إيلاف من أبوظبي: شهدت دولة الإمارات أكبر ثلاث عمليات اندماج ، كانت الأولى عام 2007 بين بنكي "الإمارات الدولي" و"دبي الوطني" وكوّنا بنك "الإمارات دبي الوطني"، وشهد العام الجاري اندماج مجموعتي "آيبيك" و"مبادلة"، إلى جانب اندماج مصرفي "الخليج الأول" و"أبوظبي الوطني" المرتقب مطلع 2017، وتهدف العمليات الثلاث إلى تكوين كيانات اقتصادية عملاقة لدعم رؤية الحكومة الطويلة الأمد بتكوين مؤسسات قوية قادرة على المنافسة العالمية.

إيجابيات وسلبيات

وأوضح محللون اقتصاديون لـ "إيلاف" أن عمليات الاندماج بما لها من إيجابيات عدة، تحمل في جعبتها الكثير من السلبيات منها "احتكار قطاعات اقتصادية وتعليمية وصحية، القضاء على المنافسة حد انعدامها، تفشي البطالة، وتقييم الأصول بأقل من قيمتها لغياب الشفافية والإفصاح".
وحذروا من انتقال عمليات الاندماج إلى قطاعات الصحة والتعليم، ما ينذر بمنظومة احتكارية لا يمكن مجابهتها، وستؤثر سلباً في جودة الخدمات المقدمة للأفراد وغلاء مبالغ فيه فضلاً عن تكوين تكتلات لا تقبل المنافسة في هذين القطاعين الخدميين.

مصالح بين شركتين أو اكثر

وأكد خبراء اقتصاديون أن الاندماج أو الـ Merger هو اتحاد مصالح بين شركتين أو أكثر ينتج عنه ظهور كيان جديد، وله ثلاثة أنواع، أولها "الاندماج الأفقي" ويحدث بين مؤسستين تعملان في نفس النشاط الاقتصادي ولكنه يخلق قوى احتكارية للشركة المدمجة، والثاني هو "الاندماج المتنوع" ويجري بين شركات لها أنشطة اقتصادية مختلفة لزيادة تنوع المنتجات، أما الثالث فهو "الاندماج الرأسي" ويجري بين مؤسسات تعمل في أنشطة اقتصادية مكملة ويهدف إلى ترشيد النفقات.

الاندماج المصرفي

وأشار محللون إلى أن الاندماج وخصوصاً "المصرفي" يحدث للمحافظة على الاستقرار المالي إلى حد ما في ظل التحديات التي يفرضها تراجع أسعار النفط عالمياً، حيث تؤثر وبقوة على النمو الاقتصادي ما ينعكس سلباً على قطاع البنوك ويؤدي لنقص السيولة وانخفاض الأرباح، فضلاً عن زيادة حدة المنافسة بين الشركات، وكثرة التحديات التي تواجهها المؤسسات العالمية، إضافة إلى التخفيف من وطأة التغييرات السريعة في النظام الاقتصادي العالمي والمتمثلة في العولمة والحرية الاقتصادية، فضلاً عن إقامة التكتلات الاقتصادية التي تواجه الدول النامية والمتقدمة.

فوائد اندماج المؤسسات

وعدد اقتصاديون لـ "إيلاف" فوائد اندماج المؤسسات والشركات، أهمها تكوين كيانات اقتصادية عملاقة تستطيع التصدي لأي أزمة اقتصادية ومالية متوقعة، إلى جانب تخفيف تكاليف الإنتاج والخدمات، إضافة إلى قدرة الحصول على تمويل من المؤسسات المصرفية العالمية، وزيادة القدرات المالية والكفاءة، فضلاً عن تحسين نوعية الإنتاج والخدمات المقدمة.

مخاطر الـMerger 

وقال خبراء ماليون إن للاندماج سلبيات عدة، حيث تعزز مصالح الشركات الكبرى وقدراتها التنافسية في فرض سيطرتها على أكبر حصة ممكنة في السوق ما يفرز ظاهرة "الاحتكار"، ويؤدي الاندماج إلى تقليص الفرص أمام الشركات الجديدة لدخول القطاعات المنتجة ما ينتج عنه انتشار ظاهرة "البطالة".

