الرياض: يأمل مركز الملك عبدالله المالي المشروع البراق البالغة كلفته 10 بلايين دولار، بتدشين أولى مراحله خلال الأشهر القليلة المقبلة، رغم التحديات البيروقراطية وعدم وضوح الرؤية بشأن ملكية المشروع، الذي صمم ليكون أبرز المعالم المالية للسعودية. ويشكل افتتاح المركز إحدى العلامات الرئيسة لرؤية 2030 التي أطلقها ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان قبل عام.

ومن المتوقع أن يغيّر جذرياً طريقة القيام بالأعمال داخل المملكة، إذ سيكون شبيهاً إلى حد ما بمركز دبي المالي العالمي، الذي ساعدت اللوائح الخاصة به على جذب كثير من الشركات الأجنبية.

وبحسب الخطة، ستتمكن الشركات المسجلة داخل المركز من إصدار التأشيرات والحصول على تراخيص من السلطات عبر مكتب مخصص لذلك داخل المركز من دون الحاجة إلى مواجهة التعقيدات البيروقراطية لدى الجهات الحكومية في العاصمة. 

استثناء من التأشيرات 

في عام 2006، بدأ العمل في مركز الملك عبدالله المالي، أحد أكبر المشاريع في العاصمة الرياض، والذي يمتد على مساحة 1.6 مليون متر مربع، وصمم ليكون قاعدة لكبرى المؤسسات المالية والاستثمارية في المنطقة.

وبمرور الوقت تباطأ العمل في المشروع العملاق مع تأخر عمليات الإنشاء وارتفاع الكلفة والشكوك في قدرة المشروع على جذب العدد الكافي من المستأجرين.

وفي أبريل من العام الماضي، تعهدت الحكومة بإنقاذ المشروع ضمن خطة الإصلاح الاقتصادي «رؤية 2030»، التي تستهدف تنويع الاقتصاد وتقليص اعتماده على النفط.

وأظهرت وثيقة الرؤية عزم الحكومة على تحويل المركز إلى منطقة خاصة مستثناة من تأشيرات الدخول ومرتبطة مباشرة بمطار الرياض. 

مراحل التدشين

وبينت أن خطط بناء المركز وتسليمه على مرحلة واحدة سببت ارتفاعاً كبيراً في الكلفة الفعلية للإنشاء والتأخر في اكتمال التنفيذ، كما سينتج من ذلك معروض مكتبي يفوق الحاجة الفعلية للرياض للسنوات العشر المقبلة.

وقال المدير المكلف بإدارة المشروع سلمان البيز لـ«رويترز»، إن المرحلة الأولى التي تمثل نحو 20 في المئة من المشروع أوشكت على الاكتمال، وتضم مركزاً للمؤتمرات ومسجداً ذا طراز معماري مميز. أضاف خلال جولة داخل المركز: «إذا سارت الأمور كما يرام مع الحكومة نعتزم افتتاح المرحلة الأولى في يونيو أو يوليو هذا العام، سيكون افتتاحاً تجريبياً، ونحن جاهزون لذلك».

لكنه قال إن الافتتاح سيحتاج إلى موافقات حكومية إضافية، وليس لديه تقدير لموعد الحصول عليها، مضيفاً: «تتأثر عملية اتخاذ القرار بسبب البيروقراطية والإجراءات الحكومية». وسيشمل المركز المالي مركزاً للتسوق يضم العلامات التجارية العالمية والكثير من أماكن الترفيه.

ومن المتوقع أن تبلغ الإيرادات السنوية للمرحلة الأولى 64 مليون دولار (240 مليون ريال)، لكن بمجرد اكتمال المشروع بمراحله المختلفة ستقفز الإيرادات إلى حوالى 906 ملايين دولار (3.5 بلايين ريال).

وقال البيز إن نسبة اكتمال المشروع بكامل مراحله تتراوح ما بين 80 و90 في المئة وتكلف حتى الآن 30 بليون ريال، وإن استكماله قد يتطلب كلفة إضافية تقدر بين ثمانية وعشرة بلايين ريال. أضاف: «المشروع مكتمل تقريباً، وهذا هو الجانب المحزن. الأمر أشبه بتشييد مبنى من دون بناء النوافذ والأبواب»!

إصلاحات

ويضم المركز عدداً من ناطحات السحاب الزجاجية ذات التصميم المعماري الجذاب، والتي تتناقض مع العمارة التقليدية لمباني العاصمة. وسيكون أطول أبراج المركز مقراً لصندوق الاستثمارات العامة، المقرر له في ظل الرؤية أن يصبح أكبر صندوق استثماري في العالم، بينما ستكون أبراج أخرى مقرات لأكبر المصارف السعودية وشركات الاستشارات العالمية.

وصممت بعض الأبراج داخل المركز لتضم وحدات إدارية وأخرى سكنية في نفس المبنى كي تتمكن الشركات العاملة بداخله من توفير مساكن للعاملين بها داخل نفس البرج.

وسيوفر المركز مساكن لنحو 50 ألف شخص. وقال البيز إن المركز سيخفف القواعد الصارمة، التي تفرض على النساء ارتداء العباءات وعدم الاختلاط.

تحديات

ينطوي إعداد لوائح خاصة بالمركز على الكثير من التعقيدات، ويجري العمل حالياً على التوصل الى قرار بشأن قواعد «المنطقة الخاصة».

وقال البيز إن تلك القواعد والمزايا الخاصة هي التي ستمكن المركز من المنافسة وتجعله مختلفاً عن الأماكن الأخرى بالعاصمة.

وشملت خطة الحكومة لإنقاذ المركز تحويل ملكيته لصندوق الاستثمارات العامة، لكن تم العدول عن هذه الفكرة. ولا تزال الرؤية غير واضحة بشأن ملكية المركز. وفي أواخر 2015 وقع صندوق الاستثمارات العامة اتفاقاً أولياً لشراء المركز من المالك الحالي المؤسسة العامة للتقاعد.

لكن البيز قال إن الاتفاق لم يجدد، وأن الحكومة شكلت لجنة وزارية للبحث عن مالك جديد للمشروع، وأضاف أنه يأمل بأن تتوصل الحكومة إلى قرار في هذا الصدد خلال شهرين.