يتزايد القلق في مصر من احتمال حدوث آثار سلبية على الاقتصاد المصري جراء انفصال بريطانيا عن الاتحاد الأوروبي، لاسيما في مجال السياحة، فيما تسبب الانفصال بتفاقم أزمة الدولار في مصر، وارتفع السعر في السوق السوداء بمعدل عشرة قروش دفعة واحدة، وبلغ سعر الدولار نحو11.15 جنيهًا.

إيلاف من القاهرة: تسيطر مشاعر القلق على صناع القرار الاقتصادي في مصر، بعد انفصال بريطانيا عن الاتحاد الأوروبي، وأعرب خبراء اقتصاديون عن خشيتهم من تعرض مصر لأزمة، تزيد من الصعوبات التي تواجهها، لاسيما في قطاع السياحة.

وتأثرت العملة الأميركية الدولار في مصر سلباً بالقرار البريطاني، وارتفعت قيمة الدولار أمام الجنيه في السوق السوداء نحو عشرة قروش دفعة واحدة، وبلغ سعر الدولار الواحد 11.15 جنيهًا.&

ويتوقع الخبراء تفاقم أزمة الدولار، لاسيما أن نحو 70% من حجم الاستيراد يتم بالعملة الأميركية، وقال الخبير الاقتصادي الدكتور محمود عبد العزيز لـ"إيلاف" إن انفصال بريطانيا عن الاتحاد الأوروبي أثر سلباً على أسواق المال العالمية، مشيراً إلى أن المؤشر الرئيسي في البورصة اليابانية هبط لأقل مستوى له منذ 5 سنوات.

وتوقع أن يتعرض الاقتصاد المصري لبعض الهزات، لافتاً إلى أن مصر تعتمد بشكل أساسي على عملة اليورو والجنيه الاسترليني في تعاملاتها الخارجية بالإضافة إلى الدولار.

ونبّه إلى أن انخفاض "اليورو" بنسبة 10%، سيؤدي إلى هبوط الاحتياطي النقدي المصري، مشيراً إلى أن هذا الانخفاض سوف يؤثر سلباً على الدولار.&

السلع الأساسية

وأشار إلى أن الدولار ارتفع فجأة بنحو عشرة قروش في السوق السوداء بعد ساعات من القرار البريطاني بالخروج من الاتحاد الأوروبي، متوقعاً أن يؤثر هذا الارتفاع في أسعار السلع الأساسية، لاسيما أن مصر تستورد نحو 70% من احتياجاتها بالدولار.

وحسب وجهة نظر البرلماني، محمد بدوى دسوقي، فإن خروج بريطانيا من الإتحاد الأوروبي يشكل ضربة موجعة للاتحاد والعالم، وستكون لها تداعيات اقتصادية على بريطانيا والعالم أجمع.

وأضاف أن انفصال بريطانيا عن الاتحاد الأوروبي أحدث هزة عنيفة في الأسواق المالية وسوق النفط وتقلبات حادة في أسعار العملات، مشيرًا إلى أن سعر الجنيه الاسترليني تراجع أمام الدولار والعملات الأخرى ليسجل تراجع بنحو 10% أمام الدولار وهو أكبر تراجع تسجله عملة دولية في يوم واحد، مما أدى إلى خسارة البورصات على مستوى العالم لتسجل خسائر وصلت لأكثر من 2 تريليون دولار.

ووفقاً لتصريحات دسوقي، فإن هذا الخروج سيؤدي إلى أزمة اقتصادية مشابهة لأزمة 2008 بجانب تأثير حاد على الاستقرار المالي العالمي وليس البريطاني والأوروبي فقط.

وتوقع أن تتأثر مصر سلباً خلال الفترة القادمة نتيجة الخروج، موضحاً أن السياحة البريطانية لمصر سوف تتأثر، إلى جانب الاستثمارات الأجنبية المباشرة.

ودعا البنك المركزي المصري إلى اتخاذ ما سماه بـ"خطوات تصحيحية"، لمعالجة التقلبات التي تحدث في "سلة العملات الأجنبية"، وذلك بخفض جديد في قيمة الجنيه أمام الدولار من أجل إجراء حركة تصحيحية أمام العملات الرئيسية، على حد قوله.

وتابع: "نتيجة الانفصال البريطاني، شهدت الأسواق ارتفاعاً تاريخياً لأسعار الذهب ليسجل ارتفاعًا بنسبة 5.15% نتيجة اتجاه المستثمرين لشراء معدن الذهب"، مضيفًا أن السوق المحلية المصرية في حالة ركود تام بالنسبة لتجارة الذهب، فهناك ضعف في القدرة الشرائية للذهب.

