قررت الحكومة المصرية فرض ضرائب جديدة في محاولة منها لسد العجز في الميزانية، التي تعاني من عجز يزيد على 200 مليار جنيه. ويناقش مجلس النواب حالياً مشروع قانون القيمة المضافة، الذي تراجعت عنه الحكومات المتتالية منذ العام 2005، خشية ردود الفعل الغاضبة من المصريين، لاسيما أنه سوف يتسبب في ارتفاع أسعار غالبية السلع.

إيلاف من القاهرة: بعد التراجع لسنوات عن فرض ضرائب جديدة، وبسبب عجز الموازنة، وتطبيقاً لسياسات صندوق النقد الدولي، قررت الحكومة المصرية فرض ضريبة القيمة المضافة، رغم تحذيرات الخبراء الاقتصاديين، من تأثيرها على رفع الأسعار وزيادة الأعباء على الفقراء.

وتعد ضريبة القيمة المضافة، ضريبة مركبة تفرض على الفرق بين سعر التكلفة وسعر البيع للسلع المحلية والمستوردة، وسيساهم التحول لنظام القيمة المضافة في التوسع في إخضاع غالبية السلع والخدمات لضريبة المبيعات.

وتتوقع الحكومة زيادة في إيرادات ضريبة المبيعات بقيمة 30 مليار جنيه خلال العام المالي الحالي مقارنة بالعام الماضي نتيجة تطبيق ضريبة القيمة المضافة.

ووفقاً للخبير الاقتصادي الدكتور محمود الشريف، فإن قانون الضريبة المضافة ليس جديداً، بل سبق أن عرضته حكومة أحمد نظيف في عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك، لكنها تراجعت عن إقراره، خشية إثارة غضب المصريين.

زيادة الأسعار&

وأضاف لـ"إيلاف" أن مشروع القانون الذي يناقشه البرلمان، ومن المتوقع إقراره، يسهم في زيادة أسعار غالبية السلع الضرورية، بنسبة لا تقل عن 10%، مشيراً إلى أنه في ظل الفوضى التي تشهدها الأسواق المصرية، سوف ترتفع الأسعار بأكثر من 50% وربما تصل إلى الضعف.

ولفت إلى أن سياسيات الحكومة تتسم بالفشل، مشيراً إلى أنها بدلاً من البحث عن بدائل أخرى لتخفيف قيمة العجز، والعمل على جذب استثمارات جديدة، عن توفير مناخ جيد، وتنقية التشريعات الاقتصادية، والعمل على استعادة السياحة لحيويتها، تلجأ إلى الحلول الأسهل والأسرع وهي فرض ضرائب على المصريين.

وأشار إلى أن فرض ضرائب جديدة يزيد من أعباء الطبقة المتوسطة وطبقة الفقراء، لاسيما أن المنتجين والتجار يحملون أية التزامات أو ضرائب على المستهلك في النهاية.

وتناقش لجنة الخطة والموازنة في البرلمان مشروع القانون، وسط انتقادات عديدة، لكن من المتوقع تمريره، لاسيما أن الأغلبية تخضع للحكومة، وحسب تصريحات النائب، ناجى الشهابي رئيس حزب الجيل، فإن مشروع قانون القيمة سيحول حياة المصريين إلى جحيم.

وأضاف لـ"إيلاف" أن تطبيق القانون يؤكد استجابة مصر لتعليمات صندوق النقد الدولي من أجل الحصول على قرض دولي، مشيراً إلى أن شروط المؤسسات المالية الدولية تسببت في تدمير اقتصاديات دول عديدة.

وحذر من أن المصريين لن يستطيعوا تحمل الآثار الكارثية للقانون، متوقعاً أن يتسبب تطبيقه في رفع أسعار السلع الحياتية والمنتجات والخدمات الضرورية.

ولفت إلى أنه "في الوقت الذي تصدر الحكومة قانون القيمة المضافة، تقف عاجزة أمام الغلاء وارتفاع سعر الدولار الذي اقترب من 12 جنيهاً، متهماً الحكومة ولاسيما وزراء المجموعة الاقتصادية بالمسؤولية عمّا سمّاها "انهيار الاقتصاد المصري وتصعيب الحياة على المواطنين".

