اشتعلت الخلافات بين الدكتور طارق شوقي وزير التربية والتعليم، ولجنة التعليم والبحث العلمي في مجلس النواب؛ احتجاجًا على القرض الذي يعتزم الحصول عليه من صندوق النقد لتطوير البنية التعليمية، مما دفعه إلى وصف الرافضين بأنهم "لا يفهمون ولديهم أغراض شخصية".

إيلاف من القاهرة: يبلغ قيمة القرض 500 مليون دولار، ويشترط صندوق النقد لمنحه إلى مصر، مراقبة العملية التعليمية ووضع شروط مجحفة عليها، وهو ما قبلته الوزارة بالفعل، في الوقت الذي يرفضه قطاع كبير من مجلس النواب، وخاصة لجنة التعليم والبحث العلمي، المنوطة بمناقشة قرض صندوق النقد الدولي، والتي يحاول وزير التربية والتعليم تطبيقه في مطلع العام المقبل.

مجتمع الابتكار
وقال الدكتور طارق شوقي وزير التربية والتعليم، والتعليم الفني: "إن أوجه إنفاق قرض صندوق النقد الدولي تشمل 12 مؤشرًا لقياس تدريب المعلمين والتقييمات الوطنية وهيكلة المركز القومي للامتحانات واستخدام التكنولوجيا في التقييم". أضاف في تصريحات له أن الرئيس السيسي وافق علي مشروع التعليم الجديد، على الرغم من أن ثماره لن تجنى في عهده.

تابع: "إن شهر سبتمبر 2018 يمثل إشارة البدء لمسيرة أبنائنا الطلاب تجاه كونهم أكثر استعدادًا لمواجهة الحياة، ويسعدنا أن يشاركنا البنك الدولي في هذه المسيرة، فهدفنا هو أن نزوّد الطلاب بالكفاءات التي يحتاجونها لإقامة مجتمع يتعلم ويفكر ويبتكر".

وقعت الحكومة المصرية والبنك الدولي في واشنطن يوم 21 أبريل 2018 اتفاقية بمقتضاها يتم قرض وزارة التربية والتعليم المصرية بقيمة 500 مليون دولار لمصلحة مشروع دعم إصلاح التعليم في مصر، والذي يهدف إلى تحسين ظروف التدريس والتعليم في المدارس الحكومية.

دعم الإصلاحات
وقع الاتفاقية عن الجانب المصري الدكتورة سحر نصر، وزيرة الاستثمار والتعاون الدولي، وعن البنك الدولي الدكتور أسعد عالم، المدير الإقليمي المسؤول عن اليمن ومصر وجيبوتي، وذلك على هامش اجتماعات الربيع لمجموعة البنك الدولي وصندوق النقد الدولي. حضر مراسم التوقيع أيضًا الدكتور طارق شوقي وزير التربية والتعليم والتعليم الفني، والدكتور حافظ غانم ، نائب رئيس البنك لشؤون منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

ويهدف المشروع (الذي يستمر خمس سنوات) إلى الإسهام في دعم إصلاحات قطاع التعليم في مصر، وذلك من خلال التوسع في إتاحة التعليم بتطبيق معايير الجودة في رياض الأطفال لنحو 500 ألف طفل، وتدريب نحو 500 ألف من المعلمين والمسؤولين في وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني، وفي الوقت عينه إتاحة موارد التعلم الرقمية لما يبلغ 1.5 مليون طالب ومعلم، علاوة على ذلك سيستفيد أكثر من مليوني طالب وطالبة من النظام الجديد لتقييم الطلاب والامتحانات.

كما يهدف المشروع إلى إعادة عملية التعلُّم إلى الفصل الدراسي من خلال التوسع في إتاحة التعليم في مرحلة الطفولة المبكرة وتحسين جودته. وضْع نظام موثوق به لتقييم أداء الطلاب والامتحانات وتنمية قدرات المعلمين والمديرين التربويين والموجهين واستخدام التقنيات الحديثة في التدريس والتعلُّم، وتقييم الطلاب، وجمع البيانات، وكذلك التوسع في استخدام موارد التعلُّم الرقمية.

تأخير بدء الامتحانات
وأعلنت وزارة التربية والتعليم عن طرح نظام تعليم جديد سيطبق مع بداية العام الدراسي الجديد 2018/2019، وتقوم خطة الوزير لتطوير التعليم على عمل خطة (أ) وخطة (ب)، الأولى طويلة المدى، وتبدأ من العام المقبل حتى عام 2030، وتشمل كل المراحل التعليمية، بدءًا من مرحلة رياض الطفولة، بينما الثانية تقوم على تغيير نظام الثانوية العامة لتكون 3 سنوات بدلًا من عام واحد، كما هو مطبق في السنوات الأخيرة، الأمر الذي يرفضه أعضاء مجلس النواب.

