القاهرة: هذا الحادث الجوي هو الثالث الذي يتعرّض له الأسطول التجاري المصري في أقل من عام، ما يقوّض الجهود الساعية إلى استقطاب السياح وإيراداتهم التي تشكل حاجة ملحّة.

تأثر وتعثر
وقال مسؤولون إنه من المبكر حاليًا تحديد ما إذا كان الحادث ناجما من "خلل تقني" أو "عمل إرهابي" أدى إلى تحطم طائرة "مصر للطيران"، التي كانت تقوم بالرحلة "أم-أس 804" في البحر المتوسط بين جنوب اليونان وشمال مصر، في طريقها من باريس إلى القاهرة. لكنها تأتي بعد تفجير طائرة ركاب روسية في 31 أكتوبر، بعد دقائق من إقلاعها من منتجع شرم الشيخ على البحر الأحمر، في اعتداء تبناه تنظيم الدولة الإسلامية.

لكن مهما كانت أسباب الحادث الأخير، فالأكيد أنه سيؤثر في مسيرة تعافي الاقتصاد المصري، وفق محللين. وقال الخبير الاقتصادي في معهد كارنيغي لدراسات الشرق الأوسط في القاهرة عمرو عدلي: "لا شك في أن عودة مصر إلى صدارة العناوين الإخبارية في إطار تحطم طائرة من أسطولها الوطني، مضر جدًا". وأضاف أن "هذا الأمر سيطيل فترة تعثر القطاع السياحي".

تضرر هذا القطاع، الذي يعتبر عمود الاقتصاد المصري، بشكل كبير جراء سلسلة كوارث. فقد أسفرت إطاحة الرئيس المصري حسني مبارك في العام 2011 عن سنوات من الاضطرابات السياسية حالت دون استقبال عدد كبير من الزوار الأجانب. كما إن الجيش المصري عزل خليفته محمد مرسي في العام 2013، وشن حملة قمع ضد مؤيديه الإسلاميين.

السيّاح هم الهدف
منذ ذلك الحين، شن الإسلاميون المسلحون هجمات عدة، أودت بالمئات، معظمهم من قوات الأمن، ولكن أيضًا من السياح، وبينهم أولئك الذين كانوا على متن الطائرة الروسية، التي قال تنظيم الدولة الإسلامية إنه أسقطها بتفجير عبوة مخبأة في علبة صودا.

لقوات الأمن أيضًا نصيب في قتل سياح أجانب من طريق الخطأ. إذ قتل ثمانية سياح مكسيكيين في 13 سبتمبر 2015 عندما أغار الجيش المصري على آلياتهم "خطأ" خلال ملاحقته جهاديين "إرهابيين"، قائلًا إن هؤلاء السيّاح كانوا في "منطقة محظورة".

وفي مارس الماضي، قام مصري أراد مقابلة زوجته السابقة بخطف طائرة تابعة لشركة "مصر للطيران"، وأجبرها على تغيير مسارها باتجاه قبرص.لكن أحدًا لم يتعرّض للأذى حينها، واستسلم الخاطف للشرطة، بعدما سمح للرهائن بالتقاط صور معه.

التعافي مؤجّل
وأشار كبير الاقتصاديين في "سي آي كابيتال" في القاهرة هاني فرحات إلى أن "كل هذا يضاف إلى الشعور السلبي تجاه قطاع السياحة المصري". وأضاف "وبالتأكيد، فإن هذا يؤجّل أي احتمال للتعافي في العام 2016، بما أن هناك قلقًا حيال العائدات السياحية".

وتراجعت عائدات القطاع السياحي بنسبة 15 في المئة عام 2015، كما إن احتياطات العملة الأجنبية في مصر تتعرّض لضغوط شديدة، متراجعة إلى 17 مليار دولار في أبريل، بعدما كانت تتخطى 36 مليارًا في العام 2010. وخيّبت الحوادث الأخيرة الآمال بأي تعاف في القطاع، الذي كان شهد مؤشرات تحسن.

من جهتها، أوضحت كبيرة المحللين في "يورو مونيتور أنترناشونال" كنده شبيب إن "عدد الوافدين من البلدان الرئيسة انخفض في العام 2011، وبدأ بالتعافي تدريجًا حتى العام 2015. لكن هؤلاء لم يبلغوا أبدًا الأداء الذي تم تحقيقه قبل الأحداث". وأضافت "نعتقد أن الأحداث الأخيرة ستخفض سقف طموحات الحكومة المحلية بتحقيق هدفها، وهو استقبال 20 مليون سائح أجنبي بحلول العام 2020".

شرعية مهددة
وسيشعر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، القائد السابق للجيش، الذي أطاح مرسي، وفاز بالانتخابات الرئاسية، بتداعيات هذه الأزمة. وحصد السيسي شعبية واسعة بعد إطاحة مرسي، رغم حملة قمع الإسلاميين، التي أسفرت عن مقتل مئات المحتجين وسجن الآلاف. لكن تلك الحملة امتدت لتطال ناشطين علمانيين وليبراليين.

واعتبر أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة مصطفى كامل أن "هذا الحادث قد يساهم في التشكيك بشرعية حكم الرئيس عبد الفتاح السيسي، لأنه تعهد مكافحة الإرهاب واستعادة الأمن، لكن الإرهاب ما زال يؤثر في الاقتصاد المصري، ويهدد مصادر دخل الشعب المصري".