كما أن الاستمرار في تبني الاندماجات على المستوى الدولي يعود بالاقتصاد العالمي إلى الوراء وخلق فجوة اقتصادية بين مجموعتين من الدول، الأولى صناعية منتجة مصدرة والثانية مجموعة من الدول النامية المستوردة، ما ينذر بخلل في ميزان التبادل التجاري بين الدول وتدهور الاقتصاد العالمي تدريجياً، وتكمن خطورة الاندماج الكبري في انتقاله إلى القطاعات الخدمية والصحية والتعليمية ما يعزز احتكار قطاعات حيوية تلامس المجتمع مباشرة، ما ينذر بكارثة محققة في هذه القطاعات.

دعم الطموح الاقتصادي للدولة

سينصهر بنكي "الخليج الأول" و"أبوظبي الوطني" في كيان مصرفي واحد مطلع عام 2017 بإجمالي أصول بلغت نحو 642 مليار درهم، ما يسهم في إنشاء بنك ذي قوة مالية كبيرة وخبرة واسعة وشبكة عالمية تؤهله للعب دور رئيس في دعم الطموح الاقتصادي للدولة على الصعيد المحلي.

ويمتلك البنك المندمج حصة سوقية من القروض القائمة بنحو 26 في المائة من إجمالي القروض القائمة في الإمارات، وتنتشر فروعه ومكاتبه في 19 دولة حول العالم.

وفي المقابل، انخفضت أرباح بنك الخليج الأول نحو 10% في الربع الثاني من العام الجاري، محققاً 1.31 مليار درهم أرباحاً صافية، مقارنة بـ 1.45 مليار درهم في نفس الفترة من عام 2015، وبرر البنك تراجع الأرباح بالظروف الصعبة التي تمر بها الأسواق العالمية وتباطؤ النشاط الاقتصادي.

كما انخفض صافي أرباح بنك أبوظبي الوطني بنسبة 4.8% في الربع الثاني من العام الجاري، مقارنة بنفس الفترة من عام 2015 والبالغة 1.446 مليار درهم.

"الإمارات ما بعد النفط" 

اندمجت شركتا الاستثمارات البترولية الدولية «آيبيك» ومبادلة للتنمية «مبادلة» أخيراً وأوجدتا كياناً عملاقأً، وستشهد الفترة المقبلة عدداً من عمليات الاندماج الكبرى في إطار استراتيجية "الإمارات ما بعد النفط" لتنويع الاقتصاد الوطني وتحقيق توازن بين قطاعاته.

وسجلت «آيبيك» خسارة نحو 2.7 مليار دولار عام 2015، ووصلت قيمة أصول المجموعة إلى 58 مليار دولار منخفضة من 66 مليار دولار، وذلك بسبب استبعاد مشروع خط أنابيب أبوظبي للنفط الخام "أدكوب" وانخفاضات القيمة.

أما "مبادلة" فحققت ارتفاعاً في أرباحها العام الماضي بنسبة 20 % مسجلة 1.2 مليار درهم مقارنة بنحو مليار درهم عام 2014، وارتفعت إيراداتها إلى 34.1 مليار درهم.

مصرفا "الإمارات الدولي" و"دبي الوطني"

شهد عام 2007 أكبر عملية اندماج مصرفية كانت بين بنكي الإمارات الدولي ودبي الوطني وكوّنا بنك «الإمارات دبي الوطني» برأسمال سوقي بلغ نحو 3.41 مليارات درهم آنذاك، وسجل "الإمارات دبي الوطني" في الربع الأول من العام الجاري صافي أرباح بلغت 3.7 مليارات درهم.

انخفاض الأرباح وانهيار النفط

وتعتبر عملية الاندماجات حلًا ناجعًا وفعالًا لانخفاض حجم أرباح المصارف والشركات ولتخفيف الأعباء المالية التي تعيشها معظم البنوك العاملة في الإمارات ودول مجلس التعاون الخليجي عموماً، وذلك نتيجة لانهيار أسعار النفظ لمعدلات لم يشهدها الذهب الأسود من قبل، ما يهدد النمو الاقتصادي واستمرارية الأوضاع المالية العامة في المنطقة العربية، حيث تواجه المصارف ضغوطاً متزايدة على السيولة في مواجهة تدفق الودائع الخاصة والعامة إلى الخارج.