الرباط: يشهد البنك الدولي تنظيم لقاء حول "دمقرطة الحكامة المالية على المستوى الدولي" من تنظيم المنظمة العالمية للتنمية والشبكة البرلمانية للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي ، برئاسة وزير السياحة المغربي السابق، عضو مجلس النواب المغربي لحسن حداد.

 وقال حداد أن الهدف من هذا اللقاء الذي عقد على هامش الاجتماعات الدورية لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي ، هو التداول حول ما إذا كان نظام الحكامة الاقتصادية الدولية الحالي مناسب في عالم أصبحت فيه التحديات متشابكة ومعولمة بشكل كبير، وهو التحول الذي أصبح أكثر وضوحا خلال الأزمة المالية الأخيرة والأزمات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي نتجت عنها. 

وبينما يظن البعض، يضيف حداد، أنه بالرغم من الخطوات في الاتجاه الصحيح التي تم اتخاذها فإن نظام الحكامة يبقى دون مستوى التحديات والمشاكل التي تواجه العالم، فإن البعض الآخر يؤكد على أن نظام الحكامة الاقتصادية غير ديمقراطي وممركز رغم التحولات التي عرفها العالم فيما يخص توازن القوى الاقتصادية بين دول الشمال ودول الجنوب. 

وذكر حداد ان الاعتبارات الوطنية والسيادية ما زالت تتحكم في عمل مؤسسات من المفترض فيها أن تدبر نظاما يتعدى الاعتبارات الوطنية، مشيرا الى ان مجموعة العشرين مثلا لا يمكن لها الضغط على الدول الغنية من أجل التقليص من العجز في الميزانية ولا على دول الجنوب فيما يخص التحول إلى نظام صرف معتمد على السوق، لأن المصالح الوطنية والسيادية ما زالت تحكم نظرة الدول الفاعلة في الحكامة على المستوى الدولي. 

وطرحت الندوة عدة أسئلة من قبيل من يضمن الاستقرار الاقتصادي والمالي الدولي؟ هل مجموعة السبعة؟ أو مجموعة العشرين؟ هل يمكن لمجموعة العشرين أن تلعب دورا أكبر عبر مقاربة أكثر إدماجا لجميع الفاعلين؟ هل لها الوسائل المناسبة للريادة وقيادة العالم نحو نظام أكثر عدلا؟ 

وماذا عن المنظمة العالمية للتجارة؟ هل يمكن تقوية دورها في التحكيم فيما يخص القضايا التجارية الكبرى والحفاظ على تدفق عادل للسلع والخدمات في إطار توجه مضطرد نحو اندماج أكبر للاقتصاد العالمي.

يذكر ان الدكتور حداد هو عضو في مجلس إدارة الشبكة البرلمانية حول البنك الدولي وصندوق النقد الدولي ونائب رئيس المنظمة العالمية للتنمية . ودعي للمساهمة في الندوة الدكتور هليتون روت أستاذ السياسات العمومية بمدرسة سكار للسياسة العمومية والحكامة التابعة لجامعة جورج مايسون بأرلينتون(فرجينيا)، و الدكتور ستيفانو براتو المدير التنفيذي للمنظمة العالمية للتنمية ، والدكتور مانوشهر مختاري استاذ الاقتصاد بجامعة ماريلاند ، والدكتور كانيشكا سينات بالاسوريا خبير في الحكامة المحلية والانخراط المواطناتي بالبنك الدولي. 


وتناول ستيفانو براتو مفارقة نمو الاقتصاد العالمي وتنامي التحديات التنموية ، مبرزا التحولات التي يجب أن تحدث على مستوى الحكامة والتدبير والتبادلات التجارية ووضع الأولويات من أجل الوصول إلى حكامة متجددة تساعد على خلق تعاضد أكثر على مستوى التعاون الضريبي ، وعلى مستوى إيجاد حلول لتنامي المديونية على المستوى الدولي. 

أما هيلتون روت فقذ تناول مفهموم "المواطن الكوني" وكيف أن مقولة الطبقة المتوسطة الموحدة على المستوى الدولي والضامنة للاستقرار والازدهار تواجه تحديات كبرى. وهذا يتم في وقت تم بموجبه تقويض تفوق الغرب كمصدر للسلطة والمال مع تنامي دور الصين ودول البريكس. لهذا فهيلتون يقول "بتعدد المراكز" كمعطى جديد يجب أخذه بعين الاعتبار فيما يخص الحكامة الاقتصادية والمالية على المستوى الدولي. لهذا، يجب التركيز على الخوف المتزايد من الأخطار الكونية كالهجرة والحروب والإرهاب والتغيرات المناخية والجريمة المنظمة والتي ولدت نوعا من الانطواء ساهم في تنامي النزعة الحمائية والانغلاق على النفس. 

أما مانوشهر مختاري فركز على مفهوم المصلحة العامة في بعدها الكوني والتي تستلزم حكامة كونية أو ما يسميه "الحكم من دون سيادة" أو "السيادة الدولية المشتركة".

ويقول مختاري أنه مع تنامي المخاطر والتي ستضر بالدول النامية أكثر من غيرها فإن مقاربة جديدة أصبحت ملحة تقتضي إشراكا أكبر لكل من يهمهم الأمر وإعادة نظر متجددة للأدوار في إطار من المسؤولية والمساءلة المشتركة. 

ومن جهته ، قال بالاسوريا ان دمقرطة الحكامة الدولية غير ممكنة، وأن إعادة خلق القطبية في إطار تقييم دور الفاعلين الجدد هو أمر أكثر واقعية وقابل للتحقيق.

يشار الى أن هذا اللقاء يأتي في إطار سلسلة من اللقاءات والمحاضرات دشنت لها المنظمة العالمية للتنمية بقيادة رئيسها لاري كولي ونائب رئيسها حداد من أجل إعادة طرح إشكالية العولمة وقضايا الحمائية والحروب التجارية لإيجاد مجموعة من التوصيات والاقتراحات سيتم التفاعل بشأنها مع دول العشرين ومنظمة الأمم المتحدة ونادي مدريد للرؤساء ورؤساد الحكومات السابقين ونادي دافوس وغيرها من أجل اعتماد رؤية مشتركة لعولمة متجددة أكثر عدلا وأكثر تجاوبا مع قضايا مواطني الشمال ومواطني دول الجنوب على حد سواء.