هافانا: يستهدف حظر التبادلات الذي أعلنه الرئيس الاميركي دونالد ترمب مع كيانات يسيطر عليها الجيش الكوبي قلب نظام راوول كاسترو الذي أوكل قطاعات كاملة من اقتصاد البلاد الى قادة عسكريين.

وأعلن ترمب الجمعة منع التبادلات التجارية بين الشركات الأميركية ومجموعة غايسا التابعة للجيش لادارة الشركات والتي تسيطر خصوصا على قسم من القطاع السياحي الذي يشهد نموا قويا في كوبا.

وتجسد المجموعة الحاضرة في عدة قطاعات النفوذ الكبير للجيش في الاقتصاد الكوبي والذي بدأ في تسعينات القرن الماضي.

آنذاك، برزت الحاجة الملحة إلى العملات مع انهيار الاتحاد السوفياتي وانقطاع الدعم الذي كانت تحصل عليه البلاد. واستفاد الشقيقان فيدل وراوول كاسترو من ولاء الجيش فأوكلا إليه الإشراف على قطاعات اقتصادية رئيسية.

وبدأت هذه السيطرة من خلال تشكيل إتحاد المؤسسات العسكرية لدعم التسليح وصناعته محليا ثم مجموعة غافيوتا السياحية التي تتولى تنسيق وإدارة انفتاح البلاد على السياحة قبل تأسيس مجموعات سياحية مدنية أخرى مثل كوباناكان وغران كاريبي.

قبل ذلك، أسست وزارة الداخلية مجموعة سيميكس التي تضم عدة شركات متخصصة في تشكيل شركات واجهة للالتفاف حول القيود التي يفرضها الحظر الاقتصادي الأميركي على الجزيرة منذ العام 1962.

وبعد أن كان الهدف من اتحاد المؤسسات العسكرية هو زيادة الانتاجية، تحول مع الوقت الى مجموعة غايسا.

وضمت المجموعة بعد ذلك غافيوتا وأيضا مجموعة التوزيع "تي ار دي" وإدارة محطة الحاويات في مرفأ ماريال الضخم، غرب هافانا، ومجموعة رافين المالية أحد مالكي شركة ايتيكسا التي تحتكر قطاع الاتصالات.

وتملك غافيوتا أكثر من 50 فندقا (40% من البنية التحتية للفنادق التي تملكها الحكومة في الجزيرة) وخمسة أحواض سفن وأكثر من 25 مطعما وشركة جوية تحمل الاسم نفسه وعدة شركات لسيارات الأجرة وإيجار السيارات.

في ظل حكم راوول كاسترو، باتت غايسا تسيطر على شركة سيميكس القابضة والبنك المالي الدولي وشركة هافاغوانيكس التي تملك عدة مطاعم وفنادق في هافانا القديمة.

- انعدام مقلق للشفافية -

تظل غايسا غير شفافة ولا يتوفر أي سجل رسمي يحصي الكيانات التي تشرف عليها في كوبا. كما ان المقر الرئيسي لغايسا في غرب العاصمة لا يتضمن حتى لافتة على مدخله.

يتولى إدارة غايسا الجنرال لويس رودريغز لوبيز كايخاس عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الكوبي وصهر راوول كاسترو. وهذا الجنرال الذي يتفادى الظهور علنا غير معروف فعلا من الشعب الكوبي.

وعلق مسؤول في صحيفة غرانما الرسمية ساخرا في تغريدة "بدون لافتات تحدد الشركات المرتبطة بالمجموعات الكبرى سيكون من الصعب (على الشركات الأميركية) عدم انتهاك إجراءات" ترمب.
وأشار خورخي دواني مدير معهد الأبحاث الكوبية في جامعة فلوريدا "بالنظر الى الوجود البارز للعسكريين في عدة نشاطات منتجة في الاقتصاد الكوبي، من الصعب تخيل ان العلاقات التجارية بين البلدين ستكون على نطاق واسع".

وتابع دواني "لقد سمعنا ان الحكومة الاميركية ستعد قائمة بالشركات الكوبية المرتبطة بشكل خاص بالقوات المسلحة"، قبل تطبيق الاجراءات التي ستدخل حيز التنفيذ في الاشهر المقبلة.

الا ان خبير الاقتصاد الكوبي بافيل فيدال من جامعة خافيريانا دي كالي شدد على صعوبة المهمة وحجمها وقال انه لا بد من الانتظار "لمعرفة كيف ستطبق الاجراءات الجديدة من أجل تقييم مدى فعاليتها".

ويضيف فيدال ان القيود التي سيفرضها ترمب من المفترض ان تحمل السلطات الكوبية على "معالجة براغماتية فورية" لمسألة الحضور الطاغي للجيش في الاقتصاد والذي "يجب ان يتم تصحيحه في وقت أو في آخر".

هناك احتمالان أساسيان بحسب الخبراء: حل غايسا ونقل الكيانات التابعة لها الى إدارة مدنية أو تحويلها الى مجموعة شركات مدنية. لكن الخيار الأخير سيرغمها على اعتماد مزيد من الشفافية، بحسب فيدال.