تملك بلدان مجلس التعاون الخليجي ما يقارب ثلث احتياطي النفط الخام وحوالي خمس احتياطي الغاز في العالم إلا أن تراجع الاحتياطيات والإيرادات إلى جانب زيادة الاستهلاك يختبر قدرة المنطقة الى أقصى حد.

دبي: في تقرير أصدرته تحت عنوان "المستقبل هو الابتكار" أشارت "بوز ألن هاملتون" - الشركة الرائدة في مجال الاستشارات الإدارية والتقنية - إلى أن بلدان مجلس التعاون الخليجي تملك ما يقارب ثلث احتياطي النفط الخام وحوالي خمس احتياطي الغاز في العالم إلا أن تراجع الاحتياطيات والإيرادات إلى جانب زيادة الاستهلاك بسبب التحوّل الصناعي السريع والنمو السكاني وارتفاع الطلب المحلي على الطاقة يختبر قدرة المنطقة إلى أقصى حد، وتشير التغييرات في السياسات والتحوّلات في الميزانيات الوطنية في بلدان الخليج العربي إلى أن حكومات المنطقة تتجاوب مع هذه التحديات، وإلى أنه سيتعين على الجهات الرئيسية الفاعلة في مجال الطاقة والمرافق العامة في المنطقة أن تتكيف مع الحقائق الجديدة.

وأشار أدهم سليمان، نائب الرئيس لدى بوز ألن هاملتون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلى أن "سرّ النجاح المستدام يكمن في الابتكار الذي غالبا ما يشار إلى أهميته ونادرا ما يتحقق فعليا، فكثيرا ما تواجه شركات الطاقة والمرافق العامة مخاوف بشأن المشاركة بالملكية الفكرية، وتردد المعنيين للاستثمار في البحوث الجديدة، وتحديات قضايا التمويل، وهي بعض العناصر التي قد تؤثر على تبني الابتكار".

وأضاف "في دولة الإمارات العربية المتحدة يقوم تحالف بقيادة شركة "مصدر" بتطوير مجمّع محمّد بن راشد آل مكتوم للطاقة الشمسية بقدرة 800 ميغاوات بالتعاون مع هيئة كهرباء ومياه دبي، ويعدّ هذا المجمّع أكبر مشروع للطاقة الشمسية في العالم في موقع واحد مبني على نموذج IPP يساهم في دعم إستراتيجية دبي للطاقة النظيفة 2050 للنهوض بأهداف البلاد للاستدامة".

وتابع: "من الركائز الأخرى لإستراتيجية دبي النظيفة للطاقة 2050 صندوق دبي الأخضر، وقد أنشئ هذا الصندوق لدعم مشاريع الاستدامة، والتشجيع على الاستثمار في السندات، مع لاعبين رئيسيين من قطاع الطاقة المتجددة حول العالم الذين يبدون اهتماما بتمويل الاستدامة مقابل احتمال الحصول على قروض منخفضة الفائدة مربحة تجاريا. وبينما تواصل دولة الإمارات العربية المتحدة التحرّك نحو اقتصاد أكثر استدامة وأكثر اخضرارا، هناك بعض الاعتبارات الرئيسية التي ينبغي الحفاظ عليها في الصدارة لتجنب أية نكسات".

وبهدف جعل الاستدامة بديلا مفيدا، حدّدت "بوز ألن هاملتون" عددا من الاعتبارات الرئيسية لوضع استراتيجيات ابتكار ناجحة من شأنها أن تمكن مشغّلي الطاقة في بلدان الخليج العربي من تعزيز نمو المنطقة، بعد أن يجف الوقود في العالم، تتلخص في:

- تشجيع الموظفين على التفكير بشكل مبتكر: أحد المكوّنات الرئيسية المبيّنة هو تشجيع الموظفين على التفكير بأسلوب مبتكر وجعل الابتكار جزءا من واجبات المؤسسة والأمر لا يختلف بالنسبة لشركات الطاقة الغنية بالموارد الطبيعية حيث يعتبر رأس المال البشري أهم أصولها، فمن الضروري أن تستخدم الحوافز الإبداعية لتشجيع الابتكار ضمن المؤسسة، والعنصر الرئيس في تحفيز الموظفين على الابتكار هو قبول الفشل على طريق النجاح، بحيث يصبح من الضروري تطوير ثقافة "الفشل إلى الأمام" لأنه ما لم يشعر الموظفون بالأمان في التجربة، فإنهم لن يكونوا على استعداد لطرح أفكار مبتكرة أو تبادلها، لأن الخوف من الفشل والعواقب الناتجة عن ذلك سوف تغلب على إبداعهم.

- العمل على تحديد ما يمكن المشاركة به وما ينبغي حمايته: إن المخاوف التي تواجهها القطاعات بشأن المشاركة بالملكية الفكرية كثيرا ما أعاقت نمو قطاع الطاقة والمرافق العامة. وتبيّن الأدلة أن الطريقة الأكثر فعالية للوصول إلى الأفكار المبتكرة مع حماية الملكية الفكرية الحيوية هي الجمع بين التقنيات المفتوحة والمغلقة. وتدور هذه الأخيرة إلى حد كبير حول التعاون بين الشركات من جهة والمؤسسات الأكاديمية ومراكز الأبحاث والشركات الناشئة والمجتمعات المحلية أو الأفراد من جهة أخرى.

- إشراك المعنيين من خلال البحث والتطوير الابتكاري: للتخفيف من مخاوف المعنيين في مجال الطاقة والمرافق العامة وزيادة الاستثمار في البحث والتطوير، يجب أن تختار المؤسسات أولا ما إذا كان ينبغي متابعة الأبحاث العملية أو متابعة الأبحاث التطبيقية. وبعد أن تحدّد المؤسسة خيارها، تحتاج عندها إلى تطوير إستراتيجية لجعل عملية البحث والتطوير أكثر فعالية وشفافية.

وفي هذا الإطار قال فادي قساطلي، نائب رئيس أول لدى بوز ألن هاملتون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: "الابتكار هو محرّك البرنامج الوطني في عدد من بلدان المنطقة. وفي قطاع الطاقة، هناك فرصة كبيرة لتطوير الإمكانيات بتمكين رأس المال البشري. ينبغي على شركات الطاقة النظر في تعزيز ثقافة مؤسساتية مبتكرة تشجّع الموظفين على التجربة من دون خوف من الفشل، وهذا التوجّه سوف يقطع شوطا طويلا في التأكيد على أن الابتكار ليس مجرد كلمة طنانة، بل نتيجة ملموسة جدا للتفكير المبتكر الذي يمكن أن يساعد في معالجة بعض من القضايا العالمية الأكثر إلحاحا اليوم".