عبد الله التجاني من الرباط: قال رئيس الحكومة المغربية، الدكتور سعد الدين العثماني، إن بلاده تعول على القطاع الصناعي في إطار سعيها وراء تجديد نموذجها الاقتصادي، الذي يروم إعادة التوازن للميزان التجاري، وتمنيع الاقتصاد ضد التقلبات الظرفية وخلق فرص شغل منتجة.

وأكد رئيس الحكومة المغربيةً، في جلسة المساءلة الشهرية بمجلس المستشارين الغرفة الثانية بمجلس النواب، مساء اليوم الأربعاء، أن القطاع الصناعي "لم يحظى بنفس الأهمية التي وجهت لقطاعات أخرى كالفلاحة والسياحة على امتداد عقود"، مسجلا ان المملكة بادرت إلى تدارك هذا التأخر "خلال العقد الأخير، منذ إطلاق مخطط "إقلاع" وتوقيع الميثاق الوطني للإقلاع الصناعي في 2009".

 وأضاف العثماني أن هناك مجموعة من العوامل ساعدت في تهييئ الظروف المناسبة لتحقيق أسس انطلاق تنمية صناعية حقيقية، حيث ذكر من بينها "الاستقرار الذي ينعم به المغرب على المستويات المؤسساتية والسياسية والماكرو -اقتصادية، والتي تشكل امتيازا تنافسيا قيما في عالم يعرف تغيرات مستمرة"؛ و"الجاذبية المكتسبة من خلال عرض منتوج يجمع بين القرب والتنافسية والولوجية إلى الأسواق"؛ بالإضافة إلى "المجهودات الجبارة المبذولة في مجال البنيات التحتية الطرقية والملاحية الجوية والموانئ والبنيات التحتية الصناعية والمواصلات"، معتبرا أن هذه العوامل تجعل من المغرب "بلدا متعدد الروابط يسهل التنقل السريع للأشخاص والسلع والبيانات".

وأوضح رئيس الحكومة المغربية بأن مناخ الأعمال عرف تحسنا ملحوظا ويشهد على ذلك "التطور المهم الذي عرفه تصنيف المغرب في هذا المجال عالميا خلال السنوات الأخيرة"، مشددا على أن مخطط الإقلاع الصناعي بدأ يعطي نتائج ملموسة، حيث شهدت صادرات القطاع "زيادة بنسبة 22%، وسجل استقرار شركات رائدة في الصناعة العالمية في المغرب، مما رفع الاستثمارات المباشرة الخارجية إلى 23 بالمائة كنسبة سنوية متوسطة منذ 2009".

وزاد العثماني مبينا أن هذه الإنجازات مكنت المغرب من "البروز على الخريطة العالمية كوجهة صناعية ذات مصداقية وتنافسية عالية"، لكنه عاد وأقر بأن ثمة تحديات كثيرة "لا تزال أمامنا لكسب رهان التنمية الصناعية ولاسيما على مستوى تحسين مناخ الأعمال ببلادنا، في سياق التسابق المحموم بين الدول للرفع من تنافسية وجاذبية اقتصادياتها اتجاه المستثمرين".

وأفاد العثماني بأن توجه بلاده في مجال التنمية الصناعية يقوم على خمسة أهداف أساسية ،تتمثل في "تعزيز مؤهلات التصدير كمّا وكيفا، زيادة نسبة الصناعة في الناتج الداخلي الخام، وتحسين القدرة على استيعاب الطاقات الجديدة، بالإضافة إلى تطوير الإنتاجية بدعم مستهدف للنسيج الصناعي، وتعزيز قدرات استقبال المستثمرين.

وبالنظر إلى النقص المسجل في القطاع الصناعي وحجم التحديات المطروحة، أشار العثماني إلى أنه تم إطلاق "مخطط تسريع التنمية الصناعية في إطار مخطط " إقلاع" ليجعل من الصناعة رافعة تنموية أساسية"، ويهدف هذا المخطط إلى خلق "500 ألف منصب شغل ، والرفع من حجم مساهمة الصناعة في الناتج الداخلي الخام ب 9 نقاط، مما سيمكن من الانتقال من 14 ٪‏إلى23 ٪‏ في أفق 2020".

وأوضح رئيس الحكومة في رده على أسئلة المستشارين، بأنه تم الاعتماد على مجموعة من الإجراءات لتحقيق الأهداف المرجوة مخطط الإقلاع الصناعي، ذكر منها "إحداث صندوق التنمية الصناعية، الذي رصد له 20 مليار درهم (حوالي 2 مليار دولار) في أفق سنة 2020 إضافة الى التزام القطاع البنكي بالدعم الفعلي للصناعة، وإحداث منظومات صناعية فعالة وذلك عبر إحداث دينامية حقيقية بين المجموعات الكبرى والمقاولات الصغرى والمتوسطة".

وأضاف العثماني أن "تحسين الانعكاسات الاجتماعية والاقتصادية للطلب العمومي عن طريق الموازنة الصناعية، وتحسين تنافسية المقاولات الصغرى والمتوسطة من خلال تسهيل عمليات الولوج إلى التمويل والأسواق"، كما تحدث عن "تخصيص 1000 هكتار كمناطق صناعية موجهة للإيجار من أجل التخفيف من كلفة الاستثمار"، فضلا عن "مصاحبة المقاولات للانتقال من القطاع غير المهيكل نحو القطاع المهيكل، وتطوير الكفاءات في خدمة حاجيات المقاولات".

وأكد العثماني أن الاستراتيجية الصناعية، سمحت إلى حد الآن، بتحقيق "89% من أهداف مخطط تسريع التنمية الصناعية، أي ما يمثل 144 مليار درهم ( 14,4 مليار دولار)من الصادرات، كما يتبين ذلك من خلال تقدم الإنجاز في القطاعات الصناعية المعنية". 

وشدد رئيس الحكومة على أن الإصلاحات المعتمدة "مكنت بلادنا من تحقيق نقلة نوعية من خلال تحسين تصنيفه ب 61 رتبة خلال السنوات الست الماضية محتلا بذلك الرتبة 68 من أصل 190 دولة سنة 2017، بعدما كان يحتل الرتبة 129 قبل إنشاء اللجنة، ومتبوئا بذلك المركز الأول على صعيد شمال إفريقيا، والمرتبة الثالثة على المستوى القاري والرابعة على مستوى منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا".

وتعهد العثماني بمواصلة الحكومة جهودها في مواكبة الأوراش في طور الإنجاز ك"إخراج ميثاق الاستثمار، وتعديل الكتاب الخامس من مدونة التجارة المتعلق بصعوبات المقاولة واعتماد القانون المتعلق بالضمانات المنقولة وكذا تبسيط المساطر والإجراءات الإدارية وتطوير أنظمة التبادل الإلكتروني للمعلومات بين الإدارات وإنشاء وتعميم تجارب الشبابيك الوحيدة لفائدة المقاولة".