إيلاف من لندن: تباطأت عمليات التنقيب والبحث عن الغاز والنفط بسبب انهيار الأسعار منذ صيف 2014 إلى أدنى المستويات منذ 1952، حيث أشار المصرف التجاري الاستثماري مورغان ستانلي في بيانات اصدرها اوائل الاسبوع، الى&أن حجم الاكتشافات الجديدة للنفط خارج الولايات المتحدة بلغ 2.8 مليار برميل في عام 2015 واذا تم اخذ الاكتشافات داخل الولايات المتحدة&في الاعتبار يرتفع الرقم إلى 12.1 مليار برميل. ورغم ضخامة الأرقام إلا أنها الأقل منذ 1952 وحجم الاكتشافات الآن كنسبة هي أقل من 13% مما كانت عليه قبل تهاوي الأسعار.

مما لا شك فيه أن المقارنة تثير الرعب وستكون العواقب وخيمة على الأمد الطويل. وحسب تقارير من شركات استشارية تتخصص في مجال الطاقة، "اذا أخذنا في الحسبان اعتبارات مثل نمو الطلب بنسبة معتدلة والتحذيرات المتعلقة بالاحتباس الحراري التي من شأنها تقليل استهلاك النفط العالمي إلى 86 مليون برميل يوميًا بحلول 2030، واذا استمرت الحالة كما هي الآن فإن الانتاج العالمي سوف لا يلبي أكثر من ثلثي الطلب. واذا بدأ الانتاج بالانخفاض إلى درجة انه لا يكفي لتغطية الطلب ستشهد الأسواق ارتفاعًا كبيرًا في الأسعار". وهذا سيقلب المشهد النفطي رأسًا على عقب أي أن التخمة في السوق ستتحول إلى عجز ونقص حاد.

ارتفاع يتبعه هبوط في الأسعار

وحسب تقارير وكالات الانباء الأخيرة، ارتفعت عقود النفط باتجاه 50 دولارًا للبرميل في التعاملات الآسيوية يوم الأربعاء، دافعة الخام الأميركي إلى أعلى مستوى في أكثر من سبعة أشهر، بعد أن أشارت بيانات من معهد البترول الأميركي إلى هبوط أكبر من المتوقع في مخزونات الخام في الولايات المتحدة الأسبوع الماضي.

ولقيت أسعار النفط دعماً أيضاً من إغلاق الأسهم الأميركية على مكاسب كبيرة ومبيعات قوية للمساكن في الولايات المتحدة، وهو ما قد يشير إلى أن البنك المركزي الأميركي سيرفع أسعار الفائدة في يونيو.

وأظهرت بيانات من معهد البترول الأميركي أوائل هذا الاسبوع أن مخزونات الخام الأميركي انخفضت 5.1 ملايين برميل إلى 536.8 مليون برميل. وهذا الرقم غير ثابت، حيث قد يرتفع المخزون أو يهبط، ولكن التقلب يعتبره المحللون كمؤشر عام لتحركات الأسعار.

&

&

كما شهدت الأسعار هبوطًا ملحوظًا في الأيام الأخيرة، حيث هبط خام برنت المرجعي إلى 48 دولاراً للبرميل، وذلك بسبب الفائض في السوق رغم تقارير الاسبوع الماضي التي تشير إلى انخفاض المخزون الأميركي.&

وحسب وكالة رويترز، هبطت أسعار النفط للجلسة الرابعة على التوالي بداية الاسبوع بعد أن أصرت إيران على أنها لن تثبت إنتاج الخام، مما أعاد انتباه المستثمرين إلى تخمة المعروض من الخام في الأسواق العالمية.

كما أن ظهور تقارير أميركية تعزز الاعتقاد على استمرار حالة وفرة المعروض هو استقرار عدد الحفارات التي تديرها شركات الحفر الأميركية الأسبوع الماضي للمرة الاولى&هذا العام بعد تراجعه إلى أدنى مستوى في نحو عامين.

وأشار المحللون إلى عدم وجود دافع لدى دول المنظمة للدعوة لخفض الإنتاج حالياً، بعدما بدأت استراتيجية "أوبك" في دفع المنتجين الثانويين خارج المنافسة، وأيضاً بعد أن ارتفعت الأسعار 8% من الحضيض الذي بلغته اوائل هذا العام.