يطبق نظام التعليم الجديد على المدارس الحكومية العربية والأجنبية، حيث تقرر بدء تطبيقه على طلاب رياض الأطفال والأول الابتدائي في العام المقبل في نوعيات المدارس المختلفة التي تمنح الشهادة المصرية، ويتميز النظام الجديد بعدم وجود امتحانات حتى الصف الثالث الابتدائي، إضافة إلى دراسة المناهج في بوتقة واحدة بعد دمجها، مع احتفاظ بعض المواد مثل اللغة الإنجليزية والتربية الرياضية والدينية بصفتها مادة منفصلة، إضافة إلى ترجمة المناهج من قبل الوزارة لهذه المدارس، وأيضًا تدريب المعلمين وتقسيم المناهج والمقررات الدراسية إلى 4 مجالات هي "مجال اللغات والفنون ومجال العلوم والتكنولوجيا ومجال التربية الشخصية والاجتماعية والبدنية".

على الجانب الآخر، يقف أعضاء مجلس النواب بشدة ضد إشراف صندوق النقد الدولي على تطوير العملية التعليمية في مصر، وأعلن نواب لجنة التعليم والبحث العلمي في البرلمان رفضهم قبول قرض الـ"500" مليون دولار، مؤكدين أن قرض الصندوق ( الذي تعتزم وزارة التربية والتعليم الحصول عليه) يفترض عرضه على مجلس النواب لمناقشته أولًا، ومن الممكن بشكل كبير أن يتم رفضه بطريقته الحالية، خاصة مع رفض مجموعة كبيرة من نواب البرلمان لخطة وزير التربية والتعليم بشأن تطوير التعليم وكذلك قرض الصندوق، باعتباره يحقق انتكاسة للنظام التعليمي عامة.

تدخل مرفوض
وأكد الدكتور جمال شيحة، رئيس لجنة التعليم في مجلس النواب، أن مصر ليست في حاجة إلى قرض صندوق النقد الدولي المقدم من أجل تطوير منظومة التعليم في مصر بقيمة 500 مليون دولار، معتبرًا أن ذلك تدخل خارجي مرفوض.

وقال رئيس لجنة التعليم: "إن صندوق النقد يضع شروطًا مجحفة في سبيل إقراض مصر هذا المبلغ، كما إن الاتفاقية نفسها التي وقعت بين الحكومة المصرية وصندوق النقد فيها العديد من السلبيات قد لا تؤدي في النهاية إلى أي نوع من التطوير كما تتحدث الحكومة ووزارة التربية والتعليم".

لم تنفع من قبل
أضاف الدكتور جمال شيحة أن مصر تحصل على قروض خارجية منذ عهد نظام مبارك، ورغم ذلك لم نر تطورًا حقيقيًا في منظومة التعليم، فالحكومة لم تستفد من المعونة التي تدعمها الوكالة الأميركية للتنمية الدولية لقطاع التعليم المصري 1975 حتى 2009، والمقدرة بمبلغ 1.14 مليار دولار أميركي، وكانت مخصصة لتطوير العملية التعليمية من خلال تدريب المعلمين وتوفير المكتبات المدرسية في المدارس الابتدائية على مستوى الجمهورية، إضافة إلي توفير تكنولوجيا المعلومات، وبناء المدارس في المناطق الريفية النائية ذات الكثافة السكانية العالية، ومحو أمية الكبار، والأنشطة الرامية إلى تنمية الطفولة المبكرة. وهو الغرض نفسه الذي ستنفق عليه قيمة القرض (500 مليون دولار) من صندوق النقد الدولي.

في السياق عينه رفضت ماجدة نصر، عضو لجنة التعليم والبحث العلمي في مجلس النواب، قبول قرض صندوق النقد الدولي، مؤكدة أنه لن يؤدي إلى نقلة نوعية في تطوير التعليم في المدارس، كما تزعم وزارة التربية والتعليم، مشيرة إلى أن "تطوير العملية التعليمية يكون عن طريق موازنة الدولة بعيدًا عن القروض الخارجية التي تتم بهدف التدخل في الشأن الداخلي، سواء في منظومة التعليم أو غيرها"، مطالبة وزارة التربية والتعليم بوضع خطط حقيقية تعتمد على التمويل الذاتي.