بروكسل: كشف الاتحاد الأوروبي الاربعاء عن مشروع موازنة أكبر من السابق تبلغ قيمتها 1,279 ترليون يورو لمدة سبعة أعوام لما بعد بريكست، الا انها تتضمن تخفيض تمويل الأعضاء الذين تفشل مؤسساتهم الحكومية في احترام أسس دولة القانون. 

وقال رئيس المفوضية الاوروبية جان كلود يونكر إن الاقتراحات "منطقية ومسؤولة" لكن فكرة إنفاق مزيد من الأموال تلاقي معارضة من عدة دول. 

وبالتوازي، أثار اقتراح "تعليق أو خفض أو تقييد" التمويل للدول المنحرفة عن معايير التكتل، غضب كل من بولندا والمجر اللتين واجهتا انتقادات شديدة من بروكسل بشأن الحريات الديموقراطية فيهما. 

وقال يونكر أمام البرلمان الأوروبي "نقترح آلية جديدة ستسمح بحماية الميزانية بناء على المخاطر الناجمة عن القصور في دولة القانون". 

وستترك بريطانيا، المساهمة في الميزانية التي تغادر الاتحاد الأوروبي رسميا في 2019، فجوة في حسابات التكتل قدر يونكر قيمتها بـ15 مليار يورو. لكن الاتحاد الأوروبي يحتاج كذلك إلى مزيد من الأموال من أجل مشاريع طموحة لتوحيد بقية دوله الاعضاء الـ27. 

وقال المفوض المكلف الموازنة غونتر اوتينغر ان الدول الاعضاء ستدفع 1,114 بالمئة من إجمالي ناتجها الداخلي السنوي بموجب الخطة، مقارنة بـ1% تدفعها بموجب الميزانية الحالية التي تغطي الفترة من 2014 حتى 2020 والبالغة قيمتها ترليون يورو. 

وذكرت المفوضية أن الضرائب على الانبعاثات الكربونية والنفايات البلاستيكية والشركات قد تساهم بـ22 مليار يورو سنويا أو 12 بالمئة من إجمالي ايرادات الميزانية.

ورحبت المانيا بزيادة ميزانية الاتحاد الاوروبي، واعلنت حكومتها في بيان ترحيبها ب"هذه الخطوة الاولية المهمة" للرد على التحديات التي تواجه الاتحاد الاوروبي، واعربت عن استعدادها "لتحمل مسؤوليات اكبر" بما يخدم تعزيز دور الاتحاد الاوروبي.

اقتطاعات رئيسية

وبين الاقتطاعات الرئيسية المقترحة خفض بنسبة خمسة بالمئة يستهدف "السياسة الزراعية المشتركة"، القطاع الذي ينفق عليه الاتحاد الأوروبي بشكل أكبر والمهم بالنسبة لفرنسا، المنتجة الأساسية زراعيا. 

وتتضمن الاقتراحات كذلك خفض التمويل لما يعرف بـ"صناديق التضامن" التي تعد دول الاتحاد السوفياتي سابقا في أوروبا الشرقية الجهات الأكثر استفادة منها. 

وفي المقابل، تريد المفوضية الأوروبية زيادة الانفاق على الاقتصاد الرقمي والأبحاث والدفاع وحماية حدود التكتل من التدفق الكبير للمهاجرين ليشمل ذلك وفق ما كشف مصدر أوروبي زيادة عدد عناصر قوة "فرونتيكس" الحدودية بخمس مرات لتضم نحو 6000 شخص. 

وتتحضر دول كالنمسا وهولندا والدنمارك للوقوف في وجه أي مطلب لزيادة مساهماتهما الوطنية في حين ذكرت فرنسا وألمانيا أنهما على استعداد لدفع المزيد. 

وقال رئيس الوزراء الدنماركي لارس لوكي راسموسن في تغريدة إن "اتحادا أوروبيا أصغر يجب أن يعني ميزانية أصغر!" حيث سيصبح عدد أعضاء التكتل 27 بعد خروج بريطانيا. 

ويرجح أن تصطدم الخطة بمواجهات على عدة جبهات أخرى.

فأولا، وارسو وبودابست المنخرطتان في نزاع مع بروكسل بشأن المعايير الديموقراطية ورفضهما استقبال اللاجئين، تعارضان أي محاولة لوضع شروط على المليارات التي تحصلان عليها كتمويل من التكتل. 

"ضغط سياسي"

ويرى البلدان في ذلك محاولة لمعاقبتهما بشكل غير مباشر في تحركات على غرار اجراءات غير مسبوقة أطلقتها بروكسل قد تؤدي إلى فرض عقوبات على بولندا على خلفية إصلاحات الأخيرة القضائية. 

وقال يونكر إن "احترام دولة القانون هو شرط لا غنى عنه للإدارة المالية السليمة والتطبيق الفعال للميزانية". 

لكن نائب وزير الخارجية البولندي للشؤون الاوروبية كونراد زيمانسكي قال في وقت سابق "لن نقبل بالآليات التعسفية التي تجعل من التمويل أداة ضغط سياسي".

وثانيا، يرجح أن تعارض دول أوروبا الشرقية كذلك الاقتطاعات من "صناديق التضامن" بشكل عام ومطالب الدول الجنوبية مثل اسبانيا وايطاليا اللتين تعرضتا لازمة اقتصادية بإعادة توجيه بعض هذه الأموال. 

وأما ثالثا، فيتوقع أن يحتج المزارعون في فرنسا على أي محاولة للاقتطاع من "السياسة الزراعية المشتركة" لانهم المستفيدون الأكبر منها. 

وسارعت وزارة الزراعة الفرنسية الى اصدار بيان جاء فيه ان فرنسا "لا يمكنها ان توافق على اي خفض للعائدات المباشرة الخاصة بالمزارعين" معربة عن الاسف "للخفض الكبير والعشوائي" للتمويل.

ويستحوذ صندوق الزراعة على 37 بالمئة من تمويل التكتل فيما يخصص لـ"صناديق التضامن" 35 بالمئة من ميزانيته. وبالتالي، قوبلت مساعي بروكسل لإقرار الميزانية قبل انتخابات البرلمان الأوروبي المقبلة في أيار/مايو 2019 برد بارد. 

وقال اوتينغر في هذا السياق "لا يمكننا أن نخسر سنة"، في إشارة إلى أن ميزانية 2014-2020 استغرقت عامين ليتم تمريرها. 

وتشير دول الاتحاد الأوروبي إلى أن إقرار الميزانية في أيار/مايو العام القادم يعد أمرا "مستحيلا" نظرا للانقسامات بين الشرق والغرب والشمال والجنوب حيث تخشى الدول من انفاق المزيد في وقت يشهد تناميا للنزعات الشعبوية. 

وقال مصدر دبلوماسي لوكالة فرانس برس إن "هذه المفاوضات تستغرق عادة عامين".