نيويورك: كان لنبأ شراء أمازون لمجموعة الغذاء "هول فودز" للاطعمة العضوية وقع الصدمة على الصناعات الغذائية الاميركية التي تعد من القطاعات النادرة التي نجت حتى الآن من التحولات التي ادخلتها التكنولوجيا على مختلف مجالات الاقتصاد.

والصفقة التي أعلن عنها الجمعة وقيمتها 13,7 مليارات دولارات وهي الاكبر للمجموعة المملوكة من جيف بيزوس، من شأنها أن تغيّر طريقة عمل محلات السوبرماركت التقليدية بحسب خبراء.

ويقول ستيو لينارد المحلل لدى مكتب يحمل الاسم نفسه ان الصفقة "ستغير المعطيات"، لانها تأتي في مرحلة حرجة لمحلات السوبرماركت التقليدية الاميركية.

وهذه المحلات تشهد من جهة وصول متاجر المانية تعتمد سياسات أسعار مخفضة من شأنها ان تشكل ضغوطا على هوامش ارباح المتاجر الاميركية، بحسب نيل سوندرز من غلوبال داتا.

وأعلنت سلستا "ليدل" و"الدي" في الايام الاخيرة فتح متاجر في الولايات المتحدة بعضها في المناطق الداخلية الاميركية، المعقل التقليدي للاسماء المحلية.

من جهة أخرى، بدأت هذه المحلات خوض سوق البيع عبر الانترنت لسد ثغرة الفارق الهائل مع امازون، وبات عليها بالتالي الدفاع عن مواقعها في الوقت الذي تواجه فيه تراجعا في المبيعات. وقد أعلن 20 محل سوبرماركت افلاسه في السنوات الثلاث الماضية.

ويقول فيرجر ماكيفت الخبير لدى كانتار وورلد بانل ان "امازون عازمة على اكتساح سوق المواد الغذائية وتتمتع مجموعة مثل +هول فودز+ بعناصر عدة أساسية كان يفتقد اليها عملاق الانترنت".

- حرب الاسعار -

ومن المتوقع ان تعيد امازون تشكيل القطاع الذي تملك وول-مارت 14,46% من حصص السوق فيه وكروغر 7,17% والبرتسونس (4,50%) وساوث ايسترن غروسرز 3,89% وايهولد ديليز (3,18%) وكوستكو (2,43%) وبابليكس (2,25%) وتارغت (2,12%).

وقبل شرائها ل"هول فودز" كان حضور امازون في قطاع الصناعات الغذائية ضعيفا فقد أطلقت المجموعة في العام 2007 خدمة "امازون فريش" لتوزيع مواد غذائية طازجة، كما انها تختبر منذ فترة "امازون غو" وهو عبارة عن متجر فعلي دون موظفين على الصناديق في سياتل (شمال غرب).

ومن المرجح ان تعتمد امازون على هول فودز المنتشرة في ثلاث دول هي الولايات المتحدة وكندا وبريطانيا وتملك 436 متجرا حتى تصبح بسرعة عنصرا فاعلا في هذا القطاع.

يعتبر مصرف "جاي بي مورغان تشيس" ان امازون يمكن ان تحول متاجر هول فودز الى "نقاط توزيع" لاعطاء دفع لقطاع بيع الاغذية الطازجة عبر الانترنت والمساهمة في خفض اسعارها بشكل فعلي. وبذلك لا تعود المواد الغذائية العضوية سوقا متخصصة بينما سيصبح التسليم المجاني الى المنازل المعيار المعتمد.

وبحسب لينارد غان "المتاجر التقليدية ستضطر الى تعلم سبل بيع اللحوم والاسماك الطازجة بأسعار مخفضة لان امازون معروفة بكسر الاسعار في كل القطاعات التي تخوضها".

وثمن مثل هذه الاستراتيجية سيكون التضحية بالارباح بينما الهوامش باتت محصورة بين 2% و5%، الا ان آندي بورت من معهد "اي تي كيرني" يقول ان المحلات التقليدية لا خيار لديها فجيل الالفية (17-35 عاما) يطالب بمواد خالية تماما او شبه خالية من المضادات الحيوية وكميات أقل من السكر والملونات والهرمونات والمواد الدهنية المهدرجة والمواد الحافظة.

ولدى وول-مارت بدأت الاستعدادات لحرب الاسعار المخفضة وأكدت الادارة توسيع نطاق المواد الطازجة المعروضة في الفروع ال4500 المنتشرة في الولايات المتحدة خلال الاشهر المقبلة.

- تعزيز؟ -

وشدد راندي هاردغروف احد المتحدثين باسم وول مارت لوكالة فرانس برس على ان "زبائننا يريدون تجربة شرائية تشمل اسعارا مخفضة وامكان الشراء من المتاجر او عبر الانترنت وفقا لحاجاتهم".

والتحديات كبيرة بالنسبة الى عملاق التوزيع في العالم ف56% من اصل 307 مليارات دولارات من العائدات المسجلة في الولايات المتحدة في السنة المالية التي انتهت في اواخر كانون الثاني/يناير كانت من القطاع الغذائي وقاربت 172 مليار دولار.

وعلاوة على الاسعار، سيتعين على المتاجر التقليدية اعادة تطوير صورتها والخروج من المتاجر الكبرى (مول) التي ترمز الى الاستهلاكية الاميركية.

ويقول مصرف "جاي بي مورغان" ان امازون تتقدم على المنافسة ايضا من خلال تكنولوجيا "غو" التي تتيح التبضع من دون الدفع على الصندوق.