الرياض: أعلن مكتب إدارة الدين العام في وزارة المالية السعودية اتمام إنشاء برنامج دولي لإصدار الصكوك، بما يمكنها من إصدار صكوك إسلامية دولية للوفاء بالتزاماتها المالية في ظل تراجع إيرادات الحكومة من النفط، الذي يشكل نحو 90٪ من ميزانية الحكومة، يأتي ذلك متوافقاً مع خطط السعودية لاقتراض ما بين 10 مليارات و15 مليار دولار من الأسواق العالمية في 2017 ونحو 70 مليار ريال من السوق المحلية لمواجهة العجز المحتمل في ميزانية العام المقبل، والمقدر بنحو 198 مليار ريال.

وهذه ليست المرة الأولى التي تقترض فيها السعودية أو تصدر صكوكاً، فقد بدأت عودة السعودية إلى سوق الدين في يونيو 2015 بإصدارها سندات أو صكوكاً بقيمة 15 مليار ريال (4 مليارات دولار)، بعد أن توقفت عن الاستدانة لمدة خمسة أعوام لارتفاع أسعار النفط وتحقيق الحكومة فوائض مالية كبيرة في تلك السنوات مكنتها من بناء احتياطي مالي كبير.

وكانت وزارة المالية السعودية قد أسست مكتباً حديثاً لإدارة الديون والسندات في نهاية العام الماضي، ليكون مسؤولاً عن إصدار المملكة لأول سندات دولية هذا العام، بعد أن أشار بيان وزارة الميزانية العامة نهاية السنة المالية الماضية 2015 إلى توجه الحكومة إلى تطوير وحدة إدارة الدين العام في وزارة المالية، بهدف تطوير استراتيجية الدين العام ومصادر وسبل تمويله بفرض من الظروف المالية والاقتصادية التي نمر بها، نتيجة تراجع إيرادات الحكومة بضغط من انخفاض أسعار المصدر الأول للدخل " النفط".

ونقلت وكالة الأنباء السعودية " واس" أن المكتب وكجزء من هذا البرنامج قام بتعيين عدد من البنوك الاستثمارية العالمية والمحلية (لم يعلن عنها رسميًا) لتنسيق سلسلة من الاجتماعات مع مستثمري الدخل الثابت، وستبدأ هذه الاجتماعات اعتباراً من يوم الأحد 09 أبريل 2017، لكن وسائل الإعلام العالمية والمحلية نقلت مؤخراً تسريبات عن مصادر وصفتها بالمطلعة والقريبة أن السعودية اختارت "سيتي جروب" و"جي بي مورغان تشيس" و"إتش إس بي سي" كمنسقين عالميين لإصدار صكوك إسلامية دولية، واختارت أيضًا بنكي "دويتشه بنك" و"بي إن بي باريبا" وغيرهما كمديرين لإصدار الصكوك.

وكذلك تم تكليف هذه البنوك الاستثمارية بإدارة وترتيب أول طرح للصكوك الدولية المقيمة بالدولار الأميركي ضمن هذا البرنامج، وسيتم بعد هذه الاجتماعات طرح تلك الصكوك، وذلك بناء على ظروف أسواق المال، ولم يتم الإعلان عن قيمة الإصدار المزمع، لكن التصريحات السابقة لأمين عام اللجنة المالية بالديوان الملكي "محمد التويجري" ألمحت إلى أن السعودية تخطط لاقتراض ما بين 10 و15 مليار دولار من الأسواق العالمية في 2017 ونحو 70 مليار ريال من السوق المحلية.

وستكون السندات الإسلامية المتوقع أن يصل حجمها إلى عشرة مليارات دولار ثاني إصدار لأدوات دين دولية من المملكة، بعدما أصدرت في أكتوبر العام الماضي سندات تقليدية بقيمة 17.5 مليار دولار، وهو أكبر إصدار لسندات في الأسواق الناشئة على الإطلاق، وفاق هذا الرقم أقصى توقعات المحللين للإصدار الاول من نوعه، حيث تجاوز الطلب على الاكتتاب في هذا الإصدار أربعة اضعاف المبلغ المطلوب جمعه. 

تصنيف A1 للصكوك 

وفي خطوة استباقية، منحت وكالة "موديز" للتصنيف الائتماني برنامج السندات السعودية المزمع إصدارها خلال الفترة المقبلة تصنيف "A1" مستقر، لافتة إلى أن هذا التصنيف يتوافق مع التصنيف الذي منحته السعودية " البلد" المصدر لهذه السندات لارتباط البرنامج بالالتزامات المباشرة للمملكة.

وأشارت في السياق ذاته، إلى أن هذا التصنيف يعكس مستويات عالية جدًا من القوة المالية والاقتصادية والمؤسسية للمملكة، مبينة انه رغم التراجع الحاد لأسعار النفط منذ 2014، إلا أن الموقف المالي للسعودية ما زال قويًا، وأنها تعتقد أن الحكومة لديها إمكانية الوصول إلى مصادر وفيرة من السيولة، حيث من غير المرجح أن تواجه مشاكل في تمويل العجز المالي، وأن تنفيذ الإصلاحات المالية والاقتصادية المخططة سينعكس بشكل إيجابي على الوضع الائتماني للمملكة، وانخفاض العجز بأكبر مما كان متوقعًا.

وكانت السعودية قد استطاعت خلال السنتين الأخيرتين تسجيل انخفاض كبير في مستويات العجز المالي، فقد أعلنت الحكومة أن العجز في موازنة العام 2016 بلغ 79.1 مليار دولار (297 مليار ريال سعودي) في انخفاض بنسبة 8.9 بالمئة عن قيمة العجز الذي توقعته قبيل بداية العام المالي، وقدرته حينها بحوالي 87 مليار دولار، وتوقعت الرياض تسجيل عجز، وأن تشهد موازنة 2017 عجزًا بنحو 52.8 مليار دولار (198 مليار ريال سعودي) في تراجع كبير عن العجز الذي سجلته الموازنة السابقة، لكن التوقعات تشير إلى أن العجز الفعلي في نهاية العام الجاري أقل من هذه التوقعات نتيجة لتبني الحكومة خططاً طموحة لرفع إيرادات غير النفطية، وإلغاء بعض المشاريع الرأسمالية التي ثبت لديها عدم جدوى إنشائها قياساً على تكاليفها الإنشائية والتشغيلية. 

صكوك مرابحة ومضاربة

وفي سياق متصل، كشفت نشرة أول إصدارات السعودية من الصكوك الدولية أن المملكة اختارت هيكلاً هجينًا للإصدار، وهو هيكل يستخدم على نطاق واسع في سوق الدين السعودية المحلية، لكنه ليس الأكثر شيوعاً في الإصدارات السيادية.

 ونقلت رويترز أن نحو 51 بالمئة من حصيلة الصكوك ستستخدم في اتفاق مضاربة، وهو نوع من الشراكة في إدارة الاستثمارات الإسلامية، بينما ستستخدم النسبة المتبقية البالغة 49 بالمئة بموجب تسهيل مرابحة من قبل شركة في جزر كايمان مفوضة بإدارة الأموال، تسمى "كيه.إس.ايه صكوك ليمتد"، لشراء سلع أولية متوافقة مع الشريعة.