في مصلحة مصر

على الجانب الآخر، يرى رئيس جمعية مسافرون للسياحة والسفر، عاطف عبد اللطيف أن انفصال بريطانيا عن الاتحاد الأوروبي، سيصب في مصلحة مصر خاصة مع استقالة ديفيد كاميرون وحكومته التي كانت لديها سياسة متشددة مع مصر.

وأضاف لـ"إيلاف" أن كاميرون كانت توجهاته مغايرة للنظام الحالي في مصر وبصفته عضوًا في الاتحاد الأوروبي وبحكم ثقله السياسي والاقتصادي نجد ان دولاً أخرى انتهجت نفس سياسته مع مصر.

وتابع: لدينا كمصر فرصة قوية لتحسين العلاقات مع الحكومة الجديدة في بريطانيا المنتظرة عقب استقالة كاميرون بعد فشله في بقاء بريطانيا بالاتحاد الأوروبي، وذلك من خلال تواصل مصر ممثلة في الحكومة والبرلمان مع نظرائها في بريطانيا لتحسين الصورة وإعادة العلاقات إلي مسارها الطبيعي &ومد جسور الثقة وفتح قنوات الاتصال من الناحية السياحية والسياسية والاقتصادية، وكل هذا يصب في مصلحة البلدين.

وأشار إلى أن انفصال بريطانيا عن الاتحاد الاوروبي يصب أيضًا في مصلحتها اقتصاديًا وسياسيًا على المدى الطويل، ولكن حاليا من المنتظر أن تشهد بريطانيا حالة من عدم الاستقرار الاقتصادي قد تزيد عن عام ونصف،&هذا فضلاً عن تراجع الدور الأميركي بالاتحاد الأوروبي الذي كانت تقوم به بريطانيا لصالح أميركا.

وأضاف أن بريطانيا كانت تدفع حوالي 395 مليون جنيه استرليني كل شهر للاتحاد الأوروبي عبارة عن قيمة مضافة وضرائب نتيجة لوجودها بالاتحاد، وكل أوروبا الشرقية كانت تستفيد من مميزات الاتحاد في بريطانيا من علاج واقامة وعمل، وكانوا يمثلون عبئاً على بريطانيا حيث أن أكثر من مليون أوروبي شرقي من بلغاريا ورومانيا وبولندا يعملون في بريطانيا .

زلزال سياسي

وفي ما يتعلق بتأثر مصر سلباً، لاسيما في قطاع السياحة، قال عبد اللطيف، إن بريطانيا تحتل المرتبة الثانية في عدد السياح بعد روسيا بحوالي مليون و300 ألف سائح سنويًا، وكان ذلك في عام 2009، مضيفاً أن السياحة في مصر تراجعت بشكل ملحوظ في السنوات&الخمس الماضية.

ولفت إلى أنه مع وجود ديفيد كاميرون على رأس الحكومة البريطانية عانت مصر، لاسيما أنه كان معاديًا لثورة 30 يونيو في بدايتها وفرض حظراً على الرعايا البريطانيين لزيارة مصر مع سقوط الطائرة الروسية في سيناء وتراجع عدد السياح البريطانيين القادمين لمصر في 2015 إلى &869 ألف سائح، مقارنة بـ 906 آلاف سائح في 2014.

وعن العلاقات الاقتصادية بين مصر وبريطانيا، قال عبد اللطيف إن حجم التبادل التجاري &ببن البلدين بلغ حوالي 1.5 مليار جنيه إسترليني، في &2015، وبلغت الاستثمارات البريطانية فى مصر حتى نهاية عام 2015 حوالي 5.5 مليارات دولار مستثمرة &في 1358 مشروعاً، وتأتي بريطانيا في المرتبة الثالثة ضمن قائمة الدول المستثمرة في مصر في أنشطة مختلفة منها البترول والبنوك والاتصالات والسياحة والطاقة والمنظفات.

ومن جانبه، دافع السفير البريطاني بالقاهرة، جون كاسن، عن قرار البريطانيين بالانفصال عن الاتحاد الأوروبي، وقال في&تغريدات له عبر حسابه على موقع تويتر، إن بلاده تواجه بعد خروجها زلزالًا سياسيًا، وتحولًا كبيرًا. وأضاف: "واثق بأننا سوف ننجح معًا".

وأشار إلى أن بريطانيا بعد الاستفتاء ستظل خامس أكبر اقتصاد في العالم، في الوقت الذي توفر فيه وظائف لعدد أكبر من الناس كما لم يحدث من قبل في تاريخ البلاد، وأشاد بتفوق بريطانيا في مجالات العلوم والهندسة والديمقراطية وحقوق الإنسان وحرية العقائد، وقال إنها تحترم في العالم كله في هذه القطاعات، واصفاً إياها بأنها "دولة فريدة ذات امتيازات هائلة".
&