نهج جديد وأسلوب استراتيجي بتحقيق التكامل في أعمال التكرير والمعالجة والتسويق العالمية، هو ما يمكن قراءته من الانفصال الذي حدث بين شركة التكرير السعودية التابعة والمملوكة لأرامكو بالكامل، وشركة رويال داتش شل بي إل سي (شل)، من خلال شركتها الأميركية المتخصصة في أعمال التكرير والمعالجة والتسويق، وتقسيم أصول شركة "موتيفا إنتربرايزز" المحدودة.

الرياض: أعلنت أرامكو السعودية، من خلال شركة التكرير السعودية التابعة والمملوكة لها بالكامل، وشركة رويال داتش شل بي إل سي (شل)، من خلال شركتها الأمريكية المتخصصة في أعمال التكرير والمعالجة والتسويق، مطلع الأسبوع الماضي توقيع خطاب نوايا غير ملزم لتقسيم أصول شركة موتيفا إنتربرايزز المحدودة الذي تأسست في عام 1998 وزاول إثرها أعمال التكرير والتسويق مناصفة بين الشركتين منذ عام 2002.

وتأتي هذا الانفصال بداية إعادة هيكلة ممتلكات أرامكو التي تسيطر على احتياطيات نفطية مؤكدة تزيد عن 261 مليار برميل تعادل 15 في المائة من نفط العالم، وتحول في السياسة النفطية السعودية نحو التكامل في أعمالها والحصول على حصة مؤثرة من سوق التكرير العالمي، لاسيما أن هناك توجه حكومي نحو إدراج جزء من أسهم الشركة في البورصة السعودية.

آلية التقسيم

وفقاً للتقسيم المقترح للأصول الذي نقل البيان الذي نشرتها أرامكو على توتير ، ستحتفظ شركة التكرير السعودية باسم شركة موتيفا، وستنتقل لها ملكية مصفاة بورت آرثر في ولاية تكساس، كما ستحتفظ بـ 26 ميناء للتوزيع. وبموجب الاتفاق سوف تتمكن موتيفا من استخدام الاسم التجاري لشركة شل لمبيعات البنزين والديزل حصرياً في أجزاء من ولاية تكساس ومعظم المنطقة الواقعة في وادي المسيسبي، وكذلك أسواق المنطقة الجنوبية الشرقية والشرقية للولايات المتحدة الأمريكية. وتنتقل لشركة شل ملكية مصفاة نوركو في ولاية لويزيانا (حيث تُشغِّل شل معملاً للكيميائيات)، ومصفاة كونفنت في ولاية لويزيانا، و9 موانئ للتوزيع، والأسواق التي تسوِّق شل منتجاتها فيها باسمها التجاري في ولايتي فلوريدا ولويزيانا والمنطقة الشمالية الشرقية من الولايات المتحدة الأمريكية.

ووفقًا لبنود وشروط خطاب النوايا، سيقيِّم الشريكان الخيارات المتاحة ويحددا الإطار الأمثل للصفقة بهدف صياغة اتفاقية نهائية لتقسيم وتحويل ممتلكات والتزامات وموظفي شركة موتيفا إنتربرايزز المحدودة بين الشركتين.

الطاقة الاستيعابية

مصفاة "بورت آرثر" كما يصفها خبراء ومختصون في السوق النفطية، تعد "جوهرة التاج" بالنسبة لصناعة النفط الأميركية كون طاقتها الاستيعابية تصل إلى 600 ألف برميل يوميا، هي الأكبر في الولايات المتحدة، وتسمح للسعودية بالحصول على موقع استراتيجي يسمح لها بنقل نفطها الخام إليها وتصفيته ومن ثم بيعه في أسواق أمريكا الشمالية، وكانت أرامكو تمتلك نصف المصفاة، بالشراكة مع "شل" الهولندية من خلال شركة للطرفين تحمل اسم "موتيفا انتربرايزس"، وبالتالي فإن كامل الحصة التكريرية للمصفاة ستنتقل لأرامكو مما يسهم في الحصول على حصة تسويقية كبيرة من السوق الأميركية.

الأثر الإيجابي

كشف النائب الأعلى للرئيس للتكرير والمعالجة والتسويق في أرامكو السعودية، المهندس عبد الرحمن الوهيب، أن مصفاة بورت آرثر ستعزز استراتيجية أرامكو السعودية المعنية بتحقيق التكامل في أعمال التكرير والمعالجة والتسويق العالمية من خلال التوريد والتجارة، وأعمال التكرير وتسويق الوقود، والكيميائيات، وزيوت الأساس.