تدخل سريع

وطالب الشهابي الرئيس السيسي بالتدخل السريع ورفض جميع القوانين التي يقترحها صندوق النقد الدولي مثل قانون القيمة المضافة وقانون الخدمة المدنية، ومراجعة الملف الاقتصادي وانتهاج سياسات جديدة تعتمد على الذات، وتستغني عن القروض الأجنبية وترشيد الاستهلاك، والانحياز للفقراء.

وقال النائب جمال عباس عمر، إن الحكومة تضع نفسها في صدام مع البرلمان والشعب، بسبب إصرارها على تطبيق قانون ضريبي سيعمل على زيادة الأسعار بشكل غير مسبوق رغم تحذيرات الكثيرين.

وأضاف خلال جلسة لمناقشة مشروع القانون، أن الحكومة اتخذت منذ أكثر من 6 أشهر قرارات من شأنها زيادة الأسعار، قائلاً: "الحكومة بتستغفلنا (تخدع) ونواياها سيئة تجاه الشعب وبدلاً من زيادة الدعم تحارب محدودي الدخل في لقمة عيشهم".

ووفقاً للنائب، فإن قانون القيمة المضافة غير دستوري، مشيراً إلى أنه يجب على البرلمان رفض القانون وأي قانون يؤدى إلى زيادة الأسعار، مطالبًا الحكومة بمراجعة قراراتها، ومراعاة محدودي الدخل، لافتًا إلى أن الرئيس عبد الفتاح السيسي وجه العديد من التعليمات للحكومة برفع المعاناة عن محدودي الدخل وتقديم كل الدعم إليهم.

وتساءل: ألا توجد طرق أخرى للحكومة لزيادة الإيرادات غير أنها تضع يدها في جيوب المواطنين ومحدودي الدخل؟

السلع الأساسية

ومن جانبها، دافعت الحكومة عن فرض ضرائب جديدة، وقال نائب وزير المالية للسياسات الضريبية، الدكتور عمرو المنيري، إن الزيادات في الأسعار التي ستنتج عن تطبيق القانون موجودة بالفعل &في صورة ضريبة المبيعات.&& &

وأضاف لـ "إيلاف" أن آثار القانون لن تمتد إلى الفقراء، مشيراً إلى أن هناك 25 سلعة معفاة من تطبيق القانون عليها، وجميعها سلع تهم المواطن البسيط، على حد قوله.

ولفت إلى أن أسعار المحروقات لن ترتفع بسبب القانون، ولم ترتفع مصروفات المدارس، كما يروج البعض، مشيراً إلى أن الضريبة سوف تطال المدارس الدولية فقط.

وأضاف أن وزارة المالية أعدت دراسة دقيقة لآثار تطبيق القانون، موضحاً أن أسعار السلع والخدمات التي يشملها القانون عموماً ستزيد بنسبة 1.5%، بينما سترتفع في بعض السلع الأخرى إلى 7% فقط.

ودعا ما وصفه بـ"الجهات المعنية"، إلى ضرورة تشديد الرقابة على الأسواق ومقدمي الخدمات، حتى لا تزيد آثاره، وتؤدي إلى المزيد من المتاعب للفقراء ومحدودي الدخل".&

ويتخوف مجلس النواب من تفاقم آثار القانون، وارتفاع الأسعار بشكل جنوني، وقالت النائبة سيلفيا نبيل، أثناء مناقشة مشروع القانون في لجنة الخطة والموازنة: لابد من توضيح أثر تطبيق القانون الجديد، وأن تكون أمام أعضاء اللجنة الجداول القديمة للسلع والخدمات وقيمها الجديدة، وفق القانون.

وقال النائب عصمت زايد إن الزيادة في التحصيل، وفق هذا القانون، غير واضحة. وطالب الحكومة بتوضيح مدى تأثيره على المواطن البسيط، محذراً من أن اعتماد القانون دون ضوابط سيؤدى إلى ارتفاع جنوني في الأسعار، وهو أمر غير مقبول، على حد قوله.