بكين: طرح الرئيس الصيني شي جينبينغ نفسه الاثنين سدا منيعا بوجه سياسة الحمائية وذلك خلال لقاء مع عدد من رؤساء الدول الذين توافدوا الى بكين للاحتفال بمشروعه "طرق الحرير الجديدة".

وفي اليوم الثاني من قمة شارك فيها حوالى ثلاثين مسؤولا بينهم الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب اردوغان، وعدد قليل من كبار المسؤولين الغربيين، قال شي جينبينغ ان "العولمة تواجه رياحا معاكسة". وأعلن المشاركون في القمة في البيان الختامي الذي صدر عنهم انهم "يرفضون كل اشكال الحمائية".

وكان الرئيس الصيني أطلق في 2013 مبادرة طرق الحرير الجديدة التي تتضمن مجموعة من مشاريع البنى التحتية، تمهيدا لربط آسيا بأوروبا وافريقيا، على غرار القوافل التي كانت تعبر آسيا الوسطى في العصور القديمة.

وفي خطاب لافت دافع شي جينبينغ عن التبادل الحر والعولمة في مطلع السنة في منتدى دافوس الاقتصادي (سويسرا) وتزامن كلامه مع وصول دونالد ترامب الى البيت الابيض والتخوف الذي بدأ يظهر من اتجاه نحو الحمائية في الولايات المتحدة.

واذا كان الرئيس الاميركي جعل من الصين واحدا من اهدافه المفضلة خلال حملته الانتخابية، متهما بكين بـ "سرقة" ملايين فرص العمل في الولايات المتحدة، فقد بدا اقل تهجما عليها منذ وصوله الى البيت الابيض. حتى ان بكين وواشنطن اعلنتا في الاسبوع الماضي عن اتفاق تجاري حول اللحوم والغاز الطبيعي وبعض الخدمات المالية.

ولم يزر دونالد ترامب بكين للمشاركة في هذه القمة. وباستثناء رئيس الوزراء الايطالي باولو جنتيلوني، لم يشارك أي من قادة مجموعة السبع في القمة، ما أوحى أن البلدان الغربية تتخوف من ان تسعى الصين قبل اي بلد آخر الى ان تستأثر بالتجارة الدولية.

استثمارات بالمليارات
ورفض عدد كبير من البلدان الاوروبية الموافقة على بيان حول التجارة أعدته الصين، كما قال مصدر دبلوماسي لوكالة فرانس برس. ورأت هذه الدول، ومنها المانيا واستونيا والمجر، ان هذا البيان لا يتطرق بشكل واف الى هواجس الاوروبيين على صعيد شفافية الاسواق العامة او المعايير الاجتماعية والبيئية.

وأبدت الصين التي تسعى الى ترسيخ علاقاتها التجارية مع الاجزاء الاخرى من العالم، استعدادها للقيام باستثمارات كبيرة في مشاريع طرق الحرير الجديدة.

واعلن الرئيس الصيني لدى افتتاح القمة الأحد عن تخصيص مبلغ جديد بقيمة 113 مليار يورو لهذه المشاريع الموزعة على حوالى ستين بلدا: طرق للسكك الحديد ومرافئ ومجمعات صناعية... وقد سبق ان اعلن بنك الصين للتنمية وحده، تخصيص اكثر من 800 مليار يورو لاستثمارات موزعة على 900 مشروع.

وتؤكد بكين ان مبادرتها منفتحة على الجميع، ودعت الى القمة ممثلين عن الاميركيتين مثل رئيسي التشيلي والارجنتين. ورحب المشاركون بهذه المبادرة.

وقال رئيس الحكومة اليونانية اليكسيس تسيبراس "في هذه الاوقات التي نواجه فيها ميلا كبيرا للرد على أزمة العولمة عبر العزلة والجدران، تقدم هذه المبادرة رؤية للاتصال والتعاون والحوار".

وفي اطار عمليات الخصخصة التي تفرضها الجهات الدائنة على اليونان التي تعاني من أزمة مالية واقتصادية، اضطرت اثينا الى التخلي لرؤوس اموال صينية عن الاشراف على مرفأ بيرايوس. وكان تسيبراس تصدى في البداية لهذا المشروع، لكنه انتهى الى تأييده. ويأمل هؤلاء المستثمرون الصينيون في ان يجعلوا من بيرايوس "جسرا بين آسيا واوروبا".

واكد وزير المال البريطاني فيليب هاموند الذي تطرق الى خروج بلاده من الاتحاد الاوروبي وضرورة ان تجد لندن شركاء تجاريين جددا، استعداد بريطانيا "للعمل من اجل إنجاح هذه المبادرة مع جميع الشركاء في طرق الحرير الجديدة".