاج خلال هذا الاجتماع. 

 وأضاف أن "القوانين الجزائرية في هذا المجال تتطابق مع المعايير الدولية، كما أن الجزائر طرف فعال في مختلف الاتفاقيات الدولية المتعلقة بالملكية الفكرية" 

وأشار إلى "جهود تبذل على المستوى المحلي من أجل مكافحة القرصنة والغش و حماية حقوق الملكية الفكرية على الانترنت". 

وبالنسبة للخبير الاقتصادي محمد حميدو شان الدعم الأميركي رغم أهميته يبقى الآن في مرحلة التفاوض فقط، لأن واشنطن تسعى للحصول على إعفاءات جمركية تسهل دخول منتوجاتها إلى الجزائر شبيهة بتلك التي حصل عليها الاتحاد الأوروبي عبر اتفاق الشراكة الموقع مع الجزائر.

وأشار حميدوش في تصريح لـ"إيلاف" أن الحصول على دعم أميركي معناه الحصول الآلي على دعم دول أخرى كبريطانيا ونيوزيلندا والكثير من الدول الاسكندينافية.

ويربط حميدوش ذلك دائما بالحصول على مزايا جمركية ، خاصة وأن قوانين المنظمة العالمية للتجارة تنص على إلزامية منح جميع الدول الأعضاء أي إعفاء أو مزايا أعطيت لدولة ما عضو في المنظمة.

عائق أوروبي

وبالنسبة لوزير التجارة بختي بلعايب، فان الجزائر مصممة على الانضمام الى اكبر فضاء تجاري عالمي، غير ان ذلك مربوط بحل القضايا العالقة مع الطرف الأوروبي.

وأكد بلعايب في لقاء جمعه الأسبوع الماضي مع المستشار بقسم الشرق الأوسط وآسيا الوسطى بصندوق النقد الدولي جون فرونسوا دوفين التزام الجزائر بالانضمام إلى منظمة التجارة العالمية، غير انه أوضح أن الأولوية تعطي حاليا للمباحثات مع الاتحاد الأوروبي من اجل إعادة النظر في بعض نقاط اتفاق الشراكة.

وقال بلعايب "عند إتمام هذه المباحثات سيتم بعث مسار انضمام الجزائر إلى منظمة التجارة وفي أحسن الظروف بما أن العراقيل التي يعرفها هذا المسار مصدر الاتحاد الأوروبي أساسا".

وبدأت الجزائر والاتحاد الأوروبي في ديسمبر كانون الأول الماضي في اجتماع عقد ببروكسل عملية تقييم مسار اتفاق الشراكة الذي دخل حيز التنفيذ سنة 2005.

ويحتكر الإتحاد الأوروبي أكثر من 50 في المائة من التجارة الخارجية الجزائرية، مقابل تدفق قليل لاستثمارات الاتحاد نحو الجزائر بواقع 316 مشروعا فقط بقيمة 7.7 مليار يورو حققها المستثمرون الأوروبيون خلال الفترة الممتدة بين 2002 و 2014.

وشرع الطرفان سنة 2010 في مراجعة هذا الاتفاق من خلال تجميد التفكيك الجمركي لعدة منتوجات تستوردها الجزائر من الاتحاد الأوروبي، إضافة إلى تأجيل إنشاء منطقة التبادل الحر إلى سنة 2020 التي كانت مقررة في 2017 .

وتطالب الجزائر شريكها الأوروبي دعم تنويع اقتصادها، ومرافقة إجراءات عصرنة النسيج الصناعي ودعم مسار انضمامها إلى المنظمة العالمية للتجارة والاستثمار في القطاع الطاقوي.

لكن رغم هذه الحواجز التي تعترض طريق الجزائر في الانضمام للمنظمة العالمية، يصر محمد حميدوش على ضرورة مواصلة المفاوضات حتى في الظرف الحالي الذي تأثرت فيها الجزائر من الأزمة النفطية بتراجع مداخيلها من العملة الصعبة.

وبحسب حميدوش، فإن الانضمام للمنظمة العالمية سيجعل الجزائر جاهزة في كل وقت تباشر فيه الحكومة إجراءات حقيقية للتخلي عن التبعية للمحروقات وتنويع اقتصادها ودخول الأسواق العالمية وتصدير منتوجها الوطني.

وقال " يجب توفر إطار اقتصادي لتصدير منتوجاتنا نحو الخارج حينما نشرع حقيقة في التصدير ،حتى ولو كنا نفاوض حاليا ونحن في موقع الطرف الخاسر، لكن المستقبل قد يتغير".