حسن حاميدوي: أعاد تزايد حالات الفصل التعسفي بالقطاع الخاص بالسعودية، المطالبات بضرورة تعديل اللوائح الخاصة بنظام العمل الجديد، لاسيما المادة ( 77) التي فتحت ثغرة قانونية لشركات القطاع الخاص للقيام بالفصل التعسفي دون ادني مسؤولية عليها، والتي كان أخرها الأسبوع الماضي حيث تم فصل أكثر من 1200 موظف من شركة سعودية شهيرة لبيع السيارات من دون سابق إنذار.

وكانت وزارة العمل السعودية قد بدأت في أكتوبر 2016 تطبيق نظام العمل الجديد، والذي تضمن تعديلات شملت 38 مادة، تنوعت بين مواد متعلقة بالتدريب والتأهيل وأخرى خاصة بامتيازات التوطين، ومواد مرتبطة بعقد العمل، و مواد متعلقة بعمل المرأة وآليات التفتيش، لكن التعديل الأبرز جدلا كان من نصيب المادة (77) والتي أتاحت لصاحب العمل إنهاء عقد العامل بدون سبب مع منحه تعويضا ماليا.

المادة 77 والفصل التعسفي

الباحث الاقتصادي علي الشهراني أوضح أن التعديل الذي طال المادة (77) يتمثل في أن الهيئات العمالية هي التي كانت تقدر حجم التعويض للموظف المفصول.

وأشار الشهراني في حديثه لـ"إيلاف" إلى أنّ الهيئات العمالية كانت تقف في صف الموظف وتقدّر حجم الضرر الذي يصيبه جراء الفصل، وتنصفه سواء بالتوجيه بإعادته للعمل أم بتعويضه التعويض المادي المناسب وفق الضرر المادي.

وأشار إلى أنّ التعديل الجديد منح حق تقدير التعويض لصاحب العمل فقط، والذي غالبا ما يقدم تعويضا زهيدا، كما انه لم يحدد عقوبة صاحب العمل في حال تأخره عن سداد التعويض ، وهو ما استغلته بعض الشركات، حيث إن حالات الفصل تزايدت تزامنا مع بدء تطبيق القرار، وقال الشهراني وبالتالي لابد من تعديل المادة لانعكاساتها السيئة على ألامان الوظيفي وتعارضها مع جهود توطين فرص العمل ، لاسيما إنها تصب في مصلحة أرباب الأعمال على حساب الموظف.

هزة اقتصادية

إلى ذلك، قال المحلل الاقتصادي، حسن كردي، إن تعديل المادة (77) جاء تحت تبرير أنها كانت تحمي الموظف وهو ما انعكس سلبا على قلة الإنتاجية لعدم الخوف من فقدان الوظيفة، مشيرا في حديثه لـ"إيلاف" إلى أن هذه الحالات لم تتحول إلى ظاهرة حتى يتم تعديل المادة بسببها، وبالتالي نحن نطالب وزارة العمل و مجلس الشورى بسرعة التدخل لعلاج الخلل وتعليق العمل بالمادة 77 بشكل عاجل لحين تعديلها.

وحذر كردي، من أن تزايد حالات الفصل التعسفي ستمثل تصدّعا لبنية الاقتصاد والمجتمع، أبرزها زيادة العاطلين والفقر، في ظل شح وظائف القطاع العام، وخاصة أن من بينهم من يعول أسراً، فضلا عن انكشاف القطاع المالي في ظل تعثر المقترضين الأفراد عن السداد بعد فقدهم أعمالهم، وتعريضه لهزة اقتصادية، حيث انه بحسب بيانات مؤسسة النقد السعودية، فإن 93% من الموظفين السعوديين مدانون ومقترضون من البنوك وهناك مخاوف من ارتفاع مستوى الديون.

حلول أخرى بدل الفصل

الخبير الاقتصادي، عوض البكري، قال انه لا يمكن لوم الشركات في تطبيقهم للأنظمة طالما أنها موجودة، إنما اللوم يقع على من سمح بوجود القوانين التي تتيح لصاحب العمل تطبيقها من دون أن تكون عليه أي تبعات.

وأشار البكري في حديثه لـ"إيلاف" إلى أنّ هناك مخاوف من تزايد الظاهرة خلال الفترة المقبلة ما لم يتدخل مجلس الشورى السعودي ووزارة العمل مؤكدا أن ما حدث من فصل 1200 سعودي الأسبوع الماضي، ليس مجرد حالة فردية فهناك حالات شهدتها عدة قطاعات مختلفة.

وقال البكري إن ما يحزن إن غالبية الشركات لم تنظر إلى الحلول الأخرى المتاحة، مثل تكليف العامل بأعمال أخرى أو حتى المفاوضة على تعديل الراتب في حال كانت الشركة تمر بضائقة مادية، مبينا أنه يمكن مرعاة الركود الاقتصادي وتراجع المبيعات، لكنا أيضا نشدد على أن يلتزم القطاع الخاص بمسؤوليته تجاه المجتمع والتريث قبل خطوة الفصل عبر البحث عن حلول أخرى كإعادة التأهيل أو تكليف الموظف بأعمال أخرى، بدلا من تسريحه بثمن بخس ومن دون تعويض يذكر.