تصريحات إيرانية مصدر قلق إضافي

قال نائب وزير النفط الإيراني ركن الدين جوادي لوكالة مهر للأنباء أمس الأول، إن بلاده لا تخطط لوقف زيادة إنتاج الخام وصادراته. وأضاف أن صادرات بلاده من النفط باستثناء مكثفات الغاز بلغت مليوني برميل يوميًا، وأنها ستصل إلى 2.2 مليون برميل يوميًا بحلول منتصف الصيف.

وأدت تصريحاته إلى تلاشي المزيد من الآمال باتخاذ قرار مشترك بتثبيت إنتاج منظمة البلدان المصدرة للبترول «أوبك» من الخام خلال اجتماع للمنظمة في فيينا في الثاني من يونيو المقبل. واللافت أن استطلاع للرأي أجرته "بلومبيرغ"، أوضح أن الغالبية العظمى من المحللين يستبعدون التوصل إلى اتفاق بخفض أو تجميد الإنتاج في اجتماع "أوبك" المقرر عقده في الثاني من يونيو المقبل.

وتصريحات وزير النفط الإيراني أن إيران سوف لا تشارك في أي اتفاقات لتجميد الانتاج في اجتماع اوبك المقبل لم تساعد على عودة الثقة بأن الأسعار ستتعافى، حيث أكد ان إيران تأمل في رفع صادراتها بمقدار 200 الف برميل يوميًا خلال فصل الصيف.

&سقف الـ 50 دولاراً للبرميل

ارتفعت وتيرة التكهنات أن اسعار النفط تصاعدت باتجاه سقف جديد حول الخمسين دولاراً للبرميل، ولكن القلق الذي يساور الأسواق ازداد حدة بعد أن قال وزير الطاقة الروسي أليكسندر نوفاك الجمعة الماضي إن الانتاج العالمي يزيد عن الطلب بمقدار 1.5 مليون برميل يوميًا رغم تصريحات وكالة الطاقة الدولية المتكررة أن الطلب العالمي المتزايد سيعيد التوازن في الأسواق. ومما زاد قلق المراقبين هو انه للمرة الاولى&هذا العام أن عدد حقول انتاج النفط الصخري الناشطة توقف عن التضاؤل.&

وشهد قطاع النفط الصخري الأميركي حالات كثيرة من الافلاسات التي أدت إلى انخفاض الانتاج. ومن المتوقع ان يعود الانتاج الصخري بشكل تدريجي وبتوقعات ربحية اقل أي تم تنزيل سقف النقطة التي تغطي المبيعات تكاليف الانتاج وبربح قليل، والذي يطلق عليه باللغة الانكليزية: The Break-even point.

&

&

وثمة عنصر آخر لعب دورًا في تقلب الأسعار هو ارتفاع السعر الصرفي للدولار الأميركي، مما جعل اسعار النفط تبدو مرتفعة للمستوردين، واذا ما رفع المصرف الاحتياطي الفيدرالي اسعار الفائدة الشهر المقبل سترتفع قيمة الدولار الصرفية، مما يجعل سعر النفط المسّعر بالدولار يبدو مرتفعًا للمستورد والمستهلك، وقد يؤدي إلى تراجع في الطلب على النفط.

وحسب توقعات غولدمان ساكس المصرف التجاري الاستشاري، فإن ظهور مشاكل في الامدادات من نيجيريا بسبب اعمال العنف والحرائق في كندا ساعد قليلاً في تقليص التخمة، وهذا بدوره ساعد الأسعار في التعافي، وفي المقابل تواصل السعودية وإيران انتاج أكبر كميات ممكنة، ولكن الصورة تبقى معرضة للتغيير بسبب ارتفاع قيمة الدولار.

في نهاية المطاف تبقى الصورة متقلبة ولا يستطيع أحد التنبؤ بدقة بما سيحدث في الأسواق، ومن الصعب التكهن بما ستؤول اليه الأسعار في الاسابيع والأشهر المقبلة.