إيلاف من لندن: لم يلائم توقيت الأزمة القطرية بريطانيا، إذ اندلعت بينما تعاني المملكة المتحدة من أزماتها الخاصة، من مفاوضات بريكست المتعثرة إلى البرلمان المعلق.

جاءت أزمة قطر الدبلوماسية مع جاراتها الخليجية في أسوأ وقت يمكن تخيله بالنسبة إلى بريطانيا. فإزاء دخول النظام السياسي البريطاني في طريق مسدود بسبب بريكسيت وغوصه في مستنقع برلمان معلق، تحتاج بريطانيا إلى استقرار شركائها التجاريين خارج أوروبا للحفاظ على تدفق رؤوس الأموال الأجنبية إلى الاقتصاد البريطاني.

لكن ازمة قطر مع البحرين والسعودية ومصر والامارات اسفرت عن غلق المجال الجوي وطرق التجارة البحرية وجسور قطر إلى الجزيرة العربية والعالم الأوسع، بعد اتهام الدوحة بدعم جماعات ارهابية مثل "داعش" والقاعدة، على الرغم من نفيها هذه الاتهامات. 

التجارة

تضع الأزمة بريطانيا في موقف محرج. فطرفا النزاع شريكان تجاريان كبيران لبريطانيا، ويتعين عليها أن تبدي قدرًا من التوازن في التعاطي مع الأزمة في وقت اصبح التعاطف مع قطر جريمة يُعاقب عليها بالسجن في الامارات. 

وكانت رئيسة الوزراء تيريزا ماي خصت قطر بالذكر قائلة إنها شريك تجاري مهم لبريطانيا في عالم ما بعد بريكسيت.

وفي مارس، وقعت مذكرة تفاهم لتعميق التعاون بين حكومتي البلدين وشركاتهما "في طائفة واسعة من المجالات الحيوية بينها التعليم والرعاية الصحية والعلوم والبحوث والابتكار والسياحة والثقافة والنقل والطاقة والخدمات المالية وتطوير الاستثمارات الصغيرة"، بحسب ماي.

في المقابل، تعهدت قطر باستثمار 5 مليارات جنيه استرليني إضافية في بريطانيا فوق ما يربو على 35 مليار جنيه استرليني استثمرتها من خلال جهاز قطر للاستثمار.

كما أن قطر ثالث أكبر سوق للصادرات البريطانية في الشرق الأوسط وشمال افريقيا، بحسب الاحصاءات الرسمية البريطانية. وهي سوق كانت تنمو قبل الأزمة، حيث ارتفعت صادرات بريطانيا من البضائع إلى قطر من 1.31 مليار في عام 2013 إلى 2.13 مليار في عام 2016. 
واشتملت الصادرات على آلات ومعدات صناعية وبضائع ترفية ومواد غذائية، وبالتالي فإن المقاطعة ستوجه ضربة إلى الثقة بالنشاطات التصديرية. كما أن غلق المجال الجوي لجارات قطر يسد عليها طرقًا تجارية مهمة. 

الاستثمار

من مخاوف بريطانيا الكبيرة أن تضطر قطر إلى تسييل بعض أرصدتها في بريطانيا أو كلها، خصوصًا تلك المرتبطة بالعقارات، لدعم العملة القطرية والاقتصاد الداخلي، لا سيما وأن الريال القطري شهد تقلبات لا سابق لها عقب الأزمة.

تملك قطر في لندن أكثر مما تملكه الملكة اليزابيث، بعد شرائها أكثر من 21 مليون قدم مربع من الأبنية والعقارات بينها 95 في المئة من "شارد"، أعلى ناطحة سحاب في اوروبا.

واشترى مستثمرون قطريون القرية الاولمبية بعد اولمبياد لندن 2012، وهم يملكون مخازن هارودز ولهم حصة في مجمع كناري وورف.

وقطر، إلى جانب العقارات، مساهم كبير في بنك باركليز، الذي مدته بالمال خلال الأزمة المالية في 2008 وانقذته من وضع يد الحكومة عليه لمنع انهياره. 

الطاقة

تصدر قطر الغاز بكميات كبيرة إلى بريطانيا والعالم. وفي حين أن بريطانيا ليست من كبار مستوردي الغاز القطري، فالأزمة سلطت الضوء على الخطر الذي يمكن أن يهدد إمدادات الغاز اليها، كما أفادت فايننشيال تايمز. ويزداد اعتماد بريطانيا على الغاز الذي يسهم بنحو 43 في المئة من توليد الطاقة الكهربائية، لكن هبوط إمدادات بحر الشمال دفعها إلى التركيز على الاستيراد.

تبلغ إمدادات قطر من الغاز نحو ثلث اجمالي ما تستورده بريطانيا، لكن الأزمة يمكن أن تسبب توقفات في النقل إذا قررت مصر منع مرور ناقلات الغاز السائل عبر قناة السويس، كما ذكرت فايننشيال تايمز. 

أعدّت "إيلاف" هذا التقرير بتصرف عن "بيزنس انسايدر". الأصل منشور على الرابط التالي:

http://uk.businessinsider.com/qatar-ik-economic-trade-ties-2017-6