إيلاف من لندن: تتشبث الأسواق ببارقة أمل مصدرها السعودية لتعافي الأسعار أو على الأقل لايقاف النزيف الذي بدأ في أواسط عام 2014 ووصل الى الحضيض في يناير 2016 قبل ان يبدأ مرحلة الصعود البطيء والتدريجي.

وحسب تقرير في صحيفة المال والأعمال الأميركية "وول ستريت جورنال" تنامى الاستهلاك السعودي المحلي للنفط واستمرار عمليات التصدير على أعلى المستويات ولكن رافق ذلك تراجع المخزون الاحتياطي السعودي للنفط الذي وصل الى مستويات قياسية عام 2015 بفضل انتاج أكبر كميات ممكنة من النفط في ظل التخمة العالمية. وشهدت الأشهر الأخيرة تراجعا ملحوظا في الانتاج النفطي من خارج اطار منظمة أوبك ما خلق الفرص للسعودية واعضاء اوبك لتصدير المزيد من النفط الخام. 

وبحسب الصحيفة، أكد محللون أنه على خلفية النمو في الطلب المحلي قررت السلطات السعودية اللجوء للاحتياطي وعدم زيادة الإنتاج، للحفاظ على استقرار الأسواق النفطية. ولم يتغير عمليا حجم الإنتاج في المملكة منذ سنوات، إذ يتراوح بين 10.25 و 10.50 ملايين برميل يوميا.

وحسب وكالات الانباء التي تتابع المشهد النفطي "أوضح المضاربون، أنه إذا اختارت السعودية مسارا مختلفا، في تلبية الطلب المحلي، ولجأت إلى زيادة الإنتاج، فإن هذا سيكون بداية السقوط، خاصة وأن تدهور أسعار النفط لن يصب في مصلحتها، إضافة إلى أهمية محافظتها على حصتها السوقية مقابل ندّها الإيراني، الذي أطلق العنان لقطاع النفط والغاز في البلاد بعد رفع العقوبات عنه، وزيادة تطلعاته إلى العودة بقوة للسوق الأوروبية.

ورفعت الرياض صادراتها من الخام هذا العام، إذ بلغت خلال شهر مايو الماضي حوالى 7.3 ملايين برميل يوميا، وهو أكثر بنسبة 5% عن الفترة ذاتها من العام 2015 . إلا أنها أنفقت نحو 25% من النفط المنتج في البلاد خلال العام الماضي لتلبية احتياجاتها الداخلية".

الحرص على استقرار الاسواق

والذي لفت اهتمام الأسواق بشكل كبير ليس الانتاج والتصدير ولكن تصاعد الطلب السعودي المحلي على النفط والمشتقات المكررة. ولكي تلبي احتياجات الطلب المحلي وتتمسك بحصتها في السوق اضطرت السعودية الى استنزاف كميات كبيرة من المخزون الاحتياطي. 

وحسب تقارير وول ستريت جورنال هبط المخزون النفطي السعودي في الفترة من اكتوبر 2015 الى مايو 2016 بنسبة 12% الى 289 مليون برميل وهذا أكبر انخفاض في المخزون شهدته المملكة منذ عام 2001.

وعادة يرتفع الطلب المحلي على النفط في الصيف بسبب استعماله في توليد الطاقة الكهربائية اللازمة لتشغيل ملايين المكيفات الهوائية خلال الصيف الطويل الحار. ففي عام 2015 تم استهلاك 25% من اجمال الانتاج النفطي السعودي محليا ولكن هناك تردد سعودي في ضخ المزيد من النفط للتعويض عن العجز الناتج لتفادي ترويع الأسواق وانهيار الأسعار مجددا. بعبارة اخرى اذا ازداد الانتاج السعودي عن 10.50 ملايين برميل يوميا قد يتم تفسير ذلك في الأسواق كمحاولة لإغراق السوق. وتقول السعودية انها قادرة على انتاج 12.50 مليون برميل يوميا اذا دعت الحاجة في حالة تعطيل كبير في الامدادات العالمية. ولكنها تبقى حريصة على استقرار الأسواق وتعافي الأسعار لمستويات لا تهدد اقتصادات العالم.

اللجوء للمخزون الاحتياطي

والخيار الآخر للسعودية هو تخفيض حجم الصادرات النفطية ولكن هذا يعني بالضرورة التخلي عن حصتها في السوق وهذا يتنافى مع اولويات الممكلة في الحفاظ على حصتها في ظل عودة ايران للسوق بعد رفع العقوبات عليها اوائل هذا العام. لذا يبقى الخيار الوحيد، اللجوء جزئيا للمخزون الاحتياطي وهذا ما حدث فعلا.

واستقبلت الأسواق والمتعاملون هذا التطور بايجابية لا سيما بعد فترة من التقهقر في الأسعار من فوق 50 دولارا للبرميل الى 47 دولارا للبرميل منذ يونيو الفائت. ويعزو المراقبون تراجع الأسعار لارتفاع مخزونات المشتقات النفطية المكررة. ومصدر القلق هو انه بعد الصيف سيقل الاستهلاك السعودي المحلي وتعود المخزونات لمستوياتها السابقة.

والسيناريوهات نفسها قد تنطبق على المشتقات الى حد ما. في الولايات المتحدة مثلا يزداد الطلب على البنزين في أشهر الصيف او أشهر موسم السواقة لمسافات بعيدة للتنزه او زيارة الأقارب في الولايات المختلفة. ومع اقتراب نهاية الصيف يزداد القلق حول تراكم المخزونات والفائض في السوق كما حدث في فبراير الماضي حيث وصلت مخزونات المشتقات الى اعلى مستوياتها قبل ان تبدأ بالهبوط ثم تتصاعد مجددا لتصل الى 241 مليون برميل هذا الاسبوع.