وأشار إلى أن تواجد أرامكو السعودية في السوق الأميركية عبر شركاتها التابعة يمتد لأكثر من 60 عامًا، كما أن مشروع موتيفا المشترك مع شل قد ساهم كثيرًا على تحقيق أهداف أرامكو السعودية في مجال أعمال التكرير والمعالجة والتسويق لسنوات عديدة. ومن المناسب في الوقت الحالي أن يسعى الشريكان إلى تحقيق أهدافهما المستقلة في هذا القطاع، لافتاً إلى أن موظفي شركة موتيفا سيواصلون لعب دورهام وبارز لتحقيق النمو الذي نتطلع إليه في المستقبل في الأمريكتين، والارتقاء بمستوى وموثوقية الخدمة التي نقدمها لعملائنا والإسهام في خدمة المجتمع في المناطق التي نعمل فيها.

أثر الانفصال

يرى مختصون في شؤون النفط إن شركة "أرامكو" السعودية أصبحت بموقع ممتاز في السوق الأميركية بعد سيطرتها على مصفاة "بورت آرثر" بولاية تكساس الأمريكية، لأن ذلك يسمح لها بإرسال كميات هائلة من نفطها للمعالجة بالسوق الأميركية، حيث يرى طوم كلوزة، رئيس وحدة تحليل الطاقة لدى "أويل برايس انفورميشين سيرفيس" أن هذا الإنقسام سيعطي السعودية مقرا مهما لنسبة كبيرة من إنتاجها النفطي مصفاة بورت آرثر، وأن السعودية كانت تتطلع للاستحواذ عليها رغم أنها كانت تمتلك في الأصل نصف حصصها.

دراسة إدراج الأسهم 

ونقلت مجلة “ذا ايكونوميست” عن ولي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان أنّ المملكة تدرس إدراج جزء من أسهم شركة “أرامكو” الحكومية أكبر منتج للنفط في العالم.

وقال الأمير محمد في مقابلة مع المجلة ذائعة الصيت إن قرارا بشأن الطرح أولي لأسهم “أرامكو” سيصدر خلال الأشهر القليلة المقبلة، مشيراً إلى أن إدراج الشركة سيجعلها أكثر شفافية.

ويدور الحديث عن طرح حصة من الشركة بداية في السعودية – حصة تقدر5% في بداية الطرح، وقد ترتفع النسبة في المستقبل.

 تجدر الإشارة إلى أن عمليات التنقيب عن النفط وإنتاجه تبقى هي الأكثر جاذبية للمستثمرين عند 261 مليار برميل، فإن احتياطيات أرامكو المعلنة توازي نحو عشرة أضعاف تلك التي لشركة إكسون موبيل، وهي أكبر شركة خاصة للنفط في العالم. أرامكو أيضا هي واحدة من أقل منتجي النفط في العالم من حيث التكلفة، والفضل يعود لسهولة استخراج النفط في السعودية.

لكن تصريحات وتليمحات الاقتصادييين التي تلت إعلان خبر دراسة إدراج جزء من أسهم شركة “أرامكو” إشارت إلى أن الطرح سيقتصر على أنشطة المصب فقط، وليس لها علاقة بالإنتاج أو الحقول، وهو ما تؤيده كثيراً من الرؤي والطروحات الاقتصادية.

القيمة السوقية

إدراج "شركة أرامكو" سيرفع القيمة السوقية للأسهم السعودية إلى 5٫2 تريليون ريال، على اعتبار أن القيمة السوقية للأسهم المحلية تبلغ وفق إغلاق الخميس الماضي 1٫4 تريليون ريال يضاف إليها 3٫75 تريليون ريال هي القيمة السوقية المقدرة لشركة أرامكو السعودية.

ووفقا للتحليل التي نقلته "الاقتصادية" فإنه في حال تم طرح 5% فقط من أسهم شركة أرامكو للاكتتاب العام، أي 188 مليار ريال ستعادل قيمتها السوقية نحو 31% من قيمة الأسهم الحرة (المتاحة للتداول) حاليا في السوق البالغة حاليا 608 مليارات ريال.

وفي حال تم اعتماد سيناريو طرح 10% من أسهم الشركة للاكتتاب، سيتم ضخ نحو 375 مليار ريال، ما يعادل 100 مليار دولار في سوق الأسهم ستكون متاحة للتداول، تعادل 62% من قيمة الأسهم المتاحة للتداول حاليا.

أما في حال اتباع سيناريو طرح 30% من الشركة للاكتتاب، فيعني ذلك ضخ نحو 1.1 تريليون ريال، ما يعادل 300 مليار دولار، في سوق الأسهم ستكون متاحة للتداول، تعادل 185% من قيمة الأسهم المتاحة للتداول حاليا.