لندن: انتعشت أسعار النفط بنسبة 50 في المئة خلال الشهرين الماضيين وانتعشت معها الآمال بأن اسوأ هبوط في الاسعار شهده العالم وصل إلى نهايته اخيرا. وبلغ سعر نفط برنت 41.73 دولارا للبرميل في تعاملات يوم الثلاثاء وسط تكهنات بتجميد حجم الامدادات عند مستواها الحالي بقرار من السعودية. 

وكانت أسعار النفط هبطت إلى ادنى مستوى لها منذ 12 عامًا حين بلغت 27.50 دولارا للبرميل في 20 كانون الثاني (يناير) الماضي بسبب تخمة السوق بالامدادات. ولكن اتجاهات السوق تغيرت بعد الاتفاق المبدئي الذي توصلت اليه السعودية وروسيا في شباط (فبراير) على تجميد حجم الامدادات عند مستواها الحالي. 

وتضافر هبوط انتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة وضعف الدولار وتراجع الاستثمار في الصناعة النفطية على إنعاش الآمال بعودة السوق النفطية إلى توازنها. كما أسهم تأثر البرامج الاجتماعية والتنموية في البلدان المصدرة بهبوط عائداتها النفطية في تسريع قرار المنتجين الكبار بتجميد مستوى الضخ عن حده بعد 20 شهرًا من الهبوط المتواصل في الاسعار. 

لا حاجة لتعاون إيران

ورفضت إيران المشاركة في أي اتفاق على تجميد الامدادات عند مستواها الحالي ولكن صحيفة فايننشيال تايمز نقلت عن مسؤول رفيع في منظمة البلدان المصدرة للنفط "اوبك" قوله ان الرياض مستعدة لفرض سقف على الامدادات دون حاجة إلى تعاون إيران التي تعهدت زيادة إنتاجها إلى مستواه قبل العقوبات الدولية اولا ثم النظر في الالتزام بتجميد حجم الامدادات. 

كما وافقت روسيا وفنزويلا وقطر على وضع سقف من شأنه ان يساعد في انعاش الاسعار بعد اسوأ انهيار شهدته في التاريخ الحديث. 

ويتطلع المتعاملون في سوق النفط بتفاؤل إلى اجتماع أكثر 16 دولة نفطية في الدوحة في 17 نيسان (أبريل) المقبل. وسيكون الاجتماع أول لقاء منذ اوائل القرن الحادي والعشرين بين دول اوبك والدول غير الاعضاء في المنظمة للاتفاق على سقف الانتاج. 

ولكن محللين حذروا من ان الانتعاش الحالي باتجاه الأسعار نحو 50 دولارا للبرميل يمكن أن ينتكس إذا استمرت مؤشرات السوق الأساسية تنبئ بنشوء فائض في الامدادات. 

تباطؤ الاقتصاد الصيني

وقال محللون في مؤسسة انيرجي اسبيكتس ان السوق عادت بعض الشيء إلى عادتها كما فعلت خلال هبوط السعر في كانون الثاني (يناير) بدافع الخوف من انهيار الاقتصاد العالمي تحت وطأة تباطؤ الاقتصاد الصيني.

ونقلت صحيفة الديلي تلغراف عن المحللين انه "قبل شهرين فقط بلغ سعر نفط برنت 27 دولارا وزُعم ان الاقتصاد العالمي يقف على حافة الانهيار". 

وكان هبوط الاسعار أدى إلى تراجع الاستثمار في صناعة النفط والغاز. 

ولاحظ بنك باركليز الاستثماري ان الشركات خفضت انفاقها على المشاريع النفطية الجديدة بنسبة 15 في المئة اخرى منذ بداية العام رغم بوادر الانتعاش التي ظهرت في السوق النفطية. واضاف البنك ان الانفاق العالمي على الاستثمار في قطاع النفط انخفض الآن بنسبة 27 في المئة بالمقارنة مع العام الماضي وبنسبة 44 في المئة عن مستواه في عام 2014. 

أشد المتضررين

وكانت الشركات النفطية في أميركا الشمالية أشد المتضررين بهبوط اسعار النفط. وفي حين ان حجم استثمار هذه الشركات في عام 2016 كان من المتوقع ان يهبط بنسبة 27 في المئة في مطلع العام فان التوقعات تتحدث الآن عن هبوطه بنسبة 40 في المئة تقريبا بالمقارنة مع العام الماضي ليبلغ 73.5 مليون دولار. 

وقدر بنك باركليز في مطلع العام ان يهبط حجم الاستثمار الاوروبي في الصناعة النفطية هذا العام بنسبة تزيد على 7 في المئة إلى 33.4 مليون دولار. 

وحذرت وكالة الطاقة الدولية من ان شركات النفط العالمية تخاطر بإيجاد نقص "خطير" في الامدادات بحلول نهاية العقد نتيجة خفض استثمارها في الصناعة النفطية حتى في وقت يرتفع فيه الطلب إلى مستوى لم يُعرف له نظير منذ عام 2010. وارتفع الطلب على النفط في عام 2015 بنسبة 20 في المئة ويمكن ان يرتفع بنسبة 15 في المئة أخرى في عام 2016 ، بحسب تقديرات وكالة الطاقة الدولية.