الشعب المصري الذي يعاني شحًا في مداخيله مقابل غلاء المعيشة لم ترقه مشروع زيادة رواتب ومعاشات لرئيس الوزراء ونوابه ووزرائه والمحافظين ونوابهم الذي أحيل على لجنة تمهيدًا لإقراره، كما انتقده خبراء اقتصاديون ورأوا فيه استفزازًا للمواطن.

إيلاف من القاهرة: في خطوة وصفها البعض بالاستفزازية، أحال الدكتور علي عبد العال، رئيس مجلس النواب، مشروع قانون مقدمًا من الحكومة بزيادة رواتب ومعاشات رئيس مجلس الوزراء، ونوابه، وأعضاء الحكومة من الوزراء، والمحافظين، ونوابهم، وذلك على اللجنة المشتركة بين الخطة والموازنة والقوى العاملة، ويتضمن المشروع 5 مواد تنظم على وجه التحديد رواتب ومعاشات المسؤولين في الحكومة، وتلغي العمل بالقانون 100 لسنة 1987. 

حيث تنص المادة الأولى من مشروع القانون على أن يتقاضى رئيس مجلس الوزراء راتبًا شهريًاً قدره 42 ألف جنيه (الحد الأقصى للدخل طبقًا للقانون)، فيما يتقاضى نوابه والوزراء من أعضاء الحكومة والمحافظين 35 ألف جنيه شهريًا. 

فيما يتقاضى نواب الوزراء والمحافظون 30 ألف جنيه، وتقضي المادة الثانية بأن تستحق الفئات المشار إليها معاشًا يساوي 80% من إجمالي رواتبهم عند انتهاء شغلهم المنصب، على ألا ينتفع بهذا الأمر إلا مرة واحدة، ولا تطبق المادة إلا على من شغل أحد المناصب المشار إليها فعليًا. 

فيما استثنى مشروع القانون كل من صدر ضده حكم بات في جناية، أو حكم عليه في إحدى قضايا الإرهاب، أو في إحدى القضايا المضرة بأمن الدولة. 

مشروع القانون لقي استهجان الشارع المصري ونواب البرلمان وخبراء الاقتصاد؛ لكونه يجيء في ظروف صعبة يعاني منها المواطن المصري من غلاء في المعيشة، ووسط تصريحات يومية للحكومة بضرورة الصبر والتحمل.

تأييد الزيادة 
إلا أن مشروع القانون لقي تأييد بعض نواب ائتلاف دعم مصر، حيث أكد النائب أسامة هيكل، رئيس لجنة الثقافة والإعلام في مجلس النواب ووزير الإعلام السابق بعد 25 يناير، والقيادي في دعم مصر، أكد أن رواتب الوزراء في مصر ضئيلة للغاية، قائلًا: "الوزير يتقاضى من 1500 – 2200 جنيه كراتب رسمي، لأنه يتعامل على أنه تعيين جديد، ومجلس الوزراء يخرج له مكافأة في حدود 30 ألف جنيه كل شهر، وهذه مكافأة ثابتة من 10 سنين أو أكثر".

أضاف رئيس اللجنة، في تصريحات إعلامية له، أنه غير مسموح للوزير أن يتقاضى أي أجر خارجي دون وزارته، فمعاشه يحسب على الراتب الأساسي، والمفترض أنه مرتبط بالهيكل الإداري، فيكون الوزير أعلى راتبًا، ولكنه يمثل أقل راتب في وزارته، كاشفًا عن حصول وزراء على 500 جنيه معاشًا حاليًا، كما إن رئيس الوزراء نفسه لا يتعدى راتبه الأساسي حوالى 2500 جنيه.

استفزاز واضح 
من جانبه أكد النائب هيثم الحريري، عضو مجلس النواب، أن الحكومة المصرية تواصل استفزاز المواطنين، ومجلس النواب مطالبًا برفض القانون بدون مناقشته من الأساس في اللجان العامة، حتى لا يزيد سخط المواطنين على البرلمان.

وقال عضو مجلس النواب ﻟ"إيلاف" إن "الحكومة تبحث عن مصالحها فقط، وكان يجب عليها أن تقدم إلينا روشتة لمعالجة الوضع الاقتصادي ومراقبة الأسعار وكيفية مواجهة الإرهاب والفساد الموجود في مصر".

وأشار إلى أن الحكومة مطالبة بتحمّل أعباء المعيشة، مثل حال الفقير، بحيث لا تطالب المواطن بالصبر على ارتفاع الأسعار، وفي الوقت نفسه تسعى إلى زيادة رواتب ومعاشات الوزراء والمحافظين، رغم فشلهم في تأدية الدور الذي من أجله تم اختيارهم لمناصبهم، بدليل كم التغييرات في الحكومة خلال العامين الماضيين.

دعوات إلى التقشف 
قرار مشروع زيادة رواتب الوزراء والمحافظين في الحكومة لقي انتقاد خبراء اقتصاديين، حيث أكد الخبير أكرم بسطاوي أن مشروع القانون الذي تقدمت به حكومة شريف إسماعيل لزيادة رواتب الوزراء والمحافظين، يتناقض تمامًا مع الدعوات التي تطالب فيها المواطن بالتقشف، وتحمل الإصلاحات الاقتصادية الأخيرة، عقب قرار تعويم الجنيه.

ولفت إلى أن الحكومة مطالبة برفع رواتب الموظفين أولًا، وخفض الأسعار، ثم المطالبة بعد ذلك برفع رواتبهم، بحيث يكونون قدوةً ومثلًا للشعب، وحتى يتم تصدقيهم بعد ذلك في ما يتخذونه من قرارات اقتصادية.

وختم الخبير الاقتصادي ﻟ"إيلاف" بقوله: "إن الموازنة العامة للدولة سوف تتكلف أعباء إضافية نتيجة زيادة رواتب الوزراء وفقًا للأرقام التي جاءت بمشروع القانون، في ظل وصول حجم الديون الخارجية لمصر من 60 مليار دولار حاليًا إلى 66 مليار دولار مع نهاية العام الحالي 2017".