«إيلاف» من برلين: لا يرمي مشروع "ترشيق السيارات" الألماني إلى تقليل وزن السيارة باستخدام المواد الجديدة المتينة والخفيفة فحسب، إنما إلى ترشيق استهلاك السيارة الوقود، وتقليل انبعاث غاز ثاني أكسيد الكربون وذرات السخام منها، وزيادة سرعتها وكفاءتها من خلال تقليل مقاومة الهواء لهياكلها.

في إطار مشروع "ترشيق السيارات"، الذي تقوده جامعة كيمنتس التقنية، توصل الباحثون إلى صناعة عجلات يقل وزنها 50 في المئة عن وزن العجلات الاعتيادية. يقول العلماء إن السبيكة الجديدة صالحة لإنتاج أجزاء السيارة الأخرى، وبالتالي زيادة كفاءة السيارة وتقليل استهلاكها للوقود، من خلال تخفيف وزنها.

ذكر المهندسان تريستان تيمل وألكسندر هاكرت من جامعة كيمنتس أن وزن العجلة التي صنعاها لا يزيد على 3 كيلوغرامات، في حين أن وزن عجلة سيارة صغيرة من طراز فولكسفاغن يبلغ 6.8 كيلوغرامات. وأكد الباحثان أن العجلة الخفيفة لا تقل متانة عن العجلات الحديدية أو المصنوعة من الألومينيوم، كما إنها أطول عمرًا ولا تصدأ.

صنعت الجامعة الألمانية، بحسب تصريح هاكرت، العجلة الخفيفة من "سندويتش" يتألف من طبقتين من الألياف الكربونية (يتراوح سمك الألياف بين 5 و9 ميكروميتر)، وفي داخلها رغوة ألومينيوم جافة. وقال هاكرت إن مادة العجلة تشبه سندويش فطور يتألف من الخبز، وفيه القليل من الجبنة، إلا أنهم أضافوا نسيجًا كاربونيًا رابطًا يحفظ السندويش من التفكك.

عجلات تدور أفضل

ثبت في الورشة أن العجلة الخفيفة تدور أفضل وأسرع من العجلة التقليدية، كما إنها لا تتذبذب أو تتحرك، بحسب تصريح كلاوديا دريبنشتيدت من معهد فراونهوفر لإنتاج المكائن والأدوات الجديدة في دريسدن.

أضافت الباحثة أن مقطعًا عرضيًا في سمك المادة يظهر أنها تتألف من الملايين من فقاعات الألومينيوم المليئة بالهواء التي تمنحها المتانة اللازمة وخفة الوزن. إلا أن الإنسان لا يشاهد هذه الفقاعات بالطبع، وتبدو العجلة من الخارج متماسكة وفضية لمّاعة.

لم يجر اختبار دور العجلة في تقليل استهلاك الوقود، ولا دورها في تقليل انبعاث غاز ثاني أكسيد الكربون من المحرك، لكن هاكرت وزميله تيمل يعتبران ذلك شيئًا بديهيًا، بعدما خففا الوزن إلى النصف.

قال هاكرت إنه ينتظر مكالمات من شركات إنتاج السيارات الألمانية وغير الألمانية، وإذا تم الإتفاق مع إحدى هذه الشركات حول استخدام العجلات الخفيفة، فإن سيارات المستقبل ستتزوّد بها خلال ثلاث سنوات من الآن. وتنتظر جامعة كيمنتس أن تجذب العجلة الجديدة أنظار صناعة الطيران والفضاء، لأن هذه المؤسسات تبحث عن الخفيف والمتين في آن.

تقليل استهلاك الوقود&

يشارك في مشروع "ترشيق السيارات" أكثر من 200 باحث ألماني من مختلف المعاهد والجامعات. وقال البروفيسور يورغن تروليتش، رئيس المشروع، إن المشروع أنتج أيضًا مقاعد خلفية للسيارة من مادة جديدة خفيفة وقابلة للتدوير، خففت وزن المقعد من 3.85 إلى 1.6 كيلوغرامات، وهذا فقط خفض استهلاك السيارة الوقود، وقلل انبعاث غاز ثاني أكسيد الكربون.

وبحسب تروليتش، تخفيف وزن السيارة بنسبة 40 في المئة يقلل تكاليف صناعتها بنسبة 35 في المئة أيضًا. وتوقع أن تكون سيارة القرن الواحد والعشرين خفيفة وسريعة، ولا حاجة بها إلى وسائد هوائية، لأنها ستكون ذاتية الحركة.

طلاء أقوى من الحديد

في إطار مشروع "ترشيق السيارات"، توصل الباحثون الألمان من "معهد المواد الجديدة في زاربركن" إلى طلاء جديد "أقوى من الحديد الصلب"، سيضع حدًا لمعاناة أصحاب السيارات الذين يشكون عادة من الخدوش التي تتعرّض لها سياراتهم بفعل الحصى والريح وأعمال المشاغبين.

أفاد الباحث كارستن بيكر-فيلينجر، الذي ترأس فريق العمل، بأنه من الممكن إكساء صفيح السيارات بطبقة لا يتعدى سمكها 5 إلى 10 أجزاء من ألف جزء من الميليمتر تكفي لحماية هيكل السيارت من الخدوش.

ومعروف أن كل طبقة من طبقات طلاء السيارات يزيد سمكها عن ضعف سمك الطلاء المضاد للخدش. وسيشكل الطلاء الجديد آخر طبقة شفافة من طبقات طلاء السيارت التي تتكون عادة، حسب الشركة ونوع الطلاء، من 5 إلى 7 طبقات.

أكد بيكر-فيلينجر أن الطلاء الجديد لا يقل متانة عن الزجاج المعدني Mineral glass ويصلح، بفعل شفافيته، لطلي أو إكساء زجاج السيارات.

يتكون الطلاء الجديد، بحسب بيكر-فيلينجر، من "شبكة" ثلاثية الأبعاد من جزيئات عضوية ولاعضوية ثابتة يتم ملء عيونها (فتحات الشبكة) بوساطة جزيئات نانوية من السيراميك. وتمنح هذه الجزيئات السيراميكة المنمنمة، التي يقل قطرها 4000 مرة عن قطر شعرة رأس الانسان، المادة مواصفات جديدة لا علاقة لها بالسيراميك.


&