يبدي قطاع النفط الاميركي تفاؤلاً حذرًا بالنسبة للعام 2017 مع خروجه من التراجع الناجم عن تدهور اسعار الخام.

واشنطن: مع انطلاقة العام الجديد، يتحدث بعض العاملين في قطاع النفط الأميركي عن توجهه نحو التعافي مع زيادة مستوى انتاج بعض مواقع الحفر القليلة الكلفة حتى وان كان البعض لا يزال يشعر بالاحباط.

وادى الانحسار، الذي كان بين الاسوأ منذ الحظر العربي على تصدير النفط الى الغرب في 1973، الى افلاس شركات وصرف مئات الالاف من العمال واوقف اندفاعة فورة النفط الصخري في الولايات المتحدة.

وشعر منتجو النفط والغاز بالتفاؤل بعد انتخاب الجمهوري دونالد ترامب الذي عين في فريقه حلفاء من قطاع النفط مثل سكوت بروت المشكك في ظاهرة التغير المناخي على رأس هيئة حماية البيئة ورئيس مجلس ادارة اكسون موبيل ريكس تيلرسون وزيرًا للخارجية.

يقول رئيس الجمعية الدولية لمتعاقدي الحفر جيسون ماكفرلاند إن "شركات القطاع لا تزال حذرة بشأن اموالها. لكننا نشهد بالطبع توظيف بعض الاستثمارات مع ارتفاع اسعار النفط".

خفض انتاج اوبك محل تساؤل 

والاهم من ذلك ان قرار منظمة الدول المصدرة للنفط "اوبك" في 30 نوفمبر خفض الانتاج لتقليص الطفرة في الاسواق، والتي كانت تضغط على الاسعار، اشاع الارتياح.

ويقول مدير بنك استثمارات الطاقة في هيوستن "تيودور بكرنغ هولت اند كو" ديفيد بورسل إنه بعد قرار اوبك "حدث تحول كبير. قبل 30 نوفمبر كان الامر شبيهًا بمسيرة الموت من باتان" في اشارة الى مسيرة السجناء التي قضى خلالها الالاف من أسرى الحرب الفيليبينيين والاميركيين ابان الحرب العالمية الثانية وصنفها الحلفاء لاحقًا جريمة حرب يابانية.

ويضيف "يشعر الناس بتفاؤل حذر وهذا بعيد تمامًا عمّا كنا عليه قبل ثمانية اسابيع خلت".

اغلقت اسعار النفط على 53,99 دولارًا الجمعة بعد ان انخفضت قريبا من 25 دولارًا للبرميل قبل سنة.

ويُعزى تردد المنتجين جزئيا الى التشكيك في ما اذا كان اعضاء اوبك والدول خارج المنظمة مثل روسيا ستلتزم اتفاق خفض الانتاج.

وحتى بعد خفض الانتاج، يبقى السؤال حول ما سيحدث في حال عدم تجديد الاتفاق بعد انقضاء مدته البالغة ستة اشهر.

وقالت الوكالة الدولية للطاقة في تقريرها الشهر الماضي إن الاشارة التي ارسلتها اوبك مفادها أن "منتجي النفط عالي الكلفة يجب ان لا يعتبروا ان الطريق مفتوح امامهم لزيادة انتاجهم. (...) منتجو النفط عالي الكلفة الذين يعتقدون ان خفض الانتاج يضمن على اقل تقدير عدم هبوط الاسعار ربما عليهم التفكير مرتين قبل المجازفة بتوظيف استثمارات جديدة".

عودة انتاج النفط الصخري الاميركي؟ 

ومن المسائل الاخرى التي لا يعرف كيف ستؤثر على السوق هي كيف سيتطور الاستهلاك الاميركي في عهد ترامب مع توقع تسارع النمو، وما اذا كان الطلب الهندي سيبقى مرتفعًا وكيف سيؤثر الاقتصاد الصيني الذي يحقق نموا مستمرًا على تعطشها للطاقة.

ويطرح الزيت الصخري علامة استفهام اخرى اذ يتوقع ان تتعافى الرساميل المستثمرة في الولايات المتحدة بسرعة اكبر منه في بلدان اخرى تكون فيها دورات الاستثمارات النفطية اطول مدى.

ادى ارتفاع انتاج النفط الصخري الاميركي بفضل التطور الكبير في تكنولوجيا الحفر والاستخراج الى زيادة الانتاج الى مستوى قياسي على مدى عقود في 2015 الى نحو 9,6 ملايين برميل يوميا، بزيادة 80% عن 2010.

لكن هذه الفورة شهدت توقفًا مباغتًا مع تدهور الاسعار فتراجع الانتاج الاميركي الى 8,6 ملايين برميل يوميا في سبتمبر 2016، ليعود ويرتفع الى 8,8 ملايين برميل يوميًا مع ارتفاع اسعار النفط، وفق ادارة معلومات الطاقة الاميركية.

ولا يعرف كم من الوقت سيستغرق القطاع لكي يتعافى.

ويقول رئيس قسم سوق النفط في الوكالة الدولية للطاقة نيل اتكنسون "ليس لدينا ما يكفي من الخبرة لمعرفة كم من الوقت تستغرق مثل هذه المشاريع لكي تتعافى لاننا لم نختبر ذلك حقًا من قبل".

ويضيف بشأن التوقعات المتعلقة بزيادة الانتاج "السؤال هو بأي سرعة يمكنه ان يتجاوب اذا اعتقد الناس أن الاسعار المرتفعة ستبقى كذلك. لا نعرف بعد".

وتبين المؤشرات الاولية زياة كبيرة في عدد اجهزة الحفر في الحوض الاول في وست تكساس مقارنة مع العام الماضي، بحيث اصبح اليوم 267 منصة حفر بدلا من 209، وفق ارقام شركة النفط "بايكر هيوز".

وتشغل كل منصة حفر بشكل مباشر عشرين شخصًا وعشرات آخرين في خدمات ذات صلة بها، وفق ماكفرلاند.

لكن الانشطة تبقى اقل من مستواها قبل سنة مضت في منطقة ايغل فورد شيل التي تتقاطع كثيرًا مع تكساس، وفي نورث داكوتا حيث يوجد حوض "باكن شيل". وكان كلاهما يشهدان نموًا كبيرًا قبل فترة الركود.

والحوض جاذب للاستثمارات نظراً لتدني كلفة استخراج النفط وقربه من خطوط الانابيب وغيرها من البنى التحتية الرئيسية، وفق جيسي تومسون الاقتصادي لدى الاحتياطي الفيدرالي في دالاس.

ويقول تومسون ومقره هيوستن، "نسمع عن عمليات توظيف. نعرف أن هناك تغييرًا في التوجه المتعلق بالتوظيف في القطاع، هناك ايضًا فصل من العمل. بعض الشركات لا تزال تعاني من مصاعب. انها فترة انتقالية".