كان الطريق إلى الثورة مفاجئا واستثنائيا بالنسبة للمليونير سيمون ديلان. فقد بدأ استثماره بإعلان في صحيفة محلية بقيمة 10 جنيهات استرلينية يعرض فيها خدمات المحاسبة.

ولكن هذا الإعلان الصغير غير حياته إلى الأبد.

كان دولان حينها يبلغ من العمر 22 عاما، يعيش على المساعدات الاجتماعية منذ 15 شهرا، بعدما فقد عمله ورخصة القيادة بسبب مخالفة القيادة تحت تأثير الكحول فغرق في الديون والقلق.

ولكن الإعلان أثمر عن زبون: "اتصلت بي زبونة بعد ثلاثة أسابيع، وأنجزت لها الحسابات، ثم وضعت إعلانا ثانيا، وهكذا دواليك".

عمل دولان محاسبا من طاولة في مطبخ بيته لمدة 5 أعوام، ثم فتح في 1997 أول فرع لشركة المحاسبة أس جي دي في منطقة بركهامستيد، 26 كيلومترا شمال غربي لندن. وتطورت الشركة بسرعة البرق لتصبح رائدة في سوق محاسبة المقاولات.

"أكبر فأكبر"

وتوالت الصفقات وتزايدت الأرباح وتعززت قيمة الشركة وأسهمها في السوق، إذ وصل عدد زبائنها في 2014 أكثر من 14500 زبون، بأرباح 20 مليون دولار. وباع ديلان شركته في صفقة قيمتها 100 مليون دولار.

وبما أنه المالك الوحيد للشركة فقد حصل على 81 مليون دولار، ولكنه يحرص على التوضيح أن النجاح الذي حققه جاء تدريجيا.

ويرى إن نمو الشركة مصدره هو العمل دائما على تحقيق نتائج أكثر من الشهر السابق.

"حققت أرباحا بقيمة 800 جنيه استرليني، ثم 1000 جنيه استرليني، فإذا استمرت هذه العملية لسنوات فإن الشركة ستكبر وتكبر".

ولكن نجاح الشركة واجه صعوبات، فقد حاول بعض الموظفين اختلاس مبالغ مالية من 10 آلاف جنيه إلى 60 ألف جنيه، ولكن لا أحد أفلت من العقاب، حسب دولان. كانت الشركة توظف أكثر من 200 شخص، ولابد أن هناك من تسول له نفسه السرقة.

طيش الشباب

وتعد قصة نجاح دولان أكثر غرابة إذا عرفنا أنه طرد من المدرسة وعمره 16 عاما، لأنه كان، على حد تعبيره، يطرح "أسئلة غريبة".

ويصف المستثمر نظام التعليم في انجلترا اليوم بأنه "عدم الفائدة وغير عملي"، وينتقد دفع الشباب المستمر إلى الجامعة من أجل الحصول على وظائف جدية.

ويقول: "بالنسبة لي أنظر دائما إلى الجانب العملي للأشياء، وإذا لم أجد هذا الجانب العملي فإنني لا أنجذب إلى الأمر".

وكانت النشاطات التي قام بها خارج المدرسة هي التي غذت حسه للأعمال. فقد عمل في توصيل الصحف في سن العاشرة، وعندما بلغ 13 عاما كان يبيع بطاقات اليانصيب.

ويقول إنه كان دائما مولعا بالأرقام: "كنت في الابتدائي جيدا في الرياضيات، ومن ذلك جاء الاهتمام بالأموال".

سباق السيارات

وتوجه دولان إلى الاستثمار في سباق السيارات، وأنشأ فريق جوتا سبورت عام 2008، بعدما أهدته زوجته في عيد ميلاده تجربة يوم في قيادة سيارات السباق.

وقد حل دولان رفقة زميلين آخرين في المركز الخامس في سباق سيارات بمدينة لومون في فرنسا عام 2014. وازدهر استثماره في سباق السيرات أيضا وحقق مبيعات بقيمة 8 ملايين جنيه استرليني العام الماضي، وأرباحا بنحو 500 ألف جنيه.

ويملك دولان أيضا جوتا للملاحة الجوية وهو شركة طيران مقرها في مطار ساوث إند.

وعاد في سبتمبر/ أيلول الماضي إلى مجال المحاسبة وأسس شركة دولان للمحاسبة بالشراكة مع زملاء عمل سابقين. وتحقق الشركة نجاحا مشابها لما حققته شركته الأولى أس جي دي.

مصاعب السوق

ولكن الخبيرة في المحاسبة، إيما سميث، تقول إن السوق يواجه تحديات كبيرة وعلى دولان أن يكون يقظا: "التشريعات والشروط الجديدة تؤرق العاملين في قطاع المحاسبة، ولكن أكبر التحديات ربما هي التكنولوجيا".

وعلى الرغم من النجاح الذي حققه يعترف دولان أن الكثير من أفكاره الاستثمارية فشلت، ومن بينها إطلاق شركة عرض أزياء.

يقول عن المشروع: "كان استثمارا صغيرا، ولكنني كنتى أعرف لن ينجح أبدا".

ويرى أن أكبر فشل بالنسبة له كان إطلاق "علامة تجارية لأحد العطور"، وقال "المشروع يأخذ وقتا طويلا، ولكن إذا نجح فإنه سيكون مربحا، وما حدث معي أنني لم أوليه اهتماما كافيا".