واشنطن: بعد إشاعة أجواء معادية للتجارة في البيت الابيض، تتبع الادارة الأميركية نهجا يغلب عليه الطابع التقليدي لحل الخلافات مع الصين، عبر إطار رسمي للمحادثات قادر على تحقيق تقدم تدريجي، قد يتباطأ أحيانا.

يتحفظ الخبراء في إبداء تفاؤلهم حيال تمكن الجولة الاولى من المحادثات الاربعاء من إيجاد حلول لمشاكل مزمنة في العلاقات مع بكين، كالعجز الضخم في الميزان التجاري او الفائض في انتاج الصلب والالومينوم.

وخلال حملة الانتخابات العام الماضي، اتهم الرئيس الأميركي دونالد ترمب الصين بالتلاعب بسعر عملتها، الا انه وبعد لقائه نظيره الصيني شي جينبنغ في أبريل الماضي في فلوريدا غير خطابه مع اطلاق خطة تعاون اقتصادي بين البلدين على مئة يوم.

نجحت هذه الخطة بتحقيق بعض الانجازات، مثل فتح أسواق الصين لاستيراد لحوم الابقار واستئناف استيراد الغاز من الولايات المتحدة، وتعهدها ازالة العوائق أمام معاملات بطاقات الائتمان الأميركية، بالاضافة الى خدمات مالية أخرى كالاكتتاب في السندات يفترض أن تكون أنجزت قبل بدء الاجتماع.

وحذا ترمب حذو سلفيه في اطلاق آلية محادثات دورية بقيادة وزير الخزانة الأميركي ستيفن منوتشين ووزير الاقتصاد ويلبور روس، ونائب رئيس الوزراء الصيني وانغ يانغ في الجهة المقابلة.

وتم اطلاق تسمية "الحوار الاقتصادي الشامل الأميركي-الصيني" على المحادثات الا ان نائب رئيس المجلس الوطني للتجارة الخارجية جيك كولفن يقول "التسمية ليست هي المهمة".

وقال كولفن لفرانس برس ان "الحوار الاقتصادي على أعلى المستويات" بشكل دوري يمكن ان يشكل "آلية مفيدة لسحب فتيل التوتر والعمل على حل الخلافات".

"انتصارات لمجرد التغريد بها؟"

ويشكك عدد من الخبراء في قدرة هذه المحادثات على دفع الصين الى فتح أسواقها بشكل أكبر، علما ان هذا الحوار، الذي يعتمد اطارا اكثر تركيزا، يعد نسخة محسنة مقارنة مع المحادثات الأميركية- الصينية في عهد الرئيس السابق باراك اوباما، والتي اعتمدت مقاربات اوسع.

ويقول سكوت كينيدي، الخبير في الشؤون الصينية في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن، ان الادارة الأميركية اختارت المواضيع الصحيحة، ومن ضمنها القدرات الفائقة وقضايا التكنولوجيا المتقدمة في السوق الصينية.

الا انه يقول "لا استطيع ان أجزم بفاعلية هذه الآلية او اية آلية اخرى". ويتابع كينيدي ان المشكلة تكمن في ان المحادثات "تقع ضمن اطار سياسة خارجية غير واضحة سواء حيال آسيا او الصين".

ويقول لفرانس برس "ما لدينا هو أعضاء تعمل بدون ترابط مع الدماغ". ونتيجة لذلك فان "المسار الذي تسلكه العلاقات في الوقت الراهن يصب في مصلحة الصين بالمحافظة على الوضع القائم ويبعد الضغوط عنها".

في المقابل حذر كينيدي من انه طالما ان "هناك في ادارة ترمب من يقبلون بانتصارات لمجرد التغريد بها (على تويتر)"، فمن المرجح "حصول مزيد من التوتر".

بدورهما يشكك الخبيران ديفيد دولار وراين هاس من مؤسسة بروكينغز، المستشاران السابقان لاوباما حول شؤون الصين، في قدرة المحادثات على تحقيق انجازات.

وكتب الخبيران على مدونتهما الثلاثاء ان ادارة ترمب "ستعتمد على الارجح السياسة نفسها للرئيسين السابقين بتملق الصين من اجل انفتاح اكبر وتفادي اتخاذ تدابير قاسية من شأنها إعاقة التعاون الاقتصادي".

وتابع الخبيران ان ذلك "سيخفف الضغوط على بكين للقيام بتنازلات على المدى القصير" ويسمح للصين باستخدام المحادثات "واجهة للايحاء بالتزام بناء".

الى ذلك، فان هدف ترمب بتقليص العجز في الميزان التجاري من المرجح ان يكون مساره طويلا، بخاصة مع استعدادات الصين للتحضير لمؤتمر الحزب الحاكم في الخريف، كما ان الخبراء يرون أن من الصعب أن تحقق المحادثات نتائج فورية.

تراجع العجز الأميركي مع الصين في مجالي البضائع والخدمات الى 309,3 مليارات دولار في 2016، ولكن، وبحسب دولار فان "الخلل مستمر في الاتساع" مسجلا زيادة نسبتها 5 بالمئة في 2017.