رحّبت اليونان الجمعة بالاتفاق "التاريخي" الذي توصلت إليه منطقة اليورو معلنة انتهاء ثماني سنوات من أزمة الديون، وأشاد رئيس وزرائها ألكسيس تسيبراس بالحدث "التاريخي" مرتديًا ربطة عنق للمرة الأولى مع تأكيده الاتجاه نحو المزيد من العدالة الاجتماعية.

إيلاف: أبرم الاتفاق الذي يشمل تخفيفًا كبيرًا لمرة أخيرة لديون أثينا ليل الخميس الجمعة إثر اجتماع لوزراء مالية منطقة اليورو استمر أكثر من ست ساعات في لوكسمبورغ.

يهدف الاتفاق إلى تمكين اليونان، كما هو مقرر، من الخروج من وصاية دائنيها، منطقة اليورو وصندوق النقد الدولي في 20 أغسطس.

وقال رئيس الوزراء اليوناني ألكسيس تسيبراس: "لقد توصلنا إلى اتفاق تاريخي في مجموعة اليورو بالأمس حول ديون اليونان"، ساعيًا مع ذلك إلى الواقعية من خلال تاكيده أنه "تكتب صفحة جديدة، لكن يجب أن نخرج عن طريق الإصلاحات والجهود في الموازنة".

ظهر تسيبراس اليساري المتشدد، الذي كان يرفض وضع ربطة عنق طالما بقيت بلاده تحت رحمة دائنيها، للمرة الأولى بربطة عنق مساء الجمعة أمام نواب ائتلافه أثناء خطاب بدا فيه متاثرًا جدًا في وسط أثينا. لكنه عاد ونزع ربطة العنق عند انتهاء الخطاب قائلًا إن الشعب اليوناني "كسب معركة، ولم يكسب الحرب"، وإنه لن يرتدي ربطة عنق إلا عند إحراز نصر جديد.

عدم العودة إلى يونان الأمس
وشدد تسيبراس على الاستمرار في النهج الجدي، مؤكدًا "يجب ألا نعود إلى يونان الأمس، حيث كان الفساد معممًا، والنفقات بلا حدود". وأظهر تسيبراس، الذي كثيرًا ما يتهمه اليسار بالخيانة، إنه يرغب في الحكم وفق مبادئه. وقال إن نهج "التقشف سيعوّض شيئًا فشيئًا بالعدالة الاجتماعية" واعدًا بخفض الضرائب في 2019 و"بعودة تدريجية للدولة الاجتماعية (...) والاتفاقيات المشتركة ورفع الحد الأدنى للأجور".

لكن وسائل إعلام ومحللين حذروا من الإفراط في التفاؤل قائلين إن احترام التزامات الموازنة الواردة في الاتفاق سيتطلب تطبيق قواعد صارمة جدًا. كما إن البلاد ستبقى خاضعة لمراقبة مشددة من الجهات الدائنة حتى 2022.

وكتبت صحيفة المعارضة "تا نيا" إنه "سيكون خطأ رهيبًا التوهم بأن نهاية برامج المساعدة تعني عودة إلى الوضع الطبيعي"، مضيفة "ستلي ذلك مراقبة مشددة لم تشهدها أي دولة أخرى" بعد مثل هذه البرامج. وكان وزراء مالية منطقة اليورو اتفقوا في لوكسمبورغ في وقت مبكر الجمعة على سبل خروج اليونان من برامج المساعدة التي تستفيد منها منذ ثماني سنوات وكذلك إجراءات تخفيف ديونها.

وقال المفوض الأوروبي للشؤون الاقتصادية بيار موسكوفيسي إن "أزمة اليونان تنتهي هنا، هذه الليلة. وصلنا أخيرًا إلى نهاية النفق الذي كان طويلًا جدًا وصعبًا. إنها لحظة تاريخية". وأشاد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بـ "انطلاقة جديدة لهذا البلد الصديق الذي تدعمه فرنسا كثيرًا"، ورأى في الاتفاق دليلًا على أنه "رغم الصعوبات أوروبا تتقدم".

تهانِ يا رفاق
ووافق الاوروبيون الجمعة على تمديد استحقاق تسديد قسم كبير من ديون اليونان لمدة عشر سنوات، رغم أن مستواه يبقى الأعلى في الاتحاد الأوروبي (180% من إجمالي الناتج الداخلي) ما سيتيح لليونانيين عدم البدء بتسديد قسم من الديون سوى اعتبارًا من 2032 بدلًا من 2022 كما كان قائمًا حتى الآن.

كما اتفق الوزراء على دفع آخر شريحة من المساعدة، وتبلغ 15 مليار يورو مقابل 88 من الإصلاحات التي أنجزتها اليونان في الأسابيع الماضية. ومن أصل هذا المبلغ، 5.5 مليارات مخصصة لخدمة الدين، و9.5 مليار "لشبكة أمان مالية" وأكثر من 24 مليار يورو للأشهر الـ22 التي ستلي خروج اليونان من البرنامج.

وإثر ضغوط مارستها ألمانيا، ستبقى بعض إجراءات تخفيف الديون مشروطة بمواصلة آخر الإصلاحات، وبعضها سيمتد على أشهر عدة. لكن أثينا ستكون اعتبارًا من خروجها من برنامج المساعدات في أغسطس وحتى العام 2022 تحت مراقبة مشددة من جانب الأوروبيين، وستكون المراقبة أشدّ حتى من تلك التي فرضت على البرتغال وقبرص وإيرلندا.

وأعلن الأوروبيون أيضًا أنهم سيستعرضون وضع الديون اليونانية عام 2032 ويتفقون إذا لزم الأمر على إجراءات تخفيف جديدة.

وأعلنت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستين لاغارد، التي كانت حاضرة في لوكسمبورغ الجمعة، أن الصندوق الذي شارك ماليًا في أول برنامجين يونانيين، لن يشارك في الثالث، لكنه سيبقى ضالعًا في مراقبة ما بعد برنامج الخروج.

وحصلت اليونان خلال ثماني سنوات على مساعدات تزيد على 273 مليار يورو من دائنيها، منطقة اليورو وصندوق النقد الدولي، وزعت على ثلاثة برامج مساعدات. في المقابل، اضطر اليونانيون إلى تطبيق مئات الإصلاحات التي غالبًا ما كانت مؤلمة، وكان هدفها بشكل أساسي تصحيح المالية العامة.

وبلغ إجمالي الناتج الداخلي 1.4% عام 2017. ومن المتوقع أن يرتفع إلى 1.9% خلال هذه السنة، و2.3% في السنة المقبلة. كما باتت اليونان تسجل فائضًا في الميزانية بنسبة 0.8% بعد عجز بلغ 15.1% عام 2009.